الإدارة عبر التاريخ
الإدارة من أقدم العلوم، مارسها الإنسان منذ بداية نشوء
مجتمعاته المنظّمة بأشكال و مفاهيم مختلفة و بمستويات تطبيقية متباينة.
التطور التكنولوجي الهائل و آثار الحضارات العالمية
الباقية ليست إلا انعكاساً لنشاطات إنسانية متميّزة توِّجت بتنظيم متميز. لنسلّط
الضوء على المجتمعات القديمة و إنجازاتها الإدارية و كيفية نشوء الإدارة بمفهومها
الوظيفي و تطور طبيعته و خصائصه.
هدف الإدارة واحد
هو التنظيم و الضبط، و إن اختلفت
الأشكال.
الإدارة عبر الحضارات
-
في الحضارة الفرعونية : تطلّب تنفيذ الأهرامات قدرة إدارية شاملة
أهم تطبيقاتها التخطيط الدقيق الشامل، إعداد و تنفيذ برامج عمل محددة، و التنسيق
العالي بين النشاطات و الموارد. فمشروع بناء الأهرامات كان له متطلّبات منها :
التخطيط المعماري المتميّز لاختيار المكان و المخططات الهندسية، برنامج عمل للتنسيق
و التطوير، تعديل الخطط و التصاميم لحل المشكلات الفنية، تلبية المتطلبات
العقائدية في تمتّع البناء بصفة الأزليّة، أي اعتماد جودة معايير العمل.
نتج عن هذه الجهود : تجاوز المشكلات بحلول
عملية لتحقيق الهدف، و إنشاء مبنى بدقة و مواصفات عالية جداً استناداً لمراقبة
عالية للجودة.
مما يعني تقدم الفراعنة في مجال الإدارة، حيث
تم التنفيذ بدقة و جودة عالية يصعب تطبيقها اليوم حتى بوجود التسهيلات التكنولوجية.
-
في الحضارة البابلية :
تمثّل قوانين حمورابي قفزة نوعية في الإدارة المدنية، لتقديمها شكلاً
متكاملاً ينظّم علاقات و نشاطات المجتمع. منها قوانين النشاطات التجارية و
النشاطات العقارية و تنظيم الملكيّات الخاصّة و تنظيم العمالة و الأحوال المدنية
العائلية.
على الصعيد الاقتصادي: نظّمت قوانين حمورابي
تعاملات : علاقات الشراكة، المبيعات، الديون، العقود، سندات القبض و الصرف، و
الاتفاقيات التجاريّة.
-
في الحضارة الصينية : لم يكن بناء سور الصين العظيم المساهمة
الوحيدة للحضارة الصينية القديمة في علم الإدارة. فحوالي 1100 ق.م أوجد الصينيّون
ما يسمى اليوم التوصيف الوظيفي الذي كان يشمل : المهام الوظيفية،
المسؤوليات الوظيفية و الصلاحيات الوظيفية.
و هي مفاهيم هامة جداً لتحديد و تنظيم شكل العلاقات الإدارية.
-
في القرون الوسطى : تعتبَر مدينة البندقية الإيطالية مثالاً للنجاح
الإداري في القرن السادس عشر حيث
ازدهرت كعاصمة لصناعة السلاح في العالم. و تميّزت
بتخطيط و تنظيم أنشطة هامة كالصناعة و التخزين و الإصلاح و الصيانة و
التجهيز. مما جعلها نموذجاً إدارياً
متقدّماً و ظهر فيها الشكل الأول لخطوط الإنتاج الصناعية و متطلّباته من : تدريب
أفراد، معايير و مواصفات، مراقبة مخزون، مراقبة مستودعات، مراقبة تكاليف و حسابات.
في هذه الفترة اعتمدت الصناعة على مواد أولية
غير متوفرة في بلد التصنيع، مما دفع لظهور تجارة المواد الأولية إلى جانب تجارة
المنتجات النهائية، لتصنيع الاستهلاك المحلي و تصدير الفائض.
إرسال تعليق