اختيار الرفقة التي تذكر
الفرد بالله إذا نسي وتدله على الهدى إذا غفل وتعينه إذا فعل طاعة أو دل عليها
كل المعاشرين من الصحبة والرفقاء حيث أن الإنسان بطبعه ميال
إلى الاستئناس بغيره والاتصال برفقة أو جماعة يشاركها أفراحها وأتراحها ويعيش في
كنفها مؤثرا ومتأثرا بالقيم والمبادئ والصفات التي تتميز بها تلك الرفقة أو تلك
الجماعة ، ومن هذا المنطلق اعتبر هذا المستوى مجالا من مجالات القدوة لما له من
تأثير على شخصية الفرد سلبا وإيجابا ، ونجد في القرآن الكريم والسنة النبوية نصوصا
كثيرة تدل على الاهتمام بهذا النوع من القدوة وتحث على الاختيار الحسن لها ، وإذا
أراد أمرؤ أن يربي نفسه فليختر الرفقة التي تذكره بالله إذا نسي وتدله على الهدى
إذا غفل وتعينه إذا فعل طاعة أو دل عليها ، قال تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } [ التوبة : 71 ]
ومما يلاحظ أن الجليس يؤثر في من يجالسه من حيث يشعر أو لا
يشعر ، والطباع والأرواح جنود مجندة يقود بعضها بعضا إلى الخير أو إلى ضده ، عن
أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما
مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن
يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق
ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ، [ مسلم : 4/2026 ]
ويزيد المرء تشبثا بهذه الصحبة علمه بأنها ترافقه في الدار
الآخرة قد يشفع بعضهم لبعض بعد إذن الله تعالى ، فهي منفعة متحصلة في الدنيا وفي
الآخرة ، يقول سبحانه : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } [ الزخرف :
67 ]
ويقول أيضا : { ما للظالمين من حميم ولا شفيع مطاع } [ غافر
: 18 ]
إرسال تعليق