التربية الإسلامية تربية سلوكية عملية : فهي لا تكتفي بالقول وإنما تتعداه إلى العمل والممارسة ،

ونحن إذا نظرنا المبادئ الرئيسية الخمسة التي بني عليها الإسلام؛ نجد أنها تتطلب سلوكًا عمليًّا؛ فالشهادة بوحدانية الله ونبوة رسوله محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان، كلها تتطلب سلوكًا عمليًّا، ومن تمام كمال الإنسان المسلم أن تتطابق أقواله مع أفعاله، كما اهتمت التربية الإسلامية بتكوين العادات السلوكية الحسنة عند الفرد منذ طفولته الأولى لِمَا في هذه العادات من أثر طيب في اكتساب الفضائل، والبعد عن الشرور والرذائل.

وقد أكد علماء المسلمين: على أن يقوم المجتمع الإسلامي على العمل فالكسب الحلال حلال، وجمع المال الحلال حلال، والأنبياء كانوا متكسبين فآدم أبو البشر عليه السلام كان زارعًا، وإدريس كان خياطًا، ونوحًا كان نجارًا، وإبراهيم كان بزازًا، وموسى كان أجيرًا لشعيب، وعيسى كان يعمل، ومحمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان راعيًا وأجيرًا، وكان يتاجر لزوجته خديجة، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.

وقد حدد علماء المسلمين وجه الكسب الاجتماعية وكسبها في أربعة: الإمارة، والتجارة، والزراعة، والصناعة، والتعليم والاشتغال به بالطبع هو من جملة الصنائع كما يقول ابن خلدون، ويقول أبو حنيفة النعمان بن ثابت، عالم القرن الثاني الهجري في رسالة إلى المتعلم أبي مقاتل: اعلم أن العمل تبع للعلم، كما أن الأعضاء تبع للبصر، فالعلم مع العمل اليسير أنفع من الجهل مع العمل الكثير، ومثل ذلك الزاد القليل الذي لا بد منه في المفازة مع الهداية بها أنفع من الجهل مع الزاد الكثير؛ ولذلك قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر: من الآية: 9).

والعلم في الإسلام لا بد وأن يرتبط بالعمل لدرجة أن الإسلام ينظر للإيمان على أنه، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((ما وقر في القلب وصدقه العمل )) فالعمل إذن ثمرة المعرفة والعلم، ولا قيمة لمعرفة أو علم لا يستفاد منه بالعمل، ويقول الإمام الغزالي في (رسالة أيها الولد المحب): فلو قرأ رجل مائة ألف مسألة علمية وتعلمها ولم يعمل بها لا تفيده إلا بالعمل، وكما أن العلم في الإسلام مرآته العمل؛ فلا بد أن يبنى العمل على العلم، ولا يمكن أن يكون العمل بغير علم ويقول الغزالي في هذا المعنى في نفس الرسالة السابقة: العلم بلا علم جنون، والعمل بغير علم لا يكون، ويقول الغزالي في مكان آخر: إن العلم والعمل مفتاح السعادة الأبدية.

Post a Comment

Previous Post Next Post