عيوب الاعتراف ومشكلاته العلاجية :
عيوبه ومساوئ الانسان ، ومن هذه العيوب الواضحة، التفاعلات الوجدانية
للمريض أثناء الاعتراف، فربما سخط على الطبيب أو كرهه وربما كانت صورة الكراهية
عدوانية خصوصاً إذا كان التحليل لمريض أصابه المرض العقلي، فالتحليل النفسي
بالنسبة للمريض العقلي صعب ويحتاج لخبرة ودراية وتمرس، فإن كان الطبيب واثقاً من
نفسه وفنه فهو يحتاط لتقلبات المريض الوجدانية، فتقلبات المرض العقلي غير مأمونة
العاقبة .
أما المشاعر الوجدانية التي تحدث للمريض بعد الاعتراف البشري فتتوقف على
ما بداخل النفس من غرابة وشذوذ وتتفاوت مشاعر المريض بين المهانة والضآلة ومشاعر
النقص والخجل والندم.
فإذا كان الشخص صاحب جاه وسلطان فهو يشعر بأن المهابة والاحترام والمكانة
العلمية التي يتمتع بها ما هي إلا مظهر خادع، ويصدق عليه قول الإمام الحسن البصري
رحمه الله : " إن أهل الدنيا وإن هملجت بهم الرواحل ووطئ الناس أعقابهم فلا
يزالون يجدون ذل المعصية في نفوسهم".
هذه بعض ملامح الاعترافات للبشر، ولا يمكن ان نضعها في ميزان المقارنة مع
الاعتراف للخالق سبحانه والتوبة له .
فالتوبة أصدق، لأنها اعتراف بلا كذب ولا خداع ولا مراوغة ولا إنكار ولا
تبرير ولا إسقاط، الشخص يستجمع كل ماضيه في ذاكرته في لحظة، بما في ذلك خطاياه
وآثامه و ذنوبه
ويعترف اعترافاً مفصلاً بدقائق ما فعل، لأنه من خلال إيمانه يعلم أن الله
سبحانه مطلع عليه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور – يقول سبحانه في سورة
المجادلة :
(يوم ببعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل
شيء شهيد)(المجادلة:6).
ولهذا فإن التائب يغالي في تحليل خطاياه بنفسه دون أن يطلب منه ذلك مبالغة
في الصدق مع ربه.
"اللهم إني أستغفرك لكل ذنب قوي عليه بدني بعافيتك، ونالته قدرتي
بفضل نعمتك، وانبسطت إليه يداي بسعة رزقك، واحتجبت فيه عن الناس بسترك،
واتكلت فيه
على أمانك ووثقت فيه بحلمك، وعولت فيه على كرمك وعفوك"
" اللهم اغفر لي برحمتك يا أرحم الراحمين".
والتائب يلح في الدعاء وهو موقن بالإجابة فهو يعلم أ نه يخاطب رباً غفوراً
رحيماً سبقت رحمته غضبه، وسبقت مغفرته عذابه وهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده
ويعفو عن السيئات .
هذا ما يؤمن به المعترف الذي يتوب إلى الله في أمانة وصدق وصراحة وعمق ومع
هذه التوبة الصادقة والاعتراف المطلق، فإن التائب يداخله خوف من الله ورهبة من
صفات الجلال فيه فهو سبحانه منتقم جبار
معز مذل قادر مقتدر.
فيخشى التائب غضب ربه ويخشى انتقامه قبل أن يتوب فإذا تاب صادقاً فإن
مشاعر الحق يبدلها الله للعباد أمناً وسلاماً مصداقاً لقوله سبحانه :
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله
يغفر الذنوب جميعاً إ نه هو الغفور الرحيم)(الزمر:53)
ويقول سبحانه في سورة نوح:
(فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم
بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)(نوح:10-12)
هذه حقيقة ما يتفاعل في نفس التائب، وبمفاهيم الإيمان فإن، التائب قد طهر
نفسه باعترافه وزكاها بتوبته، وهذا يعني أن جانب التقوى من النفس البشرية عاد إلى
مكانه من النفس يقود مسيرة السلوك البشري بما فيه من استقامة وصلاح.
والتوبة في الإسلام ليس لها ما يعترضها أو ما يعوقها من مشاكل أو ما
يؤخرها، ولكن الاعتراف له عيوبه ومشكلاته التي يقول بها علماء النفس .
إرسال تعليق