النثر - وصايا
وارشادات -للشيخ محمد بن عبد الوهاب
وصايا
وإرشادات - للشيخ محمد بن عبد الوهاب
قال في أحدي خطبة بعد أن حمد الله وأثني عليه :
[ أما بعد ، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالي ، عباد الله : لقد غلب على النفوس الطمع فأهلكها ، واستولت على القلوب الذنوب فسودتها ، فاجلوا سواد هذه الظلمة بالتوبة ، فالتوبة هي المصباح ، واستفتحوا أبواب الرحمة بالاستغفار ، فإن الله هو الفتاح ، وأصلحوا فساد أعمالكم يصلح الله أحوالكم ، وارحموا ضعفاءكم يرفع الله درجاتكم ، وواسوا فقراءكم يوسع الله أرزاقكم ، وخذوا على أيدي سفهائكم يبارك لكم في أعماركم ، فمن رحم رحم ، ومن ظلم قصم ، ومن فرط ندم ، ومن اتجر في الأعمال الصالحة ربح وغنم . ومن اتقي الله في سره وعلانيته عصم وسلم . واجتنبوا البغي والعدوان والحقد والحسد ، واعلموا أن الحسود لا يسود ، ولا يناله من حسده إلا الهم والغم والكمد والنكد ، فمن يرد نعمة الله التي أنعم بها على عباده ؟ أم من يمنع عطاءه الذي يقسمه على عباده ؟ وتيقنوا أن كل إناء ينضج بما فيه ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع - لاشك - فيه ، ومن كان الله به عناية فهو منصور ، ومن أدركته رحمة الله فهو مجبور ، وإن كل محسن أو مسئ مجازي بعمله يوم النشور ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوهم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (90) ] النمل
الإمام محمد بن عبد الوهاب :
1- هو الإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي ، زعيم النهضة الدينية الإصلاحية الحديثة في جزيرة العرب ، ولد بالعيينة ، وطلب العلم بالحجاز - دعي إلي التوحيد الخالص ، وكانت دعوته هي الشعلة الأولي لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله .
2- له كتب في التوحيد ( كتاب التوحيد ) ، ( كشف الشبهات )
لغويات :
اتقوا : التقوى الخشية والخوف ، وتقوي الله : خشيته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
اجلوا : اكشفوا ما عليها من سواد ظلمة الذنوب .
التوبة : الاعتراف والندم ، والإقلاع والعزم على ألا يعاود الإنسان ما اقترفه .
استفتحوا : اطلبوا فتح أبواب الرحمة .
واسوا : من المواساة - إعطاؤهم من مالكم .
سفهاءكم : جمع سفيه ، وهو من لا يحسن التصرف .
قصم : كسر وأهلك - نزلت به البلية البغي : الظلم ومجاوزة الحد .
الحقد : الانطواء على العداوة والتملص لفرصتها جمع أحقاد ، حقود .
الحسد : تمني أن تتحول نعمة الآخرين إليك أو أن يسلبوها .
الغم : الحزن والكرب يحصل للقلب بسبب بما جمعه ( غموم )
كمد : كتمان الحزن - حزن الرجل حزنا شديداً
كبت : كب في النار قلب وألقي وصرع ، مجبور : منصور غالب .
فرط : جاوز الحد في القول أو العمل .
غنم : فاز بالشئ في التتريل العزيز ( فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ) .
واسوا : خفضوا الآلام ، خذوا على أيدي : شددوا .
سفهائكم : جمع سفيه من لا يحسن التصرف ، الكمد : كتمان الآلام .
الأفكار والمعاني :
1- الدعوة إلي تقوي الله ، بعد أن غلب الطمع على النفوس فأهلكها ، واستولت الذنوب على القلوب فجعلتها سوداء . ( وهذا هو سبب البلاء وأصل الداء ) ثم يفصل العلاج ) .
2- إن التوبة هي التي تجلو سواد القلوب كالمصباح يضئ الطريق .
- الاستغفار مفتاح الرحمة فإن الله يرحم التائبين ويفتح لهم باب الرحمة بالتوبة .
- إصلاح الأعمال الفاسدة - فهذا هو الطريق لأن يصلح الله أحوالنا .
- مواساة الفقراء ومساعدتهم - فبها يوسع الله الأرزاق .
- الأخذ على يد السفهاء ، سبيل إلي بركة العمر وطول الأجل .
- الرحمة تجلب لصاحبها رحمة الله ، والظلم يجلب لصاحبه ظلماً أشد .
- التفريط في الدين ندامة ، وعمل الصالحات ربح وغنيمة .
- تقوي الله في السر وفي العلن عصمة وسلامة .
- البعد عن البغي والعدوان والحقد والحسد ، فالحسود لا يسود ، ولا يستطيع أن يرد نعمة من نعم الله على عبد من عباده .
- الإنسان ابن بيئته وكل إناء بما فيه ينضج .
- من حفر لأخيه شرا وقع فيه .
- إن من تدركه رحمة الله وعنايته فلن يمسه سوء أو مكروه .
- المحسن يجازي بإحسانه ، والمسئ بإساءته يوم القيامة .
خصائص أسلوب الشيخ :
- الشيخ رحمة الله جاء مجددا للعقيدة في القلوب ، كما جدد في الأفكار والأسلوب :-
1- هذب الأسلوب بطريقة عملية .
2- خلص الخطابة من الركالة والرتابة ، وأزال عنها البديع المتكلف .
3- كثرت خصائص الخطابة منذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتغيرت عما كانت عليه قبله موضوعاً وأسلوباً كالآتي :-
التحليل والتذوق :
- فيا أيها الناس : أسلوب إنشائي نداء للتنبيه .
- اتقوا الله : أسلوب إنشائي أمر للحث وإثارة الانتباه .
- عباد الله : أسلوب إنشائي نداء حذف الأداة إشعارا بالقرب ولمنع تكرار أداة النداء ... وتكرار النداء لزيادة الحث والتنبيه .
- قد غلب على النفوس الطمع فأهلكها :
( قد ) تفيد التحقيق لما جاء في الجملة من تغلب الطمع على النفوس وإهلاكه لها.
( على النفوس ) تقديم الجارر والمجرور يفيد التخصيص والاهتمام بأمر النفوس .
( أهلكها ) استعارة مكنية تجعل النفوس شيئا حسيا أهلكه الطمع وأباده
( الطمع ) لم يذكر أي نوع من الطمع إشارة إلي أن كل ألوان الطمع قد سيطرات على النفوس ، طمع في الدنيا بزخرفها - طمع في المال ، في الشهوات - استولت على القلوب الذنوب فسودتها :
قضية ثانية ينبه إليها الشيخ وهي أن الذنوب قد استولت على كل شغاف القلوب ومشاعرها فأحالتها سوداء وقضت على نور الإيمان فيها .
( استولت ) توحي بالسيادة والتسلط الكامل - وكأنه لا شئ فيها غير الذنوب .
( على القلوب ) تقديم للتخصيص وشدة التنبه لما صارت إليه القلوب .
( فسودتها ) تصوير للقلوب بالشئ الأسود لكثرة ما ران عليها من الذنوب والذنوب أعمال سوداء فسودت القلوب
الجملتان السابقتان : ( 1) بينهما ازدواج ، وهو من مصادر الموسيقي في النثر الفني
( 2) تكشفان عن الداء الذي عم في هذا العصر .
- فاجلوا سواد هذه الظلمة بالتوبة :
تذكرة علاج تحمل دواء واحدا ناجعا..... إذ ليس من سيبل الخلاص من داء الذنوب غير التوبة . وتلك سمات الداعية الحق - أن يضع الدواء ذكر الداء .
(اجلوا ) أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
( سواد الظلمة ) : استعارة تصريحية يشبه الذنوب والمعاصي بالظلام الأسود الذي سيطر على القلوب وصرح بالمشبه به .
( التوبة هي المصباح ) : تشبيه بليغ - جعل التوبة هي المصباح الذي يحتاجه كل صاحب ذنب ليقضي به على ظلام الذنوب وسواد القلوب ، فوجه الشبه هو إزالة الظلمة . ووجه بلاغته أنه جاء دالاً على المعني المراد بوضوح بياني .
- واستفتحوا أبواب الرحمة بالاستغفار : أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
( استفتحوا )- اطلبوا فتح أبواب الرحمة - فلا يصح لو قال افتحوا .
( أبواب الرحمة ) : استعارة مكنية شبه الرحمة بمنازل لها أبواب على التائبين أن يطلبوا من الله تعالي أن يفتح لهم أبواب رحمته بعد أن تاب عليهم .
( بالاستغفار ) : استعارة تصريحية - شبه الاستغفار بالمفتاح الذي يمكن به أن تفتح لهم به أبواب الرحمة .
- أصلحوا فساد أعمالكم يصلح الله أحوالكم : أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد ، وهو تعبير عن معني قوله تعالي ( لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) وهو هنا يوجز الأمر ويوجز علاجه في دقة بالغة .
- خذوا على أيدي سفهائكم : كناية عن التشديد والوقوف ضد فاسدي التصرف ، وهو أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
- وفي الجمل الأربع السابقة ما يسمي في علم البديع ( ترصيعا ) وهو تكرار أكثر من سجعتين - مما يحدث أثرا موسيقيا في الصياغة ، فقد قال ( أعمالكم ، أحوالكم ، درجاتكم ، فقراءكم ، أرزاقكم ، سفهائكم أعماركم ) مع ملاحظة أنه لا تكلف في هذه السجعات .
- الترصيع أيضا في قوله : فمن (( رحم رحم ، ومن ظلم قصم ، ومن فرط ندم ، ومن أنجز في الأعمال الصالحة ربح وغنم سلم ) .
- سره × علانية : طباق للشمول - شمول تقوي الإنسان لربه سرا وعلانية .
- لا يناله من حسده إلا الهم والغم والكمد والنكد = أسلوب قصر - طريقته النفي والاستثناء - يفيد توليد ما يحدث للحسود من آلام متعددة .
- كل إناء ينضج بما فيه : كناية عن أن الإنسان يتصرف وفق ما تربي عليه .
- لاشك : إطناب الاعتراض للتوكيد .
حفر لأخيه بئرا وقع فيه : كناية عن أن من يدبر شرا للناس سوف ينقلب الشر عليه وحده - ( لأخيه ) تقدم للتخصيص .
- منصور - مجبور : سجع ، وجناس ناقص .
- محسن × مسئ : طباق للشمول ، شمول الجزاء من جنس العمل .
- هل تجزون إلا ما كنتم تعملون : أسلوب قصر بالنفي ( هي بمعني لا ) والاستثناء لتوكيد أن الجزاء على قدر العمل ونوعه .
التعليق العام :
خصائص الخطابة منذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب : -
1- وضوح الأفكار وتسلسلها مما يدل على سعة الثقافة وعمقها .
2- قوة العاطفة المدعومة بقوة الحجة والبرهان .
3- بيان قوي يأخذ بالألباب فيمس شغاف القلوب .
4- عبارة رصينة منتقاة فيها من الإيقاع والاتزان ما يجعل أسلوب الشيخ من السهل الممتنع
5- بديع غير متكلف ، ذو تأثير على الأذن والقلب معا ، وخاصة ذلك السجع المنسق .
6- إيجاز يلم بأطراف الموضوع في كلمات محددة مسددة رشيقة .
7- تأثر واضح بالقرآن في المعاني والاقتباس الذي يصيب الهدف .
8- استشهاد بآية من كتاب الله يتوج بها كل خطبة من خطبة .
9- الحكم التي ينثرها في خطبة .
10- المزاوجة بين الجمل الإنشائية والخبرية .
قال في أحدي خطبة بعد أن حمد الله وأثني عليه :
[ أما بعد ، فيا أيها الناس اتقوا الله تعالي ، عباد الله : لقد غلب على النفوس الطمع فأهلكها ، واستولت على القلوب الذنوب فسودتها ، فاجلوا سواد هذه الظلمة بالتوبة ، فالتوبة هي المصباح ، واستفتحوا أبواب الرحمة بالاستغفار ، فإن الله هو الفتاح ، وأصلحوا فساد أعمالكم يصلح الله أحوالكم ، وارحموا ضعفاءكم يرفع الله درجاتكم ، وواسوا فقراءكم يوسع الله أرزاقكم ، وخذوا على أيدي سفهائكم يبارك لكم في أعماركم ، فمن رحم رحم ، ومن ظلم قصم ، ومن فرط ندم ، ومن اتجر في الأعمال الصالحة ربح وغنم . ومن اتقي الله في سره وعلانيته عصم وسلم . واجتنبوا البغي والعدوان والحقد والحسد ، واعلموا أن الحسود لا يسود ، ولا يناله من حسده إلا الهم والغم والكمد والنكد ، فمن يرد نعمة الله التي أنعم بها على عباده ؟ أم من يمنع عطاءه الذي يقسمه على عباده ؟ وتيقنوا أن كل إناء ينضج بما فيه ، ومن حفر لأخيه بئراً وقع - لاشك - فيه ، ومن كان الله به عناية فهو منصور ، ومن أدركته رحمة الله فهو مجبور ، وإن كل محسن أو مسئ مجازي بعمله يوم النشور ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوهم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (90) ] النمل
الإمام محمد بن عبد الوهاب :
1- هو الإمام محمد بن عبد الوهاب التميمي ، زعيم النهضة الدينية الإصلاحية الحديثة في جزيرة العرب ، ولد بالعيينة ، وطلب العلم بالحجاز - دعي إلي التوحيد الخالص ، وكانت دعوته هي الشعلة الأولي لليقظة الحديثة في العالم الإسلامي كله .
2- له كتب في التوحيد ( كتاب التوحيد ) ، ( كشف الشبهات )
لغويات :
اتقوا : التقوى الخشية والخوف ، وتقوي الله : خشيته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه .
اجلوا : اكشفوا ما عليها من سواد ظلمة الذنوب .
التوبة : الاعتراف والندم ، والإقلاع والعزم على ألا يعاود الإنسان ما اقترفه .
استفتحوا : اطلبوا فتح أبواب الرحمة .
واسوا : من المواساة - إعطاؤهم من مالكم .
سفهاءكم : جمع سفيه ، وهو من لا يحسن التصرف .
قصم : كسر وأهلك - نزلت به البلية البغي : الظلم ومجاوزة الحد .
الحقد : الانطواء على العداوة والتملص لفرصتها جمع أحقاد ، حقود .
الحسد : تمني أن تتحول نعمة الآخرين إليك أو أن يسلبوها .
الغم : الحزن والكرب يحصل للقلب بسبب بما جمعه ( غموم )
كمد : كتمان الحزن - حزن الرجل حزنا شديداً
كبت : كب في النار قلب وألقي وصرع ، مجبور : منصور غالب .
فرط : جاوز الحد في القول أو العمل .
غنم : فاز بالشئ في التتريل العزيز ( فكلوا مما غنتم حلالاً طيباً ) .
واسوا : خفضوا الآلام ، خذوا على أيدي : شددوا .
سفهائكم : جمع سفيه من لا يحسن التصرف ، الكمد : كتمان الآلام .
الأفكار والمعاني :
1- الدعوة إلي تقوي الله ، بعد أن غلب الطمع على النفوس فأهلكها ، واستولت الذنوب على القلوب فجعلتها سوداء . ( وهذا هو سبب البلاء وأصل الداء ) ثم يفصل العلاج ) .
2- إن التوبة هي التي تجلو سواد القلوب كالمصباح يضئ الطريق .
- الاستغفار مفتاح الرحمة فإن الله يرحم التائبين ويفتح لهم باب الرحمة بالتوبة .
- إصلاح الأعمال الفاسدة - فهذا هو الطريق لأن يصلح الله أحوالنا .
- مواساة الفقراء ومساعدتهم - فبها يوسع الله الأرزاق .
- الأخذ على يد السفهاء ، سبيل إلي بركة العمر وطول الأجل .
- الرحمة تجلب لصاحبها رحمة الله ، والظلم يجلب لصاحبه ظلماً أشد .
- التفريط في الدين ندامة ، وعمل الصالحات ربح وغنيمة .
- تقوي الله في السر وفي العلن عصمة وسلامة .
- البعد عن البغي والعدوان والحقد والحسد ، فالحسود لا يسود ، ولا يستطيع أن يرد نعمة من نعم الله على عبد من عباده .
- الإنسان ابن بيئته وكل إناء بما فيه ينضج .
- من حفر لأخيه شرا وقع فيه .
- إن من تدركه رحمة الله وعنايته فلن يمسه سوء أو مكروه .
- المحسن يجازي بإحسانه ، والمسئ بإساءته يوم القيامة .
خصائص أسلوب الشيخ :
- الشيخ رحمة الله جاء مجددا للعقيدة في القلوب ، كما جدد في الأفكار والأسلوب :-
1- هذب الأسلوب بطريقة عملية .
2- خلص الخطابة من الركالة والرتابة ، وأزال عنها البديع المتكلف .
3- كثرت خصائص الخطابة منذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتغيرت عما كانت عليه قبله موضوعاً وأسلوباً كالآتي :-
التحليل والتذوق :
- فيا أيها الناس : أسلوب إنشائي نداء للتنبيه .
- اتقوا الله : أسلوب إنشائي أمر للحث وإثارة الانتباه .
- عباد الله : أسلوب إنشائي نداء حذف الأداة إشعارا بالقرب ولمنع تكرار أداة النداء ... وتكرار النداء لزيادة الحث والتنبيه .
- قد غلب على النفوس الطمع فأهلكها :
( قد ) تفيد التحقيق لما جاء في الجملة من تغلب الطمع على النفوس وإهلاكه لها.
( على النفوس ) تقديم الجارر والمجرور يفيد التخصيص والاهتمام بأمر النفوس .
( أهلكها ) استعارة مكنية تجعل النفوس شيئا حسيا أهلكه الطمع وأباده
( الطمع ) لم يذكر أي نوع من الطمع إشارة إلي أن كل ألوان الطمع قد سيطرات على النفوس ، طمع في الدنيا بزخرفها - طمع في المال ، في الشهوات - استولت على القلوب الذنوب فسودتها :
قضية ثانية ينبه إليها الشيخ وهي أن الذنوب قد استولت على كل شغاف القلوب ومشاعرها فأحالتها سوداء وقضت على نور الإيمان فيها .
( استولت ) توحي بالسيادة والتسلط الكامل - وكأنه لا شئ فيها غير الذنوب .
( على القلوب ) تقديم للتخصيص وشدة التنبه لما صارت إليه القلوب .
( فسودتها ) تصوير للقلوب بالشئ الأسود لكثرة ما ران عليها من الذنوب والذنوب أعمال سوداء فسودت القلوب
الجملتان السابقتان : ( 1) بينهما ازدواج ، وهو من مصادر الموسيقي في النثر الفني
( 2) تكشفان عن الداء الذي عم في هذا العصر .
- فاجلوا سواد هذه الظلمة بالتوبة :
تذكرة علاج تحمل دواء واحدا ناجعا..... إذ ليس من سيبل الخلاص من داء الذنوب غير التوبة . وتلك سمات الداعية الحق - أن يضع الدواء ذكر الداء .
(اجلوا ) أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
( سواد الظلمة ) : استعارة تصريحية يشبه الذنوب والمعاصي بالظلام الأسود الذي سيطر على القلوب وصرح بالمشبه به .
( التوبة هي المصباح ) : تشبيه بليغ - جعل التوبة هي المصباح الذي يحتاجه كل صاحب ذنب ليقضي به على ظلام الذنوب وسواد القلوب ، فوجه الشبه هو إزالة الظلمة . ووجه بلاغته أنه جاء دالاً على المعني المراد بوضوح بياني .
- واستفتحوا أبواب الرحمة بالاستغفار : أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
( استفتحوا )- اطلبوا فتح أبواب الرحمة - فلا يصح لو قال افتحوا .
( أبواب الرحمة ) : استعارة مكنية شبه الرحمة بمنازل لها أبواب على التائبين أن يطلبوا من الله تعالي أن يفتح لهم أبواب رحمته بعد أن تاب عليهم .
( بالاستغفار ) : استعارة تصريحية - شبه الاستغفار بالمفتاح الذي يمكن به أن تفتح لهم به أبواب الرحمة .
- أصلحوا فساد أعمالكم يصلح الله أحوالكم : أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد ، وهو تعبير عن معني قوله تعالي ( لا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) وهو هنا يوجز الأمر ويوجز علاجه في دقة بالغة .
- خذوا على أيدي سفهائكم : كناية عن التشديد والوقوف ضد فاسدي التصرف ، وهو أسلوب إنشائي أمر للنصح والإرشاد .
- وفي الجمل الأربع السابقة ما يسمي في علم البديع ( ترصيعا ) وهو تكرار أكثر من سجعتين - مما يحدث أثرا موسيقيا في الصياغة ، فقد قال ( أعمالكم ، أحوالكم ، درجاتكم ، فقراءكم ، أرزاقكم ، سفهائكم أعماركم ) مع ملاحظة أنه لا تكلف في هذه السجعات .
- الترصيع أيضا في قوله : فمن (( رحم رحم ، ومن ظلم قصم ، ومن فرط ندم ، ومن أنجز في الأعمال الصالحة ربح وغنم سلم ) .
- سره × علانية : طباق للشمول - شمول تقوي الإنسان لربه سرا وعلانية .
- لا يناله من حسده إلا الهم والغم والكمد والنكد = أسلوب قصر - طريقته النفي والاستثناء - يفيد توليد ما يحدث للحسود من آلام متعددة .
- كل إناء ينضج بما فيه : كناية عن أن الإنسان يتصرف وفق ما تربي عليه .
- لاشك : إطناب الاعتراض للتوكيد .
حفر لأخيه بئرا وقع فيه : كناية عن أن من يدبر شرا للناس سوف ينقلب الشر عليه وحده - ( لأخيه ) تقدم للتخصيص .
- منصور - مجبور : سجع ، وجناس ناقص .
- محسن × مسئ : طباق للشمول ، شمول الجزاء من جنس العمل .
- هل تجزون إلا ما كنتم تعملون : أسلوب قصر بالنفي ( هي بمعني لا ) والاستثناء لتوكيد أن الجزاء على قدر العمل ونوعه .
التعليق العام :
خصائص الخطابة منذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب : -
1- وضوح الأفكار وتسلسلها مما يدل على سعة الثقافة وعمقها .
2- قوة العاطفة المدعومة بقوة الحجة والبرهان .
3- بيان قوي يأخذ بالألباب فيمس شغاف القلوب .
4- عبارة رصينة منتقاة فيها من الإيقاع والاتزان ما يجعل أسلوب الشيخ من السهل الممتنع
5- بديع غير متكلف ، ذو تأثير على الأذن والقلب معا ، وخاصة ذلك السجع المنسق .
6- إيجاز يلم بأطراف الموضوع في كلمات محددة مسددة رشيقة .
7- تأثر واضح بالقرآن في المعاني والاقتباس الذي يصيب الهدف .
8- استشهاد بآية من كتاب الله يتوج بها كل خطبة من خطبة .
9- الحكم التي ينثرها في خطبة .
10- المزاوجة بين الجمل الإنشائية والخبرية .
إرسال تعليق