لا توجد معلومات متوفرة حول حجم التآكل الوراثي وفقدان أوضياع الموارد الوراثية النباتية للأغذية والزراعة في الوطن العربي ، عدا ربما ، بعض الإشارات لانقراض أو اختفاء بعض الأنواع البرية أو بعض السلالات كما هو الحال لبعض سلالات القمح ثنائي الحبة في اليمن وبعض سلالات الفول السوداني القديمة في السودان أو بعض سلالات القمح البرية في الأقطار العربية بشمال أفريقيا وغيرها من الإشارات ،  أو بعض سلالات الدخن متأخرة النضج في السودان. إلا أن الدراسات والمعلومات المتاحة تشير جميعها إلى انحسار الموارد الوراثية النباتية المحلية وتهديدها بالزوال بفعل مهددات مختلفة شملت الآتي :
1-  الزراعة الحديثة بما تتضمن من توسع في المشاريع المروية أو ما يسمى بالزراعة الآلية المطرية وذلك على حساب الزراعات التقليدية المحدودة المساحات والغنية بالتنوع الوراثي لأصناف المزارعين التقليدية والتي تستبدل بالأصناف الحديثة عالية الانتاجية. كما يصحب هذا النوع من الزراعة الحديثة التوسع في استخدام الأسمدة والكيماويات الزراعية مما يهدد النباتات الطبيعية الحشائشية في الحقول .
هذا ويعتبر استعمال الأصناف العالية الإنتاج المستنبطة محلياً أو المستوردة من أهم العوامل التي أدت إلى تدهور المخزون الوراثي للقمح بالوطن العربي ، وقد جاءت هذه الأصناف من جراء برامج بحوث للتحسين الوراثي للأقماح بدأت منذ الستينات ببعض البلدان كتونس وسوريا ومصر والمغرب ثم شملت بقية الأقطار العربية منذ السبعينات .
2-  الضغوط المتزايدة على مناطق صون الطبيعة والنظم البيئية نتيجة التوسع العمراني والحضري وازدياد الطرق وحركة السيارات والتنقيب عن الآبار والنفط .
3-  التغيرات البيئية والكوارث الطبيعية مثل موجات الجفاف وعدم كفاية الأمطار والذي أثر كثيراً خلال الفترة الممتدة منذ السبعينات والثمانينات من القرن الماضي على التنوع الوراثي للمحاصيل التقليدية في بعض الأقطار مثل السودان وشمال أفريقيا ، حيث فقدت العديد من الموارد الوراثية المحلية مثل العديد من أصناف الدخن التقليدية وغيرها .
4-  الرعي الجائر بما يعنيه من الإفراط في رعي المراعي الطبيعية وعدم  تجددها كما حدث في المغرب واليمن والسعودية بانحسار الأنواع الجيدة من نباتات المراعي مثل النباتات المعروفة بابورخيص (Andropogon gayanus) في السودان وزيادة أنواع غير مرغوبة مثل نباتات الرامتوك (Xanthium spp.) .
5-  الإفراط في استغلال الغابات وتدميرها للاستخدامات المختلفة مثل حطب الوقود وغيرها ، أو إزالتها بغرض إحلال محلها زراعات لمحاصيل موسمية مطرية كما هو الحال في السودان وفي المغرب العربي وبعض بلدان المشرق العربي .
6-  انتشار بعض النباتات الدخيلة على حساب النباتات الطبيعية .
7-  بعض العوامل الاجتماعية والاقتصادية ، إذ تلعب عوامل مثل عدم الاستقرار السياسي والحروب وموجات النزوح دوراً كبيراً في تدني الأنشطة الزراعية للأهالي وفقدانهم لمواردهم الوراثية التقليدية وهو ما يعتقد أنه حدث في جنوب السودان نتيجة للحروب الأهلية الطويلة هناك . كما أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية تلعب دوراً في تغيير التراكيب المحصولية السائدة واستبدالها بأخرى بما يعنيه ذلك من ضياع للموارد الوراثية القديمة ، وقد حدث ذلك في اليمن نتيجة التوسع في زراعة القات ، وفي شمال السودان نتيجة التوسع في زراعة نخيل التمر كبديل للمحاصيل الغذائية الأخرى بسبب تفتت حيازات الأراضي نتيجة لنظام التوريث التقليدي .
8-  ممارسات المزارعين خاصة في مجال انتخاب السلالات التي تناسب احتياجاتهم مما يؤدي لعدم تجديد السلالات الأخرى ، ومن أمثلة ذلك ما بدأ مزارعو الدخن في غرب السودان ممارسته بعد حدوث موجات الجفاف في الثمانينات من القرن الماضي وذلك بانتخابهم سلالات متوسطة النضج دون السلالات متأخرة النضج مما أدى لضياع الكثير من هذه الأخيرة .
9-  تدني انتاجية السلالات الأرضية والأصناف القديمة مع ما يصحبها أحياناً من صعوبات في الحصاد و/أو عمليات ما بعد الحصاد وذلك كما حدث للصنف ألاس من القمح ثنائي الحبة (Triticum dicoccum) في اليمن والذي تتناقص مساحته يوماً بعد يوم لتدني انتاجيته وصعوبة درسه .



Post a Comment

Previous Post Next Post