الطبيعة اللائحية لمركز الموظف
العام
أصبح من المسلم به في الوقت الحاضر أن الموظف العام في
مركز تنظيمي أو لائحي، وليس في مركز فردي أو شخصي مستمد من العقد، ولم تعد هذه
الفكرة محلاً لجدل بعد أن استقرت في القانون الوضعي.
ولقد تجلى ذلك في قضاء مجلس الدولة الفرنسي الذي لم يعد
يلجأ إلى فكرة العقد لتبرير فصل الموظف العام كما كان يفعل في السابق، بل أسس
قضاءه على الطبيعة اللائحية أو الموضوعية لمركز الموظف العام... وبناءً على حكمه
بتاريخ 22/10/1937 " أن الموظف العام بقبوله الوظيفة التي تقلدت له " يكون
قد خضع لكل الالتزامات النابعة من ضرورات المرفق العام وتنازل عن كل قدرة لا تتمشى
مع الاستمرار الجوهري للحياة القومية، و.. بالإضراب، فإن العمال المتولين المرافق
العامة لا يرتكبون خطأً فردياً، ولكن يضعون أنفسهم بواسطة عمل جماعي خارج تطبيق
التشريعات واللوائح المسنونة من أجل ضمان ممارسة الواجبات الخاصة بهم في مواجهة
السلطات العامة.
والقضاء الإداري المصري مستقر على وصف علاقة الموظف
العام بالدولة بأنها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح، وهو ما رددته
المحكمة العليا في العديد من أحكامها، حيث تعلن مثلاً في أحدى أحكامها " أن
علاقة الموظف الحكومي هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح الصادرة في هذا
الشأن، فمركز الموظف من هذه الناحية هو مركز قانوني عام يجوز تغييره في أي وقت،
ومرد ذلك إلى أن الموظفين هم عمال المرافق العامة،
وبهذه المثابة يجب أن يخضع
نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ... ويتفرع على
ذلك أن كل تنظيم جديد يستحدث يسري على الموظف أو عامل الحكومة بأثر حال مباشر من
تاريخ العمل به، ولكنه لا يسري بأثر رجعي بما من شأنه إهدار المراكز القانونية
الذاتية التي تكون قد تحققت لصالح الموظف نتيجة لتطبيق التنظيم القديم، قانوناً
كان أو لائحة، إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كاللائحة.
إرسال تعليق