عواقب نتائج سلبيات التضخم
    يعتبر التضخم من أهم الظواهر السلبية التي برزت في العصر الحديث على الرغم من إن ظاهرة ارتفاع الأسعار وتآكل القوة الشرائية للنقود هي ظاهرة قديمه قدم الأزل، إلا أن تطور مفهوم النقود، وتنوع وسائط ووسائل التبادل، ولجوء العديد من المصارف المركزية لتمويل الأنفاق العام من خلال خلق النقود، وحركة رأس المال الدولية، جميعها ساهمت في إبراز ظاهرة التضخم.
   وعموما فإن جميع الدراسات التطبيقية تشير إلى وجود علاقة عكسية بين التضخم والنشاط الاقتصادى. فمعدلات التضخم المرتفعة تخفض النمو في الناتج والاستهلاك والاستثمار والتوازن الحقيقي، ومعدلات الأجور الحقيقية.

 الآثار السلبية للتضخم على دولة الإمارات .
1-  إعادة توزيع الدخل:
    أحد التأثيرات الهامة للتضخم في المجتمع يتمثل في إعادة توزيع الدخل لغير صالح الفئات الفقيرة والمتوسطة ويحدث هذا التأثير نتيجة لوجود تباين في مدى السرعة التي يستطيع فيها أصحاب الدخول المختلفة التكيف مع ظاهرة ارتفاع الأسعار. وعموما فإن أصحاب رأس المال والذين يعيشون على الريع (الإيجارات من العقارات والأراضي، أو الذين يحصلون على حقوق امتياز ثابتة) فإن هذه الفئات هي الأكثر قدرة على التكيف السريع مع المتغيرات في المستوى العام للأسعار في الدولة. وبالمقابل فإن ذوى الدخول المحدودة وأصحاب المعاشات والمتقاعدين والذين يعتمدون على مساعدات الضمان الإجتماعى تتحدد دخولهم بشكل مسبق. ولذا فإن ظاهرة التضخم تؤدى إلى تآكل القوة الشرائية لدخولهم.
وعموما فإن تكلفة التضخم تقع بدرجة أكبر على عاتق الفقراء لأنهم يفتقرون إلى الثروة التي تمكنهم من تنويع أصولهم وتحويلها إلى  أصول لا تتأثر بالتضخم. وبذلك يكون التضخم من أقصى الضرائب               جميعها وأشدها تصاعدا.
وأخيرا فإن كافة هذه الانعكاسات السلبية للتضخم تهتم  في نهاية المطاف في إيجاد انعكاسات اجتماعية سلبية كونها تضعف القدرة الشرائية للأسرة والأفراد القاطنين في الدولة، وما سيتبع ذلك من صعوبات في توفير الموارد المالية اللازمة لبناء الأسرة وتلبية حاجاتها، هذا عدا عن العوامل النفسية غير الصحية التي يولدها هذا الأمر.

2- تأكل قيمة المدخرات وخفض الأجور الحقيقية :
     للتضخم تأثير كبير على الاتجاه للادخار في المجتمع، والذي يعتبر حجر الزاوية في أية تنمية حقيقية، إذ أن الادخار هو الوسيلة الفعالة لزيادة ثروة الأفراد وتعزيز اتجاهات الاستثمار والأفراد الذين يحتفظون بثرواتهم على شكل أصول مالية ونقدية مختلفة مثل أصحاب الودائع في البنوك وأصحاب ودائع التوفير، هؤلاء جميعا سيشهدون تدهورا في قيمة أصولهم المالية وفى ثروتهم.
     وتشير الدراسة إلى أن معدل الادخار غير الحكومي في الإمارات خلال الفترة من (2004-2005) لم يتجاوز بنسبة %15 ، وقد أظهرت الدراسة أن الكثير من الوافدين في دول الخليج وخاصة في الإمارات يعجزون عن الادخار وعلى سبيل المثال في الإمارات %46 من الوافدين عاجزين عن الادخار , وبالتالي بدأت عوامل الجذب العاملين تتناقص بشكل كبير في دولة الإمارات وهذا يشكل خطرا لهذه الدولة التي تعتمد كثيرا على العمالة المستوردة لنموها الاقتصادي، إضافة إلى ذلك فإن تآكل القدرة الشرائية للرواتب والأجور يؤثر سلبيا على قدرة الدولة في استقطاب الكفاءات في سوق العمل والتي تعتبر ضرورية على كافة مستويات العمالة، سواء على مستوى الإدارة أو العمالة الماهرة في القطاع الصناعي والإنتاجي. وبالفعل تشير التقديرات في الإمارات إلى أن الكثير من هذه العمالة باتت غير قادرة على التكيف في حال ارتفاع الإيجارات وأسعار كثير من السلع والخدمات الأخرى.
    وللتضخم تأثير كبير على مستويات الأجور الحقيقية، ومن المعلوم أن نمط تقسيم الوقت بين العمل والراحة  يعتمد على الدخل الحقيقي الذي يحصل عليه الفرد مقابل الجهد الذي يبذله، وارتفاع معدلات التضخم ستؤدى إلى انخفاض الأجور الحقيقية للفرد، ومن ثم لن يؤدى عمله بنفس الأداء المعتاد، وبالطبع يؤدى هذا بدوره إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالي.

3-  التأثير السلبي على ألاستثمارات والتنويع الاقتصادي بدولة الإمارات :
     قد يؤثر التضخم على تنافسية الصادرات غير النفطية وينعكس سلبا على مساعي الدولة في مجال التنويع الاقتصادي لأنه يتوجب على المستورد الأجنبي أن يدفع كمية أكبر من عملته لاستيراد نفس الكمية من السلع والخدمات المنتجة في دولة الإمارات. وهذا قد يؤثر سلبا على النشاط السياحي في الدولة، وبالتالي انخفاض الإيرادات في هذا القطاع.
إن معدلات التضخم المرتفعة قد تؤدى إلى رفع أسعار السلع المنتجة محليا، الأمر الذي قد يؤدى بدوره إلى التأثير السلبي على الصناعة التحويلية المحلية وقدرتها التنافسية، حيث قد يلجأ المستهلكون إلى شراء السلع المشابهة والمنتجة في الدول المجاورة، خاصة تلك الدول التي تكون نسبة التضخم فيها أقل نسبيا من معدلات التضخم في الدولة مثل سلطنة عمان والسعودية.

4- تعطيل عمل آلية أسعار السلع والخدمات وأسعار الفائدة:
     من أخطر التأثيرات السلبية للتضخم أنه يعطل عمل آلية السعر في توجيه الاستثمارات إلى القطاعات الأكثر كفاءة فعلى سبيل المثال تغير السعر النسبي لسلعة ما مقارنة بسعر سلع أخرى في السوق والذي يعتمد على النظام الحر يؤدى إلى اتخاذ المستثمرين والمستهلكين قرارات تؤثر على كمية إنتاج هذه السلعة وبالتالي يؤدى هذا إلى التضخم وهو ارتفاع سعر السلع بشكل مرتفع مما يؤثر على الوضع الحقيقي للأسعار.

    وفى ظل نسب التضخم الحالية المرتفعة جدا، تعتبر أسعار الفائدة التي تمنحها البنوك التجارية على الودائع فائدة سالبة كون أن نسبة التضخم هي أعلى من الفائدة الاسمية على الودائع، وكأن المودعين الذين يدفعون الفائدة للمصارف إلا أن رفع سعر الفائدة محدود نتيجة ربط الدولار الأمريكي، إضافة إلى ذلك أن رفع الفائدة قد يشجع على تدفق كميات أكبر من العملات الأجنبية بهدف الاستفادة من فرق الأسعار على الفائدة بين الدرهم و تلك العملات الأمر الذي من شأنه أن يزيد من مشكلة التضخم، وضعف الدولار يؤدى إلى ضعف القوة الشرائية للاحتياطيات الأجنبية في الدولة كون إن حصة الدولار من هذه الاحتياطيات مرتفعة نسبيا حيث أن التقديرات تشير إلى إن معظم أصول الاستثمارات الحكومية للإمارات في الخارج مقومه بالدولار.

Post a Comment

Previous Post Next Post