النفس البشرية محاطة بأغطية كثيفة من الغموض تختفي تمامًا عن صاحبها , والإنسان سواء كان سليمًا أو مريضًا لا يعرف ما يختفي في داخل نفسه من متناقضات  وأسرار ورغبات وخبايا , فإذا عرف الإنسان شيئًا عن صراعاته فهذه أسرار النفس اللوامة لأنها قريبة من العقل الواعي، أما أسرار النفس الأمارة فهي في عالم مظلم شديد العتامة  تكمن فيها الغرائز وتكمن فيها الصفات الحيوانية كلها التي قال بها الإمام ابن القيم رحمه الله , وهي مجموعة من المتناقضات محاطة بأسوار وحواجز يصعب اختراقها , والطبيب المختص في التحليل النفسي هو الذي يتعلم كيف يخترق هذه الحواجز، لأنه هو نفسه قد تعرض للتحليل , وعرف كيف يتعامل مع هذه السلسلة من الدفاعات النفسية التي تحيط بالنفس البشرية
ولهذا فان من يحاول أن يستكشف أغوار النفس يصدم بهذه العقبات التي تعرف عند علماء النفس بالمقاومة Resistanec  أو الحواجز النفسية
ولابد لطبيب النفس أن يخترق هذه المقاومة وحواجزها الدفاعية ليصل إلي خبايا النفس , فإذا نجح بكفاءته ومهارته في اختراق هذه الحواجز وبدأت النفس تتكشف أمامه , فإن المريض يفاجأ بغرابة ما يتفاعل في داخل نفسه وتبدأ سلسله أخري من الدفاعات اللاشعورية والحيل النفسية , وأولها الإنكار Denial، وقد يكون الإنكار بالمراوغة وقد يكون الدفاع بعملية التبرير Rationalisationفيبرر غرابة سلوكه بأن الظروف  كانت أقوى منه، فإن لم يفلح التبرير أسقطها على غيره، وهي عملية الإسقاط Projection كما يسقط الطالب فشله على اضطهاد أستاذه.
هذه بعض ملامح حيل النفس من المقاومة بالإنكار والمراوغة والتبرير عندما تعترف أمام البشر، وهذه الأمور لا تحدث إطلاقاً عند الاعتراف المطلق لله سبحانه بالتوبة الخالصة الصادقة " النصوح".
وربما يكون الاعتراف للكاهن مختلفاً عن الاعتراف للطبيب، لأنه يأخذ صورة دينية عقائدية، ومهما استنفد من وقت فهو لا يقاس بالنسبة للاعتراف بالتحليل النفسي، ومهما استنفد من وقت فهو لا يقاس بالنسبة للاعتراف بالتحليل النفسي، وقد يكون الفارق بين الاعتراف للطبيب أو للكاهن هو أن الاعتراف الديني للكاهن اعتراف مجمل، أما الاعتراف الطبي فهو اعتراف تحليلي عن خبايا النفس ودوافعها.

Post a Comment

أحدث أقدم