الأسرار الوظيفية: وهذا يتأكد في الوظائف ذات الصفة الخاصة، كالطب، والعسكرية، والقضاء، والمناصب العليا، ففيها من الأسرار ما يحتاج فيه العامل إلى درجةٍ عالية من الأمانة؛ لئلا يفشي أسرار العمل، أو أسرار الناس، ولذا وُضِع في بعضها قسَم يؤديه المتقدم زيادةً في التعهد بحفظ الأسرار، كقسَم الطبيب [1]، والعسكري. فالطبيب يطلع على عيوب الناس، فإن المرض عيب، ولا أحد من الناس يحب أن يطلع على عيبه أحد، وأيضاً فإن المرض يترتب عليه أحكام شرعية في النكاح والطلاق والعبادات، وأيضاً فإنه المرض يمكن أن يستعمل في التشهير من مبغضي الإنسان، لذا لا يحق للطبيب أن يفصح عن أمراض الأشخاص.
والعسكري الذي يطلع على أسرار الدولة، من تسليحها، وقواتها العسكرية، وحجم نفقاتها العسكرية، وغير ذلك مما لا ترضى دولة أن تفصح عنه إلا بحدود ضيِّقة، يتحمل من الأمانة الشيء الكثير. والقاضي يطلع على مشكلات الناس وخلافاتهم وأسرارهم، فمن واجبه أن يكون أميناً في عدم الإفصاح عن شيءٍ من ذلك. والمسؤول عن قطاع كبير من الموظفين كالوزير والوكيل والنائب والمدير العام يطلع بحكم وظيفته على أسرارهم، ومشكلاتهم، وقضاياهم، وربما أحوالهم الشخصية، مما يأتيه من مختلف الجهات في دائرته وغيرها، فعليه تحمُّل الأمانة في عدم إفشاء أسرار الموظفين لغيرهم.
[1] وهو : أُقسِمُ باللهِ العَظِيمْ أن أراقبَ اللّه في مِهنَتِي * وأن أصُونَ حياة الإنسان في كافّةِ أدوَارهَا * في كل الظروف والأحَوال بَاذِلاً وُسْعِي في استنقاذها مِن الهَلاكِ والمرَضِ والألَم والقَلق* وأن أَحفَظ لِلنّاسِ كَرَامَتهُم ، وأسْتر عَوْرَتهُم ، وأكتمَ سِرَّهُمْ * وأن أكونَ عَلى الدوَام من وسائِل رحمة الله ، باذلا رِعَايََتي الطبية للقريب والبعيد ، للصالح والخاطئ ، والصديق والعدو * وأن أثابر على طلب العلم ، أُسَخِره لنفعِ الإنسَان لا لأذَاه* وأن أُوَقّرَ مَن عَلَّمَني ، وأُعَلّمَ مَن يَصْغرَني ، وأكون أخاً لِكُلِّ زَميلٍ في المِهنَةِ الطُبّيّة مُتعَاونِينَ عَلى البرِّ والتقوى* وأن تكون حياتي مِصْدَاق إيمَاني في سِرّي وَعَلانيَتي ، نَقيّةً مِمّا يُشينهَا تجَاهَ الله وَرَسُولِهِ وَالمؤمِنين * والله على ما أقول شهيد .
إرسال تعليق