الاقتداء بمن يستحق أن يكون قدوة في الخير
والصلاح
وهو الاقتداء بمن يستحق أن يكون قدوة في الخير
والصلاح من الأحياء المحيطين بالإنسان في بيئته . فحرص المرء على اختيار شخص
استجمع قدرا كبيرا من الفضل والتقوى يكون قدوة له ويحاكيه في أمور الخير والهدى
ويرجع إليه في السراء والضراء مستفيدا من عقله ورأيه ومشورته فيما يلم به من أحداث
ومواقف وتغيرات . كما يحرص على معاشرته لاكتساب تجاربه وخبراته والاستفادة منها في
تربية ذاته . ذلك القدوة الذي من صفاته أنه مفتاح للخير مغلاق للشر كما مدحه
المصطفى عليه السلام فيما رواه أنس – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر
مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله
مفاتيح الشر على يديه [ ابن ماجة : 1/86 ، وحسنه الألباني في الصحيحة برقم 1332 ]
وينبغي أن يكون
الضابط في اختيار القدوة في هذا المستوى أن يكون ممن تعلق فؤاده بالله تعالى ولم
يغفل عنه وأخلص في العلم والعمل . قال تعالى : { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا
واتبع هواه وكان أمره فرطا } [ الكهف : 28 ]
يقول ابن القيم
– رحمه الله - : فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر هل هو من أهل الذكر أو من
الغافلين ، وهل الحاكم عليه الوحي أو الهوى ؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من
أهل الغفلة وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه فإنه يقوده إلى الهلاك ، ... وإن وجده
ممن غلب عليه ذكر الله تعالى واتباع السنة وأمره غير مفروط بل هو حازم في أمره
فليتمسك بعروته . (1)
ولأهمية هذا
النوع من القدوة كان العلماء الأوائل يحرصون على اتخاذه لتربية ذواتهم فيلازمون مشايخهم
وينقادون إليهم صابرين مطيعين . ويقرر الإمام الشاطبي هذا الأمر كقاعدة فيقول :
وحسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالما اشتهر في الناس الأخذ عنه إلا وله قدوة
اشتهر في قرنه بمثل ذلك ، وقلما وجدت فرقة زائغة ولا أحد مخالف للسنة إلا وهو
مفارق لهذا الوصف ، وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري وأنه لم يلازم
الأخذ عن الشيوخ ولا تأدب بآدابهم . وبضد ذلك كان العلماء الراسخون الأئمة الأربعة
وأشباههم . (2)
وكافيك تبيانا
لأهمية الملازمة أن العلماء كانوا يعدون ملازمة الأستاذ من شروط التحصيل العلمي
والتربية العملية . يقول الشافعي – رحمه الله - (1) :
أخي لن
تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها
ببيان
ذكاء وحرص
واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان
وقد يسأل مسترشد
فيقول : وأين أجد مثل هذا النوع من القدوات ؟ فنقول له :
صحيح أنه يعز وجودهم في عصورنا المتأخرة ، ولكن إذا تلفت
المرء يمنة ويسرة واستعرض أمام مخيلته أساتذته الذين تتلمذ عليهم في إحدى المؤسسات
التربوية أو التعليمية من مسجد أو مدرسة أو جامعة أو غير ذلك فلاشك أنه سيجد بغيته
، ولربما تكون هذه القدوة من العلماء العاملين البارزين في المجتمع ممن يبعد آلاف
الأميال ومع ذلك يسهل الاتصال بهم والغرف من معينهم للاستفادة من علومهم وجهودهم
وتجاربهم التربوية
ولعل وجود أمثال هؤلاء القدوات أمام ناظري الإنسان يزيده
تمسكا بتعاليم الدين وقيمه فيجاهد نفسه في ذلك لأنه يرى إمكانية تطبيق تلك
التعاليم في أرض الواقع ، ومن يتبلور في حسه وشعوره أن الحل الديني المقتبس من
الكتاب والسنة هو الحل الأمثل والأنجح لمشكلات الحياة ، فإنه لا يتردد لحظة في
الأخذ بنصيحة أولئك الأفذاذ والاسترشاد بآرائهم ومشورتهم فيوفر على نفسه كثيرا من
الوقت والجهد في سبيل البحث عن الأفضل والأصلح لذاته
إرسال تعليق