مشكلة
التعلق تاتي بعد الاعتراف وبعد التوبة
تحدث عملية نفسية غاية في الأهمية وغاية في
الخطورة إنها مشكلة التعلق.
والمريض
والمعترف للبشر إذا أحس بمقدرة الطبيب وكفاءته وهو يخترق حواجز المقاومة في نفسه
فإن هذه المشاعر تنقلب إلى صورة من صور الإعجاب ويرى المريض في طبيبه ما يجعله
يتعلق به ويحس بعاطفة المحبة نحوه وهذه المشكلة من أسوأ مشاكل الاعتراف للبشر وهي
من أهم عيوب التحليل النفسي .
ولكن
علماء النفس لهم رأي في هذا التعلق ويعتبرون التعلق مرحلة علاجية، والطبيب الحاذق
الواثق يمكنه ان يستفيد من هذه العلاقة في تحويل مشاعر المريض إلى هدف علاجي
سليم-هذه نظرة علماء النفس إلى مشكلة التعلق .
ولكن
المشكلة صعبة وهي تعتبر من مآسي المهنة إذا لم يكن المعترف إليه صاحب دين وحكمة
وعقيدة .
هذه
المشكلة بحذافيرها تحدث في التوبة إلى الله ويحدث التعلق من التائب بمحبة ربه،
وهذه في حد ذاتها ليست مشكلة بل هي عبادة مرغوبة وهي أصل من أصول العقيدة-يقول
ربنا سبحانه في سورة آل عمران :
(قل
إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)(آل
عمران:31)
ويقول
رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
"ثلاث
من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
فمحبة
الله في منهج العقيدة عبادة، ومحبة التائب لربه عبادة ،حتى إن فقهاء التصوف
يعتبرون محبة الله في المقام الأول، وابن الفارض ورابعة العدوية أمثلة من المتصوفة
الذين هاموا بحب ربهم ولم يعب عليهم أحد.
وها
هي ذي را بعة العدوية تقول وهي تتغنى بحب ربها: " ولو أنني لا أميل إلى هذا
النوع من الشعر المتصوف لأنني أرى فيه ما لا يتناسب مع جلال الله وقدره وتنزهه عن
الحوادث ولكنني أستشهد به في مقام التعلق الروحي"
.
أحبك
حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل
لذاكا
فأما
الذي هو حب الهوى فذكر شُغلت به
عمن سواكا
وأما
الذي أنت أهل له فكشف
الحجب حتى أراكا
وما
الحمد في ذا وذاك لي ولكن لك
الحمد في ذا وذاكا
وتقول
أيضاً :
إذا
صح منك الود فالكل هين وكل
الذي فوق التراب تراب
هذه
بعض معالم التعلق بين التوبة والاعتراف بالوساطة البشرية .
فالتعلق
من أصعب مشاكل الاعتراف للبشر، ولهذا فان علماء النفس والأطباء الذين يحترفون مهنة
التحليل النفسي العميق هؤلاء قد يصيبهم المرض النفسي من كثرة ما يرهق نفوسهم من
اعترافات البشر وغرابة سلوكهم وتفاعلات نفوسهم مع غرائزها وشهواتها ومناقضاتها،
فالنفس تتكشف لهم وتتعرى أمامهم وربما كان هذا سببا في تعرية نفوس الذين يمارسون
المهنة فيرون في داخلها بعد أن ينكشف غطاؤها غير ما ألفوه وعرفوه، وهذا يعرضهم
للعلة أو المرض النفسي .
إرسال تعليق