برامج إعداد المعلم وتنميته مهنيًا في الارتقاء بمهنة التعليم
يحتل العظماء مكانة مرموقة في
مجتمعاتهم لما يبذلونه من عطاء و تضحية من اجل رفعة أوطانهم و تقدمه، فلم تقتصر قائمة العظماء و المبجلين
على الحكام و الأدباء المشهورين، بل احتوت على فئات عديدة، و من هذه الفئات "
المعلم " الذي كاد أن يبجل في جميع الثقافات.
فالمعلم يلعب دورا كبيرا في بناء
الحضارات كأحد العوامل المؤثرة في العملية التربوية، إذ يتفاعل معه المتعلم و
يكتسب عن طريق هذا التفاعل الخبرات و المعارف و الاتجاهات والقيم.
و لقد شغـلت قضية إعداد المعلم و تدريبه مساحـة كبيـرة من
الاهتمام من قبل أهل التربية و ذلك انطلاقـا من دوره المهم و الحيوي في تنفيذ
السياسـات التعليمية في جميـع الفلسفات و على وجه الخصوص في الفكر التربوي
الإسلامي ، فيعتبر إعداد المعلم وتنميته مهنيًا من أساسيات تحسين التعليم ، وذلك لما لها من أهمية بالغة في تطوير الأداء التدريسي ، والتنمية المهنية هي المفتاح الأساسي لإكساب المهارات المهنية والأكاديمية للمعلم
سواء عن طريق الأنشطة المباشرة في برامج التدريب الرسمية ، أو باستخدام أساليب التعلم الذاتي ، وتهدف هذه الدراسة إلى التعرف على الاتجاهات المعاصرة في إعداد المعلم وتنميته مهنيًا ، وهي دراسة وصفية تحليلية تقوم بعملية مسح لمجموعة من الأدبيات العربية والأجنبية ) المتعلقة بموضوع الدراسة (وذلك
للوقوف على أحدث الاتجاهات المعاصرة والنظم لإعداد المعلم وتنميته مهنيا وذلك من خلال المحاور التالية :
أولاً : الاتجاهات العالمية المعاصرة حول سياسة قبول الطلبة في كليات التربية .
ثانيًا : الاتجاهات
الحديثة حول
التكامل بين إعداد المعلمين قبل الخدمة وتنميتهم مهنيًا خلالها.
ثالثًا: الاتجاهات الحديثة في نظام الدراسة وبرامجها بكليات التربية .
رابعاً : الاتجاهات
الحديثة لبرامج التربية العملية .
خامساً: الاتجاهات
الحديثة حول برامج تدريب المعلمين أثناء الخدمة
وقد أظهرت الدراسة الاهتمام المتزايد للدول المتقدمة والنامية
بالاتجاهات الحديثة في مجال إعداد المعلم
وتنميته مهنيًا في مراحل التعليم العام ، كذلك توصلت الدراسة إلى أن إعداد المعلم هي عملية مستمرة
تشمل الإعداد قبل الخدمة والتدريب في أثناء الخدمة وعلية فإن التنمية المهنية للمعلم عملية تتصف
بالديمومة ولا تنتهي عند تخرج الطالب من الكلية، وقد اختتمت الدراسة بتقديم تصور مقترح لتطوير نظام إعداد المعلم وتنميته
مهنيًا بما يتناسب مع الاتجاهات المعاصرة وقد طرح الباحثان مجموعة من التوصيات الإجرائية في ضوء أهداف الدراسة وأسئلتها والمنهج المستخدم فيها من أهمها ما يلي :
1)
الوقوف بكل السبل على الاتجاهات العالمية المعاصرة في البلاد المتقدمة في مجال إعداد وتدريب المعلم و الاستفادة منها بما يتناسب مع ظروف وإمكانيات نظام التعليم في فلسطين.
2) ضرورة تخطيط إعداد المعلم كما و نوعا على أسس علمية سليمة بدء من رسم إستراتيجية إعداده إلى التحليل الوصفي وإلى مستوى عملية الإعداد نفسها في النواحي العلمية والثقافية.
3) أن يكون انطلاق عمليات تطوير كليات التربية من خلال لجان و فرق عمل تابعة لوزارة التعليم العالي لتطبيق معايير الجودة الشاملة في كليات إعداد المعلم لتشمل كافة المجالات المرتبطة بالعملية التربوية وضمان تحقيقها و استمرارها ،وهذا يتطلب إدراك هذه اللجان لمفهوم الجودة الشاملة و معايير تطبيقه في التعليم العالي للانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم الالكتروني في إعداد المعلم وتطبيق التقنية الحديثة من خلال الاستعانة بالمتخصصين و البرمجيات ومصممي البرامج لتنفيذ المادة العلمية و نقلها على شبكة الانترنت و توفيرها في صورة وسائط سمعية و مرئية ولتوفير مهارات استخدام التكنولوجيا والتعامل مع هذه البرمجيات لكل من الطالب المعلم و معلم المعلم على حد سواء.
4) إعادة النظر في نظام اختيار وانتقاء طلبة كلية التربية من خلال تطبيق مقاييس تضمن اختيار أفضل المستويات المتقدمة .
5) إعادة النظر في المناهج الدراسة الحالية بكليات التربية ، والعمل على تغييرها لتواكب التنمية على أن تتم مراجعة الخطط الدراسية و المقررات في كل قسم من أقسام كليات التربية مرة كل عامين ، و تطوير و تحديد محتوى برامج كليات التربية .
6) الأخذ بسياسة الترخيص باعتبارها مهنة محددة المهام و المهارات على أن تتخذ آلية واضحة متكاملة بين الجهات المنتجة للمعلم و الجهات المستخدمة للمعلم .
7)
فتح قنوات اتصال مباشر بين مصادر إعداد المعلمين ومراكز عملهم الوظيفي ، وذلك بهدف التعرف على حاجياتهم ومشكلاتهم واستعداداتهم لتوجيهها التوجه السليم .
8) تطوير البحث العلمي في مجال إعداد وتدريب المعلم و تشجيعه و زيادة تمويله، وان تعتمد مؤسسات تدريب المعلم نتائج البحوث و الدراسات التربوية كأساس لتطوير وتحسين ممارساتها و نشاطاتها ، وان تكون هذه البحوث و الدراسات إحدى المكونات الأساسية لبرنامج إعداد و تدريب المعلمين .
9) إنشاء
مركز تدريب المعلمين يتبع كلية التربية ، و أن يتم التنسيق و التعاون في تنفيذ البرامج مع إدارة التطوير والتنمية التابع لوزارة التربية.
يشهد العالم منذ مطلع هذا القرن نقلة حضارية هائلة شملت كل أوجه ومجالات الحياة، حيث أنه في كل يوم يظهر على مسرح الحياة معطيات جديدة تحتاج إلى خبرات جديدة وفكر جديد ومهارات جديدة
للتعامل معها بنجاح ، وهذه التحولات قد ألقت بظلالها على بنية النظام التربوي ،
ومن ثم فنحن
فى حاجة إلى تربية غير تقليدية كالتي عهدناها ، وعليه فإن إعداد الإنسان القادر على التصدي لكل هذه التحولات والتغيرات يتطلب إعادة النظر في النظم التعليمية مفهومًا ومحتوى وأسلوبًا ، وذلك على أسس جديدة قائمة على استراتيجيات علمية فعالة تستوعب الإمكانات المادية والبشرية المتاحة . ومن هنا بدأت تتسابق الدول المختلفة على تطوير نظمها التعليمية بصورة شاملة أحيانًا وبصورة جزئية أحيانًا أخرى. وبدأت تشهد قضية التطوير والإصلاح المتعلقة بالمعلم قدرًا كبيرًا من الاهتمام فى الدول المختلفة التى تنشد الارتقاء بنظمها التعليمية ومن ثم تجويد نواتجها . ومن أبرز النتائج المترتبة على التحديات المعاصرة والمستقبلية التى يواجهها التعليم فى العالم تلك المرتبطة بدور المعلم في
العملية التعليمية في ضوء إطار التغير والتحول المتسارع في المظاهر الاقتصادية ، والسياسية ،للعالم المعاصر حيث يتطلب العالم المتغير نمطًا مختلفًا من التعليم) محمد ، ١٩٩٦.
( ولكى يتمكن التعليم فعلاً من تلبية متطلبات العصر ، فإنه ينبغي تخريج نوعية من المتعلمين القادرين على تنمية أنفسهم باستمرار ، ولا يتم ذلك إلا بتوفير المناخ التعليمي المناسب وتوفير المعلمين المؤهلين ،
وهذا ما تسعي إلية الدول المتقدمة .وتعد التنمية المهنية للمعلم من أساسيات تحسين التعليم ، وذلك لما لها من أهمية بالغة في تطوير الأداء التدريسي للمعلم ، وتطوير تعلم جميع التلاميذ للمهارات
اللازمة لهم مما يؤدي إلى تحقيق مجتمع التعلم، والتنمية المهنية هي المفتاح الأساسي لاكتساب المهارات المهنية والأكاديمية ، سواء عن طريق الأنشطة المباشرة في برامج التدريب الرسمية ، أو باستخدام أساليب التعلم الذاتي ، ولقد ساعدت الطفرة الهائلة في نظم المعلومات والالكترونيات والحاسبات وأساليب الاتصالات إلى ظهور أساليب جديدة في مجال التربية والتعليم ، وظهور الكثير من الاتجاهات التربوية الحديثة في مجال إعداد المعلم وتدريبه مهنيًا كنتيجة مباشرة
لتفاعل مؤسسات إعداد وتدريب المعلم مع المتغيرات المعاصرة ، وتأسيسًا على ما سبق وانطلاقًا من توصيات المؤتمرات والندوات فإن دراسة إعداد المعلم وتنميته مهنيًا في ضوء التحديات المستقبلية
بات ضرورة ملحة وحتمية لمواجهة تحديات العصر، وهذا ما تسعي إليه الدراسة الحالية.
مشكلة الدراسة :
إن قضية إعداد المعلم وتنميته مهنيًا لم تعد قضية ثانوية ،ولكنها قضية
مصيرية تمليها تطورات الحياة ، وبخاصة ونحن نعيش في عصر التحديات والتحولات الهامة وذلك من أجل الارتقاء بمهنة التعليم ونوعية المعلمين ، ولقد ترتبت علي التغيرات الحديثة التى باتت تجتاح العالم قي السنوات الأخيرة أن أخذت الدول جميعها في إعادة النظر في نظمها التعليمية بشكل عام ، ونظام إعداد وتدريب المعلم بشكل
خاص، وذلك من خلال برامج تزودهم بالمعارف التربوية التعليمية ،وإكسابهم المهارات المهنية ، وذلك استجابة للعديد من العوامل التي من أبرزها الوعي بالتغيرات الحادثة والتكيف معها ، وذلك دعمًا لمكانة هذه المهنة وتمكينًا للمعلم من القيام برسالته الحقيقية في المجتمع وفقًا للمتغيرات السريعة والمستمرة التى تحدث في المجتمع . والكويت في أشد الحاجة إلى وجود معلمين قادرين علي إحداث التنمية البشرية والنهوض بالمجتمع ، لذلك يتطلب الأمر مراجعة واقع إعداد وتدريب المعلم في ضوء مدى مناسبة هذا الواقع
أسئلة الدراسة:
تتلخص مشكلة الدراسة في السؤال الرئيس التالي :
كيف يمكن الاستفادة من الاتجاهات العالمية الحديثة في تطوير برامج إعداد المعلم وتنميته مهنيًا ؟
وينبثق من هذا السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية :
1)
ما الاتجاهات المعاصرة في إعداد المعلم وتنميته مهنيًا ؟ وما هي أهم محاورها ؟
2)
ما أبرز التصورات المقترحة لتطوير نظام إعداد المعلم وتنميته مهنيًا بما يتناسب مع
الاتجاهات المعاصرة ؟
أهداف الدراسة
تهدف الدراسة إلى ما يلي :
1) تعرف الاتجاهات المعاصرة في مجال إعداد المعلم وتنميته مهنيًا وذلك في المجالات التالية:
§
الاتجاهات العالمية المعاصرة حول سياسة قبول الطلبة في كليات التربية .
§
الاتجاهات المعاصرة حول التكامل بين إعداد المعلمين قبل الخدمة وتنميتهم مهنيًا أثناءها .
§
الاتجاهات المعاصرة في نظام الدراسة وبرامجها في كليات التربية .
§
الاتجاهات المعاصرة فيما يتعلق بالتربية العملية .
§
الاتجاهات المعاصرة حول برامج تدريب المعلمين أثناء الخدمة .
2) توضيح كيف يسهم تطوير برامج إعداد المعلم وتنميته مهنيًا في الارتقاء بمهنة التعليم .
3) تقديم تصور مقترح لتطوير نظام إعداد المعلم وتنميته مهنيًا بما يتناسب مع الاتجاهات المعاصرة
أهمية الدراسة
من منطلق الاهتمام المتزايد بأهمية إعداد المعلم وتدريبه في ضوء الاتجاهات المعاصرة، وفي ضوء ما
يشهده العالم من تطور متزايد ومتنامي في الاتجاهات العلمية وما يتبع ذلك من اهتمام متزايد بإعداد
المعلم في عالم متغير ، جاءت هذه الدراسة للتعرف علي الاتجاهات المعاصر في مجال إعداد المعلم
وتنميته مهنيًا ، ورصدها وتحليلها وتصنيفها والإفادة منها في برامج إعداد المعلم وتدريبه في مراحل
التعليم العام .كما تساهم هذه الدراسة في تقديم بعض التصورات التى يمكن أن يستفيد منها المسئولين التربويين لتطوير برامج إعداد المعلم وتدريبه وفقًا للاتجاهات المعاصرة .
إرسال تعليق