حدت استعمال الكلمات( الحلال – السنة - وكلمة فرض – كلمة المندوب – وكلمة الحرام- كلمة
مكروه؟
ج-----
كلمة الحلال بما يقابل كلمة الحرام
لفظ السنة بمعنى الطريقة حتى شملت السنة باستعماله الواجب والمندوب
فكلمة فرض مثلا ًوردت بالقرآن
الكريم بمعنى القطع كما جاءت بمعنى التقدير والإلزام وكلمة الحرام وردت في القرآن
بما يقابل الحلال وجاءت في الحديث أو في السنة كذلك
أما كلمة المندوب فلا نجد لها ذكرا ً في لسان الشرع
بمعناها الاصطلاحي
إلا أن كلمة السنة المرادفة
لكلمة المندوب وردت كثيراً بمعناها اللغوي في كثير من نصوص القرآن والسنة
وكلمة مكروه استعملها الشرع بمعناها
اللغوي كثيرا بما يقابل المحبوب واستعملت لفظ مكروه أيضا بما يشمل الحرام
في بعض النصوص الواردة في السنة وأما لفظ مباح فلا يوجد له ذكرٌ في
القرآن والسنة وإنما ورد
معناها في نصوص أخرى في القرآن والسنة فوردت بلفظ رفع الجناح ولفظ الحلال،
ولفظ رفع الحرج ونحو ذلك من
الألفاظ
بقيت هذه الألفاظ مستعملةً بلسان الشرع بالمعنى
العام
حتى جاء عهد التدوين لعلم أصول الفقه وظهرت الضرورة العلمية إلى
تقسيمها وتحديدها بمعان اصطلاحيه ليدخل تحت كل نوع منها ما يناسبه من فروع فقهية
فسلك العلماء حينئذٍ ووقفوا من ذلك المسلك الاستقراء فتتبعوا النصوص الشرعية والأحكام الفقهية فوجودها لا تخرج عن هذه الأقسام التي عدها بعضهم
خمسة وعدها بعضهم سبعة
ولذلك الواقع يسند هذا فإننا لا نجد
فرعا من الفروع الفقهية يخرج حكمه عن هذه الأقسام
الخمسة أو الأقسام السبعة إلا ما رآه بعضهم من زيادة الأقسام كما بينا ذلك في القسم الذي زاده بعضهم وهو قسم العفو أو ما يعرف بقسم خلاف الأولى.
هذا فيما يتعلق بنشأة هذه المصطلحات
فتلخص من ذلك أن هذه المصطلحات في جملة منها قد استعملت في نصوص القرآن والسنة
بمعان عامه لا تعني المصطلح الدقيق الذي تكلم عنه علماء أصول الفقه بعد
ذلك في عصر التدوين ومنها ألفاظ لم تستعمل في الصدر الأول إنما ظهر استعمالها
والاصطلاح عليها بعد عصر التدوين في أصول الفقه وعلى كل حال كما قلنا فإن هذه
الاصطلاحات دعت إليها الضرورة العلمية وضرورة ضبط الأحكام وضبط الألفاظ في مجال
التأليف والتدوين ونختم في الكلام على أقسام الحكم التكليفي في الكلام عن نقطةٍ قد
يتساءل عنها وقد تكون محل لتساؤل بعض الأذهان وهي ما الحكمة إلى أن ينوع الشرع
الأحكام التكليفية إلى هذه الأقسام الخمسة أو السبعة وفي هذا نقول إن الحكمة ليس بالضرورة
ِ أن تظهر لنا فكثيرا ً ما يأمرنا الشرع أو يوجهنا إلى الالتزام بأمور قد لا
تظهر لنا الحكمة فيها فلا يعني ذلك التوقف عن العمل لكن التماس الحكمة أمر مشروع
لأنه يزيد النفس اطمئنانا ويثيرها على العمل
فقد يرد تساؤل المرء هنا فيقول
مادامت الأحكام التكليفية بهذه الأقسام صادره من الله تعالى ومادام أن شريعة
الإسلام عبارة عن أمر ونهي فلماذا تنوعت هذه الأوامر
والنواهي إلى واجب ومندوب وحرام ومكروه ونحو ذلك ولماذا لا تكون كلها واجبات
ومحرمات
ففي الجواب عن ذلك نقول :أن
الله تعالى رحيم بعباده وحكيم في تشريعه
فلم يقيد الله تعالى المكلفين بهذه الأحكام التي هي الواجبات والمحرمات فقط لأن
في ذلك تضييقا عليهم وإحراجا لهم فشرع هذه الأحكام لتوصلوا بالسير على منهاجها
إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة
ولهذا
صرح جمهور العلماء بأن أحكام الله عز وجل معللة بمصالح
العباد فالشريعة من حيث هي جالبة ٌ للمصالح ودارئة ٌ للمفاسد وبهذا يقول الشاطبي رحمه
الله إنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد
ويقول
في موضع آخر تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق وهذه المقاصد لا تعدو
ثلاثة أقسام أحدها
أن تكون ضرورية
والثاني
أن تكون حاجية
والثالث
أن تكون تحسينية ولما كانت الأحكام التكليفية من مصلحة الإنسان كان قصرها على
الوجوب والتحريم يشتمل على نوع من الحرج والمشقة فقد لا يستطيع الإنسان لضعفه أحيانا
امتثال جميع الأوامر واجتناب جميع النواهي ولذلك فتح الله لعباده باب المباحات
توسعة عليهم من جهة وجعل لهم المندوب والمكروه تخفيفا ً عليهم وزيادةً في الابتلاء
لهم من جهة أخرى ولتكون هذه الأنواع سترةً بينهم وبين الحرام ولعل من الحكم
التي يمكن أن تلتمس أيضا ً هنا أن في ذلك ابتلاء ً
واختبارا فإن الابتلاء والاختبار إنما يكون في المندوب والمكروه أوضح منه في
الواجب والحرام إذ إن امتثال الواجب
واجتناب الحرام أقرب إلى النفس الضعيفة التي تخاف العقاب دون رغبة لها في الثواب أما إذا قوي إيمان المرء وفهم أن هذه التشريعات بواجبها
ومندوبها وحرامها ومكروهها أنما هي لمصلحته وحده وسبيل سعادته في الدنيا والآخرة
فلا يرضى عند ذلك أن يقف عند
حدود الواجب بل يتعداه إلى فعل الفضائل والمندوبات كما لا يرضى لنفسه أن يقتصر على اجتناب الحرام بل يتعدى اجتنابه لكل المكروهات وهذا هو سبيل
الصالحين
المخلصين ويشهد لذلك أن الأعرابي جاء إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وسأله عن أمور الشرع فلما بين له الرسول صلى الله
عليه وسلم الفرائض قال: لا أزيد على هذا ولا أنقص وذلك لضعف نفسه بتحمل المندوبات واجتناب المكروهات وأما لو
زادت نفسه في احتمال
هذه الأمور لحصل الثواب وأجتنب العقاب بالتزامه بالواجب واجتنابه للمحرم هذه حكم ملتمسه في سبيل الحث جملة الناس على التزام الواجبات واجتناب
المحرمات وحثهم على تلمس
العمل بالمندوبات واجتناب المكروهات فقد تضعف النفس
وتتساهل في ترك المندوبات وتتساهل في فعل المكروهات مع
نظرا لكونه لا عقاب لترك المندوب ولا ثواب على اجتناب المكروه إلا بالنية لذلك
تتساهل الأنفس في مثل هذه الأمور فالشرع عندما جاء بالواجبات والمحرمات وألزم الناس بها
قد يستوي الناس فيها فيحصل تفاضلهم حين إذ ٍ بعملهم بالمندوبات واجتنابهم للمكروهات هذه
بعض الحكم التي أقول بأنها ملتمسة
في جانب هذا الأمر وإلا لا يقطع بها في
حقيقتها إنما حاصلها النظر كما قال الشاطبي إلى استقراء أحكام الشريعة , فإننا عندما
استقرينا أحكام الشريعة وجدنا أنها جاءت بجلب المصالح ودرء المفاسد ومن جلب
المصالح للعباد أمرهم بالمندوبات ومن درء المفاسد عن العباد نهيهم عن المكروهات .
Post a Comment