حلول للحد من التضخم
ظاهرة التضخم هي نتيجة
تضافر عدد من العوامل التي تزامنت لتحدث هذا الارتفاع الكبير في الأسعار، وتشير نتائج
الدراسة إلا أن العوامل التي ساهمت بالتضخم تتمثل في معدلات النمو الاقتصادي العالية،
وسياسات الإنفاق الحكومي التي ركزت على توسيع وتحديث البنية الأساسية المادية والاجتماعية
وزيادة حجم السيولة في المجتمع ونتيجة الانتعاش في قطاع العقارات وأسواق الأسهم حتى
نهاية عام 2005 على الأقل. وسياسات القروض المتساهلة من قبل القطاع المصرفي، وارتفاع
أسعار الطاقة في السوق المحلية وخاصة الجازولين والد يزل والغاز، ثم انخفض قيمة سعر
صرف الدرهم المرتبط اسميا بالدولار الأمريكي، مقابل حملات الشركاء التجاريين الرئيسين
للدولة مما ساهم في ارتفاع تكاليف الواردات.
ومن المنطقي أن ينطلق علاج ظاهرة التضخم في الدولة من محاولة
التصدي لهذه الأسباب التي أنتجت الظاهرة، ودراسة إمكانية التعامل معها بالسياسات المناسبة.
بما أن التضخم في الإمارات ناجم أساسا من فائض الطلب في الاقتصاد
المحلى، فإن التحكم في الطلب من خلال أدوات السياستين النقدية والمالية يعتبر المدخل
الطبيعي لعلاج الظاهرة.
ويمكن علاج التضخم عن طريق
:
1- السياسات المالية .
تلعب السياسات المالية
عادة الدور الرئيسي في التأثير على حجم السيولة وعرض النقود في ظل عدم قدرة السياسة
النقدية على القيام بهذا الدور جراء إتباع سياسة سعر صرف ثابت، والآليتين الأساسيتين
للسياسة المالية في هذا الإطار هي خفض الإنفاق الحكومي واعتماد سياسة ضريبة ملائمة،
وفى الوقت الحالي استعمال السياسة الضريبية ليس خيارا متوفرا كون أنه ليس هناك ضرائب
على الدخل الفردي في الإمارات ولا على المبيعات، أما فيما يتعلق بخفض الإنفاق الحكومي
بغية الحد من تدفق السيولة في السوق، فإن هذا الإجراء بدوره خيارا ممكن التنفيذ ما
لم تتضافر الجهود في جميع الإمارات في وضع إطار مالي يتم من خلاله وضع أولويات للمشروعات
الاستثمارية التي ستطرح والإطار الزمني لها بشكل يوازن بين حاجات الإمارات المحلية
من جهة وإيجاد القيود الضرورية لعدم تفاقم التضخم من جهة أخرى.
وترى تروث للاستشارات
الاقتصادية انه يجب تمويل الإنفاق الحكومي من خلال الاعتماد على الدين من المصرف المركزي لزيادة نسبة الدين في ميزانية الإمارات
لأن اجمالى الدين العام لدولة الأمارات منخفض ولابد من زيادته،ويجب استثمار النفط في
أسواق خارج الدولة لنقص نسبة السيولة داخل الدولة واستثمار العوائد الخارجية الآتية
من النفط لسداد نسبة الدين.
2- زيادة المنافسة في
الاقتصاد الوطني .
تتمتع دولة الإمارات
بنظام اقتصادي مفتوح إلى حد كبير إذ أن تدفق حركة التجارة يعادل %140 من الناتج المحلى
الإجمالي ويوجد نظام حر لسعر الصرف بلا قيود على مدفوعات وتحويلات المعاملات الدولية
التجارية ولا توجد أية ضوابط على رأس المال. ومن المؤكد أن معدلات التضخم في المجتمعات
المفتوحة والتي تتمتع بنظم تجارية بدون قيود كبيرة هي ادني منها في المجتمعات التي
تستخدم القيود الكمية أو النوعية، والانفتاح يزيد المنافسة مما يخفض من التضخم عن طريق
شكلين أولا مباشر ويتمثل في أن المحتكرين يميلون
إلى طلب أسعار أعلى عندما تكون المنافسة غائبة، وبشكل غير مباشر وذلك من خلال تخفيف
الضغط على السلطات النقدية بالتسامح مع ظاهرة التضخم والمنافسة الأكبر تزيد الإنتاج
الكلى بينما تجعل الأسعار اكبر مرونة، مما يجعل توقعات التضخم أقل فاعلية في زيادة
حدة التضخم وهكذا فإن تأثير المنافسة المتزايدة على الأسعار لا يتم إلا مرة واحده وحسب
بل أنه يمكن أن يؤدى إلى تخفيض دائم للتضخم ،لذا لابد من العمل على زيادة المنافسة
في الاقتصاد الوطني من خلال إزالة القيود القانونية والإدارية على دخول السلع الأساسية
والغذائية.
3- التدخل الحكومي في
السوق وفى تحديد الإيجارات .
تلجأ بعض الدول في
بعض الأحيان إلى مواجهة موجات التضخم العالية إلى سياسة سعر السلع والخدمات من أجل
السيطرة على السوق، وهذه السياسة عموما تتعارض مع فلسفة السوق الحر، كما أنه لا توجد
سوى دول قليلة في العالم الآن ممن يتبع هذه السياسة، وتحديد الأسعار يتطلب إدخال نظام
الحصص وذلك لضمان عدم التلاعب بالسلع المدعومة، وهذا يتطلب تدخلا حكوميا كبيرا، بما
فيه إنشاء جهاز إداري للمتابعة والتطبيق، وهذه الدراسة لا توصى بالسير في هذا الاتجاه،
وتحرير السوق من القيود وتفعيل المنافسة كفيل بضمان انخفاض الأسعار.
وقد لجأت بعض السلطات
المحلية في دولة الإمارات إلى التدخل في سوق العقارات وذلك من خلال وضع إجراءات إدارية
الهدف منها التحكم في الزيادة السنوية للإيجارات، وقد كان الحد من التضخم هو أحد أهداف
هذه الإجراءات، إلا أن الأهداف الأخرى تمثلت في محاولة تحقيق الاستقرار الأسرى للوافدين
والحد من الاستغلال المتطرف لظروف السوق، وبالرغم من الآثار الجانبية التي قد يحدثها
مثل هذا التدخل في المدى القصير إلا أنها سياسة مضره في المدى الطويل لأنها ستعطل آلية
السوق في إعطاء الإشارات الصحيحة بشأن توجيهات الاستثمار في هذا القطاع الخاص بشأن
السياسات الحكومية في المستقبل مما يدفعه للإحجام عن الاستثمار في هذا القطاع ومما
سيخلق أزمات مستقبليه في القطاع بدلا من المساهمة في حلها، لذا يجب اعتبار سياسة التدخل
الحكومية هذه سياسة طارئة ولمدة محدودة مما تسمح للسوق بإيجاد التوازن المطلوب على
كلا من المدى القصير والطويل، وإذا كانت الحكومة قد ارتضت التدخل في سوق العقارات وذلك
للحد من المغالاة في ارتفاع الإيجارات ومن ثم معالجة التضخم فهي من باب أولى ينبغي
عليها أن تتجه لخفض أسعار الطاقة للسوق المحلية وذلك لامتلاكها لمصادر الطاقة ، ولأن
ارتفاع تكاليف المشتقات النفطية ساهم هو الآخر في الارتفاع العام للأسعار، والانطباع
الذي تولد لدى الجميع من الخبراء وقطاع الأعمال حتى الآن هو أن الحكومة ترغب في أن
يتحمل القطاع الخاص وحده تكاليف معالجة التكيف وهذا لن يساهم في خلق بيئة تضامنية كمكافحة
التضخم.
4- تحفيز الاستثمار في
السلع الضرورية و المجالات الغذائية .
إن دولة الإمارات
تأخذ بمبدأ الاقتصاد الحر حيث يلعب السوق الدور الأساسي في عملية اتخاذ القرار من قبل
المستثمرين والمستهلكين، وهذا المبدأ يشكل حجر الزاوية للعديد من الإنجازات التي تحققت
في الدولة خلال عمرها القصير نسبيا، ومن أهم مبادئ نظام الاقتصاد الحر المنافسة الشريفة
التي تنتج لجميع الأفراد في المجتمع فرصا متساوية للدخول للسوق وبيع السلع أو الحصول
عليها بأسعار تنافسية ، ويمكن للحكومة ممثلة في وزارة الاقتصاد العمل على تعزيز دور
المنافسة في الاقتصاد من خلال تشجيع الشركات الوطنية لدخول مجال الاستيراد وتصدير السلع
الغذائية والاستهلاكية وذلك من خلال توفير الحماية القانونية لها حتى تتعز سيطرة المواطنين
على قطاع التجارة ولاسيما المواد الغذائية الأساسية سواء تجارة الجملة أو التجزئة.
لذلك فمن الضروري على الجهات المتخصصة أن تحفز الاستثمار
في مجالات الإنتاج واستيراد وتوزيع المواد الغذائية ، والعمل على إنشاء الشركات المساهمة
في هذا المجال ، لأن تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الأغذية والسلع الأساسية
يعتبر واحد من أهم الأهداف التي تسعى لها كافة الدول. وتشكل هذه السياسة الضمان الأساسي
لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وكذلك نجنب الدولة الأزمات التي من الممكن أن تحدث لها بسبب موقعها الجغرافي
حيث أنها في منطقة عرضه للحروب والمنازعات المدمرة.
5- تشديد الأوضاع النقدية
وتطوير أسواق المال المحلية
.
التحكم في كمية النقود
المعروضة في الاقتصاد تعتبر هي الأداة الرئيسية لمعالجة التضخم في الدولة إلا أن العديد
من الوسائل المستخدمة في الدول الأخرى للحد من التضخم غير متاحة للسلطات في دولة الإمارات
وذلك في ظل الترتيبات الحالية القائمة على ربط أسعار الفائدة بالعملة المحلية وأسعار
الفائدة على الدولار الأمريكي ، أي أن ارتباط الدرهم بالدولار الأمريكي في ظل حرية
تدفق رأس المال لا يتيح لمصرف الإمارات المركزي استخدام معدل الفائدة كأداة متاحة لمحاربة
التضخم ، لأن معدل الفائدة هذا مرتبط إلى حد كبير بمعدل الفائدة الذي يعلنه البنك الاحتياطي
الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويمكن القول أن السياسة
النقدية في دولة الإمارات كما هي في دول مجلس التعاون الأخرى يمكن وصفها بأنها إدارة
للسيولة ؛ ووفقا لذلك فإن المصرف المركزي يضمن للقطاع المصرفي سيولة كافية لعملياته
وذلك من أجل تجنب التقلبات الغير مرغوبة في أسعار الفائدة والتي لها آثار عكسية على
الأوضاع المالية لقطاع الأعمال ، ومن ثم على أوضاع القروض المصرفية.
وفى حالة استمرار معدلات النمو العالية فإن الحاجة لتشديد
الأوضاع النقدية يصبح مرغوبا به لخفض الضغوط الناتجة عن التضخم ويمكن تحقيق ذلك من
خلال رفع معدل الاحتياطي القانوني واستخدام شروط أصعب للائتمان لكل من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى،
عن طريق تشديد هامش الإقراض.
الحد من السيولة
عن طريق زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك من مصرف الإمارات المركزي – لن يكون
– لهذا الإجراء أثر ملحوظ في الحد من التضخم نتيجة للكم الكبير للتدفقات النقدية إلى
القطاع المالي في الدولة ، وعلى هذا السياق نقترح تطوير أسواق المال المحلية وتعميقها
من خلال وضع التشريعات والقوانين والضوابط الأزمة لتشجيع قيام أسواق سندات نشطة بشكل
يسمح بتحويل المدخرات لكي تمول مشاريع إنتاجية وتنموية ، ومن شأن هذا الإجراء تطوير
وتعزيز أسواق الأوراق المالية واستقرارها أسواق الأوراق المالية واستقرارها وتوزيع
المخاطر الاستثمارية في القطاع المالي.
Post a Comment