الاطمئنان في الأداء الحركي للصلاة شرط لصحتها ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للرجل المسيء صلاته "والذي نقرها نقر الغراب :صل فإنك لم تصل- فأعاد الرجل صلاته ولم يحسنها – فكررها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً – فعجز الرجل وقال يا رسول الله – لا أحسن غيرها – فعلمني – فعلمه رسول الله كيفية الصلاة " وكانت وصيته له ولكل مسلم أن يطمئن في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده وكذلك في أركان الصلاة كلها .
وهذه هي الحقيقة الواضحة التي تحيط بهذه الفريضة العظيمة الشأن ، فهي لابد وأن تستوفي الاطمئنان في مظهرها لأنها لو فقد ذلك فلن تصل إلى حقيقة الاطمئنان في جوهرها – ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صلاة الحاقن والذي يدافعه الأخبثان – وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بالطعام إذا حضر في وقت الصلاة أو ينصح بذلك.
هذه هي الصلاة في مضمونها الحقيقي ، اطمئنان كامل يجتمع عليها ويتحقق في كل ركن من أركانها وهذا هو جوهرها الحقيقي الأصيل ، إ نها حقا تكليف وتشريف ، وهذه هي مسيرتها في نفس المسلم ،وهذا الجوهر الذي هو غاية الصلاة له مظهر يحكمه،وله إطار يحدده ، ومظهر الصلاة وإطارها هو نظام الحركة فيها .
مسيرة الحركة وكيف انتهت إلى مفهوم نفسي :
الصلاة بمفاهيم الحركة ليست يوجا ، ولكن اليوجا بمفاهيم الحركة صلاة عند أصحابها الوثنيين ، ولقد بدأت مسيرة الحركة مع الإنسان من بداية خلقه، خلق الله سبحانه آدم عليه السلام فسجد الملائكة تعظيماً وتسبيحاً بقدرته ، قال تعالى :
( إذ قال ربك للملائكة إ ني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إ بليس استكبر وكان من الكافرين )
(سورة ص:71-74).
ثم سجد آدم لربه نادما خاضعا ، معترفا بعظمة ربه وقوته وقدرته وهيمنته وسلطانه.
(فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إ نه هو التواب الرحيم ) ( البقرة:37)
واستمر السجود بالحركة ، عبادة خالصة لله وحده لا شريك له وعلى فترة من الرسل ، نسى الناس معبود هم الحق، وفي ظلمان الجهل عبد الناس مصادر القوة في حياتهم ،فعبدوا الأصنام والطواغيت والكواكب ، وتوارثوا هذه العبادات ، ولم يستجيبوا لرسالات الأنبياء والرسل ، فكان منهم العناد والمكابرة لقوله سبحانه :
( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) ( البقرة : 170)

Post a Comment

أحدث أقدم