التربية الإسلامية تربية متوازنة : تحرص
التربية الإسلامية على تحقيق التوازن في تربية الفرد بين
الجسم والروح ،
فالجسم مطية الروح في أداء واجباتها، ولا رهبنة في الإسلام على
عكس التربية المسيحية كما أنه لا إغراق في ماديات الحياة كالفلسفات
المادية، وإنما يأخذ الإنسان المسلم بحظ الروح
بنصيب، ومن حظ المادة بنصيب، ففي الرهبنة المسيحية على
سبيل المثال
يحدد أحد القوانين المنظمة لها، وهو قانون "بندكيت" التزامات على المرء أن يخضع لها في ترهبه، وهي العفة والفقر والطاعة ويتضمن التزام
العفة نبذ العلاقة الزوجية والأسرية،
واستبدالها بروابط دينية وروحية.
ويتضمن التزام الفقر التخلي عن كل
ثروته وأملاكه للدير، ويتضمن التزام الطاعة
التخلي عن كل قوة أو جاه أو سلطان، والخضوع التام لنظام
الدير، ومثل
هذا النظام لا يقره الإسلام؛ لأنه لا رهبنة في الإسلام إن حق النفس على الإنسان أن يروح عنها، وأن يعطيها من الراحة والأمن والطمأنينة
والغذاء والتسلية والهدوء في حدود ما أباحه
الله، لقد قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
لمن فهم أن
الدين ليس إلا تعبدًا وتهجدًا وصيامًا وابتعادًا على النساء:
((إنِّي
أَخْشَاكُم لله، ولكني أَصُومُ وَأُفْطِرُ وأُصَلِّي
وَأَنَامُ ،
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ)).
إن إرهاق النفس ولو في طلب العبادة لا
يطلبه الإسلام ولا يرضاه؛ لأن ما فيه مشقة ما
فوق المعتاد لا يمكن المداومة عليه، وقد ينقطع به الجهد
عنه، وقد ورد
عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قوله:
((إِنَّ هَذَا
الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ؛ ولا
تبغضوا إلى
أنفسكم عبادة الله؛ فإن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى))، كما ورد عنه أيضًا قوله:
((لا تشددوا
على أنفسكم يشدد الله عليكم؛ فإن قومًا شددوا على
أنفسهم؛ فشدَّدَ اللهُ عليهم؛ فتلك بقاياهم في الصوامع
والديار؛
رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم
)).
إن الإسلام يتطلب المحافظة على خمسة
أمور هي: الدين، والنفس، المال، والعقل، والنسل؛
وذلك لأن الدنيا التي يعيش فيها الإنسان تقوم على هذه
الأمور
الخمسة، ولا تتوافر الحياة الإنسانية الكريمة إلا بها وتكريم الإنسان هو في المحافظة عليها.
كما أن التربية الإسلامية تقوم على
التوازن بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة قال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ
الدَّارَ
الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا}
(القصص: من
الآية: 77).
ومن الأقوال المأثورة: "اعمل
لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت
غدًا"، قال تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ
حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (البقرة: من الآية: 201)،
وقد ورد عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-
قوله: ((اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ
الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي
آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي)).
إن التربية الإسلامية ليست مادية فحسب
أو روحية فحسب، وليست دنيوية فحسب أو أخروية
فحسب، وإنما هي وسط بين كل ذلك، وهذا الموقف الوسط أو
المتوازن
للتربية الإسلامية يجعلها أقرب ما تكون إلى طبيعة الأشياء فخير الأمور الوسط {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا}،(البقرة: من الآية: 143) كما
يجعلها أيضًا مراعية لطبيعة الإنسان
وفطرته التي فطر الله الناس عليها.
Post a Comment