بهذا المفهوم الواضح لتغير الحركة ولمجرد تغير الحركة تعالج المدرسة
السلوكية آفات النفس وعللها ، وتغير الحركة له مفهوم نفسي أصيل نحن تتبعنا مسيرته
من عبادات التوحيد الأصلية حتى انحرفت المسيرة من عبادة التوحيد إلي عبادات الشرك
، ومع هذا ظل السجود بالحركة هو مظهر عبادة الشرك ، وظهر هذا واضحا في عبادة
اليوجا ، ولما انقرضت العبادة وتحولت إلى رياضة احتفظ الهنود بحقائق العبادة فيها
محورة مقنعة، ثم لما ارتقى العلم وعرف الطب وفروعه وعلم النفس وفروعه أخذ علماء النفس
هذا القديم الموروث وألبسوه ثوبا جديدا من ثياب العلم المعاصر ، وخرجت المدرسة
السلوكية بمنهج جديد تعالج به آفات النفس وعللها وأهم ركن في المنهج السلوكي
الجديد هو منهج الاسترخاء بتغير الحركة يتآلف معه تنظيم التنفس بالشهيق والزفير
ومنهج تركيز الانتباه بالتصور وليس هذا
فحسب ، بل إن المدرسة السلوكية جعلت تغير الحركة وحده وسليه علاجية يسترخي به من
ضاقت نفسه و كثر همه وضاق وقته أمام جهاز "البيوفيدباك " دون الاستعانة
بالطبيب .
فهل بعد هذا الوضوح العلمي للأبعاد النفسية لتغير الحركة مازالت الأعين
تحتاج إلي مزيد من الضوء لتبصر من قريب ما يتحقق في الصلاة في الإسلام من فائدة
نفسية أصيلة ، بما يكمن في مظهر ها الحركي .
من تغير أصيل أصالته وصدقه في صدق من افترضها وجعلها كتابا موقوتا يلزم به
أهل طاعته و أهل شريعته .
الأصالة كلها في الصلاة والصدق كله فيها وليس من المقبول أو المعقول أن
يتحقق بتغير الحركة في غير الصلاة فائدة نفسية، أو المعقول أن يتحقق بتغيير الحركة
في غير الصلاة قائدة نفسية ، ولا يتحقق بتغيير الحركة في الصلاة فائدة نفسية ؟
هل يتحقق من مناهج البشر الموضوعة والتي يتألف فيها تغيير الحركة وتنظيم
التنفس Iأهلومنهج
التصور وتركيزا لانتباه – فائدة نفسية – ثم إذا استوفته الصلاة بعمق وشمول وإحاطة
انسلخت عنه مفاهيم النفس وجردت الصلاة من مفاهيمها النفسية .
( ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده
كفرتم وإن يُشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير)(غافر آية:12)
الأصالة كلها في الصلاة والصدق كله فيها ، فحركات الصلاة قيام وقعود وركوع
وسجود ، وخفض ورفع وقبض وبسط حركات تتابعت وانسجمت فلا تذهب بوقار المتعبد ولا
تنال من هيبة العبادة .
وبالمنهج السلوكي بمفاهيم البشر تستوفي الصلاة كل ما يتحقق من تآلف الحركة
في الصلاة بمنهج
الاسترخاء الفسيولوجي بما يتآلف على الاعضاء من انقباض وانبساط
وتعادل بينهما وهذا تستوفيه الصلاة باطمئنان الحركة فيها ، وبإحسان الأداء ، وهذا
ما تستوجبه السنة المطهرة في الصلاة فيقول (رسول الله ) عليه أفضل الصلاة وأتم
التسليم :" صلوا كما رأيتموني أصلي " وأمر الرجل المسيء صلاته المتعجل
فيها والذي لم يحقق اطمئنان الحركة فيها ، وقال له صل فإنك لم تصل أعادها عليه
ثلاثا ولما عجز الرجل قال :يا رسول الله لا أحسن غيرها فعلمني فعلمه رسول الله صلى
الله عليه وسلم وكانت وصيته له أن يطمئن في ركوعه وسجوده وقيامه وقعوده وكذلك في
أركان الصلاة كلها.
إرسال تعليق