أعمال السيادة في القضاء الإداري
اختلف الفقه والقضاء في تعريف أعمال السيادة:
فعرفه بعض
فقهاء القانون الإداري أعمال السيادة بأنها: الأعمال التي تصدر عن السلطة
التنفيذية باعتبارها السلطة العليا في البلاد، أي حكومة تمثّل الدولة في مجال
القانون العام الخارجي أو الداخلي، وليس باعتبارها جهة إدارة، وعرفت بأنها تلك
الأعمال الصادرة من الدول بما تصدره الجهات العليا فيها والتي تدخل ضمن علاقاتها
مع الدول الأخرى أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات دولية كانت أو إقليمية وما
يماثلها من أعمال أو قرارات الهدف منها الحفاظ على السلم والأمن الإجتماعي والصحة
العامة، فحقيقتها أنها قرارات إدارية تصدر عن السلطة العليا وتتميّز بعدم خضوعها
لرقابة القضاء سواء أكان بالإلغاء أو بالتعويض.
وأوضح بعض
فقهاء القضاء الإداري أن أعمال السيادة "تشمل كل ما يتعلّق بالصلات السياسية
مع الدول الأجنبية وحالتي إعلان الحرب وإبرام السلم وضمّ أراضٍ إلى أملاك الدولة
أو التنازل عنها والتحالف، وكل ما يتعلّق بتنظيم القوات البرية والبحرية والجوية
وما إلى ذلك مما تتّفق طبيعته مع طبيعة هذه الأعمال.
قضت محكمة
القضاء الإداري المصري بتاريخ 21/4/1948 بأن أعمال السيادة هي الأعمال التي تتصل
بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتّخذها الحكومة بما لها من السلطة العليا
للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل أو الخارج.
وجاء ذكر
أعمال السيادة في حكم محكمة القضاء الإداري المصري بتاريخ 26/2/1951م بأنها
"الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، فتباشرها
بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو
خارجية، أو تتّخذها إضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو للذود عن
سياستها في الخارج، ومن ثم يغلب فيها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو
في النطاق الخارجي، إما لتنظيم علاقات الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو
الخارجية في حالتي الهدوء والسلام. وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة في الداخل أو
في الخارج في حالتيّ الإضطراب والحرب".
وفي حكم
صادر بتاريخ 2/5/1978 قالت محكمة القضاء المصري ما يلي: "ثمة معايير كثيرة
يضعها الفقه والقضاء لتعريف أعمال السيادة التي يمتنع على محاكم مجلس الدولة النظر
في الطلبات المتعلّقة بها، واستقرّت هذه
المحاكم على أن أعمال السيادة هي تلك التي
تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة
العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية أو تتّخذها
إضطراراً للمحافظة على كيان الدولة في الداخل في الداخل أو الذود عنها في الخارج
ومن ثم يغلب عليها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو النطاق الخارجي إما
لتنظيم علاقة الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو الخارجية في حالتي الهدوء
والسلام وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة عن الدولة في حالتي الإضطراب والحرب فهي
تارة تكون أعمالاً منظّمة لعلاقة الحكومة بالمجلس النيابي أو منظمة للعلاقات
السياسية بالدول الأجنبية، وهي طوراً تكون تدابير تتّخذ للدفاع عن الأمن العام من
إضطراب داخلي أو لتأمين سلامة الدولة من عدو خارجي، وهذه وتلك أعمال وتدابير تصدر
عن سلطان الحكم لا عن سلطة الإدارة، والضابط فيها معيار موضوعي يرجع إلى طبيعة
الأعمال في ذاتها لا إلى ما يحيط بها من أمور عارضة".
وجاء في
أحكام ديوان المظالم (المحاكم الإدارية) في المملكة العربية السعودية النصّ على أن
ما يصدره الملك من أوامر هي داخلة في أعمال السيادة، فقد جاء في الحكم رقم
(20/د/إ/15 لعام 1431هـ) ما نصّه: و"بما أن المحاكم الإدارية استقرّت على أن
الأوامر الملكية تعتبر من أعمال السيادة وفقاً للمادة (14) من نظام ديوان المظالم
الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/78) وتاريخ 19/9/1428هـ، والتي نصّت على
أنه: "لا يجوز لمحاكم ديوان المظالم النظر في الدعاوى المتعلّقة بأعمال
السيادة..."، وبالتالي فإنها لا تختصّ بنظر الطعن فيها إلغاءً أو تعويضاً،
وصدر في ذلك حكم محكمة الإستئناف رقم 403/إس/6 لعام 1429هـ، ورقم 422/إس/6 لعام
1429هـ، وعليه فإن الدائرة تحكم بعدم إختصاص المحاكم الإدارية ولائياً بنظر
الدعوى".
إرسال تعليق