نماذج الهيكل التنظيمي
مقدمة
يمكن تصميم جوانب أو مكونات الهيكل التنظيمي، التي تمت مناقشتها في المحاضرة الرابعة، بأشكال وطرق عديدة، مما يجعل لكل منظمة هيكلها التنظيمي المتميز عن غيره في بعض الخصائص، ولكنه يشترك معها في خصائص أخرى، الأمر الذي يجعل من الممكن تصنيف أنواع الهياكل التنظيمية المختلفة إلى مجموعـات رئيسية استناداً لعناصر أو خصائص مشتركة.
نموذج الكاتب مينتزبرغ في تصنيف نماذج الهيكل التنظيمي / لقد صنف الكاتب هنري مينتزبرغ أنواع التنظيم إلى خمسة أنواع واستند في ذلك إلى أن أي منظمة تضم خمسة أجزاء / مكونات رئيسية، وهي:
1. الإدارة العليا وتشغل قمة المنظمة .
2. الإدارة الوسطى وتضم مجموعة المديرين والرؤساء الذين يربطون بين القمة والقوة التشغيلية.
3. القوة التشغيلية وتشمل قاعدة المنظمة وتضم المنفذين الذين ينجزون العمل الأساسي لإنتاج سلعة أو تقديم خدمة.
4. الجانب التقني / المهني، ويضم الاختصاصيين أو المهنيين الذين يضعون المعايير وأسس التنميط لتنسيق أعمال المنظمة، مثل اختصاصي التخطيط والرقابة والمعلومات والتحليل.
5. الجهاز المساند، ويقوم بتوفير بعـض الخدمـات التي تحتاجها الوحدات الأخـرى، مثـل خدمـات العلاقـات العامـة والخدمـات القانونية والسكرتارية.... وغيرها
أنواع الهياكل التنظيمية حسب تصنيف مينتزبرغ
نماذج الهيكل التنظيمي، وقد ميز مينتزبرغ بين خمسة أنواع من الهياكل التنظيمية على النحو التالي:
1- الهيكل التنظيمي البسيط.
 2- البيروقراطية الآلية.
3- البيروقراطية المهنية.
4- الهيكل القطاعي متعدد الأقسام.
5- التنظيم المؤقت.
1.    الهيكل التنظيمي البسيط: المكون الرئيسي في هذا النوع من التنظيم هي الإدارة العلىا. ويتميز الهيكل التنظيمي بأنه ليس تفصيلياً وليس معقداً وذا درجة رسمية منخفضة، وتتركز السلطة في شخص واحد وهو المالك ولعدم وجود مستويات إدارة وسطى -Flat- ويعتبر الهيكل منبسط ولا يوجد جهاز استشاري ولا جهاز مساند، والإتصال غير الرسمي هو السائد.
2.    البيروقراطية الآلية: مثل المخططون، (Techno structure) المكون الرئيسي هنا الإستشاريون والتقنيون ومهندسوا الوقت والحركة، ومحللوا النظم ومسؤولوا الموازنة والمراقبون وغيرهم، ويتواجد في هذا النوع هيكل إداري تفصيلي، وفصل تام بين الأنشطة التنفيذية والإستشارية. ويستند إلى المعيارية / التنميط والأعمال تكون روتينية، ذات درجةعالية من الرسمية، والسلطة وإتخاذ القرارات تكون مركزية، وإتخاذ القرارات يتبع التسلسل الهرمي. أما على المستوى التشغيلي، فيضم الهيكل التنظيمي وحدات كبيرة الحجم، واجباتها ومهامها بسيطة ومتكررة وتتطلب حداً أدنى من المهارات والتدريب، ونتيجة لذلك هنالك تخصص ضيق وواضح، ودرجة عالية من الرسمية لتقنين السلوك. ومن ناحية الإدارة الوسطى فإنه يتم إتباع التنظيم الوظيفي حيث يقسم المديرون إلى دوائر وظيفية.
3.    البيروقراطية المهنية: تشكل القوى التشغيلية المكون الرئيسي في هذا النوع، وهي التي تمتلك القوة لكونها مهارات حساسة وحيوية للمنظمة، ولديها إستقلالية من خلال اللامركزية. وهنالك جهاز مساند كبير يتركز عمله في خدمة القوى التشغيلية، والهيكل يكون ذو درجة عالية من التعقيد، لأن الاعمال تتطلب معارف ومهارات عالية، وفي هذا النوع تقل درجة الرسمية عما هي علىه في البيروقراطية الآلية، ولكن الرسمية هنا (البيروقراطية المهنية) ذاتية لا تعتمد على الأنظمة والإجراءات التي تصدرها الإدارة، ولكن المعايير تنشأ وتتطور من خلال التعلىم والتدريب الطويل الذي تلقاه الأفراد خارج المنظمة. وهكذا تعتمد البيروقراطية المهنية على سلطة الخبرة والمعرفة وليس على السلطة الرئاسية / الهرمية.
4.    الهيكل القطاعي/ متعدد الأقسام: وهنا تهيمن الإدارة الوسطى على المنظمة، حيث هذا الجزء مجموعة من الوحدات المستقلة، ولكن كل منها يشكل بيروقراطية آلية. ويتم التنسيق فيما بين الوحدات من قبل الإدارة المركزية. وتملك الإدارة الوسطى (مديرو الوحدات) قدراً كبيراً من السيطرة على وحداتهم. ويتركز دور الإدارة العلىا في الإشراف العام، وتوفير الخدمات المساندة، وتقييم ومتابعة أداء الوحدات. وهكذا فالأقسام/ الوحدات تمارس الإستقلالية ولكن ضمن حدود معينة. وينظر للوحدات أو الأقسام على أنها شركات صغيرة مصممة على نمط البيروقراطية الآلية.
5.    التنظيم المؤقت: يشكل الجهاز المساعد (Support Staff) المكون الرئيسي في المنظمة، وأما الإستشاريون/ التقنيون فقد لا يكونون موجودين. ويتصف هذا التنظيم بدرجة عالية من التمايز الأفقي، ودرجة منخفضة من التمايز الرأسي، ورسمية متدنية، ولا مركزية في اتخاذ القرارات، ولا يشتمل على تسلسل هرمي راسخ، والإدارات/ والوحدات قد لا تكون دائمة، ودرجة التنميط (Standardization) متدنية.
ومن إستعراض أنواع التنظيم الخمسة السابقة، يمكن القول: بأن التنظيم البسيط والتنظيم الموقت أقرب إلى التنظيم العضوي، حيث تغلب على كل منهما خصائص هذا التنظيم. بينما نجد أن التنظيم البيروقراطي الآلي، والبيروقراطي المهني، والتنظيم القطاعي أقرب إلى التنظيم الآلي، لأن خصائص كل من هذه الأنواع الثلاثة يغلب علىها خصائص التنظيم الآلي. وسنوضح بإيجاز كلاً من النموذجين الآلي والعضوي ينظر الكتاب إلى النموذجين الآلي والعضوي وكأنهما نهايتين لخط مستقيم يقع بين طرفيه أنواع شتى من الهياكل التنظيمية.
النموذج الآلي، يطلق على النموذج الآلي أيضاً (النموذج البيروقراطي والنموذج الكلاسيكي والنموذج الهرمي)، ويلاحظ من أدبيات التنظيم عدم وجود اتفاق كامل بشأن ماهية هذا النموذج وخصائصه، ومن أهم ملامح هذا النموذج ما يلي:
أ- تقسيم العمل والتخصص بشكل واضح ومحدد.
ب- تسلسل واضح ومحدد للسلطة.
ج- يتم إنجاز كل عمل وفق الأنظمة والقواعد المجردة لضمان التوحيد والتماثل بين مختلف الأنشطة.
د- تتركز سلطة وقوة اتخاذ القرارات في قمة السلم الهرمي في المنظمة.
ه- يتعامل كل فرد في المنظمة مع الآخرين ومع العملاء وبشكل رسمي، وغير شخصي.
و- يعتمد التوظيف على الكفاءة، وتعتمد الترقيات على الأقدمية.
ويفترض المؤيدين لهذا النموذج أنه يحقق قدر عالي من الكفاءة الإنتاجية ودرجة عالية من العقلانية من خلال وسائل السيطرة والرقابة على العمل والعاملين في المنظمة.
هل التنظيم البيروقراطي حتمي ولا غنى عنه؟ 
على الرغم من الانتقادات والسلبيات التي وجهت للنموذج البيروقراطي (أو الآلي)، فهو لا يزال موجوداً و هو النمط السائد في المنظمات الكبيرة، بالرغم من أن كثيراً من المنظمات لا تعتبره الطريقة الأكثر كفاءة في التنظيم. وهذا الأمر لا يتوافق مع رأي الكثيرين في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجه المنظمات ـ التغيير المتسارع، وزيادة الحجم، والمنافسة الشديدة، وظاهرة العولمة، وزيادة التنوع في الأنشطة والمهارات... فما هي أسباب ذلك؟
من أهم تلك الأسباب التي تساعد على تطبيق النموذج الآلي البيروقراطي:
أ ـ إنه نموذج عملي، وهو فعال في العديد من الأنشطة المختلفة.
ب ـ الحجم الكبير للمنظمات وهو السائد.
ج ـ القيم الاجتماعية لم تتغير كثيراً.
د ـ الاضطراب البيئي مبالغ فيه.
ه ـ يسمح بظهور البيروقراطية المهنية.
و ـ يضمن الرقابة والسيطرة.
نموذج التنظيم العضوي: استند أنصار هذا النموذج إلى افتراضات مختلفة لافتراضات النموذج الآلي، ومن بينها:
إعتماد معايير أخرى بالإضافة إلى الإنتاجية والكفاءة للحكم على فعالية المنظمة ونجاحها. ومنبين هذه المعايير:
التكيف والمرونة والإستجابة السريعة للتغيرات، وإستخدام الموارد، ورضا العاملين وغيرها. كما افترضوا أن المنظمة تتفاعل مع البيئة، وأن البيئة مضطربة ومنقلبة.
أما أهم خصائص وملامح هذا النموذج فهي:
* ينظر إلى أهداف المنظمة على أنها غاية، وأن الأهداف الوظيفية ( الوحدات ) وسائل لتحقيقها.
* التنسيق الأفقي هام مثله مثل التنسيق الرأسي، بل وأكثر منه.
* الأعمال معرفة بصورة خطوط عريضة، وأحياناً يكلف الفرد مهام متضاربة.
* التوجيه هو بمثابة نصح ومشورة وليس إمتثالاً/ ولاءً من قبل الجماعة للرئيس.
* تشارك مختلف الوحدات والمستويات في وضع إستراتيجيات المنظمة.
* هيكل السلطات غامض.
* الأفكار والقرارات في المستويات الدنيا تصل للإدارة العلىا دونما تقيد بالتسلسل الرئاسي.
متى يفضل إستخدام التنظيم العضوي ؟
أثبتت الدراسات أن التنظيم العضوي كان ناجحاً وفعالاً في ظل الشروط والظروف الآتية:
1 ـ عندما تكون البيئة دينامية (مضطربة) ومعقدة معاً.
2 ـ عندما تكون إستراتيجيات التنويع والتغيير أو المخاطرة العالية.
3 ـ التقنية يجب أن تكون غير روتينية بل معقدة لكي تساعد على الإستجابة للإستراتيجيات المتغيرة، وذلك من خلال تنسيق وتكامل المواهب والمهارات المتخصصة والمتنوعة.
4 ـ يفضل التنظيم العضوي في السنين الأولى من عمر المنظمة، حيث تحتاج المنظمة إلى درجة عالية من المرونة في محاولتها تحديد أسواقها وتوجهاتها.


Post a Comment

Previous Post Next Post