المسؤولية على أساس المخاطر في قضاء مجلس
الدولة المصري
- مر موقف القضاء الإداري المصري من المسؤولية على أساس المخاطر بمرحلتين:-
- في المرحلة الأولى :
أقر مجلس
الدولة المصري بمسؤولية الإدارة على أساس المخاطر، وقد جاء ذلك في عبارة واضحة
وصريحة في أحد الأحكام لمحكمة القضاء الإداري بشأن مسؤولية الإدارة عن فصل موظفيها
بغير الطريق التأديبي.. معنى ذلك أن القرار الصادر بفصل موظف عام عن غير الطريق التأديبي،
وإن كان مشروعاً من جميع جوانبه الشكلية والموضوعية، يرتب مسؤولية الدولة على أساس
المخاطر والعدالة إذا صدر في وقت غير لائق أو بطريقة تعسفية أو بغير مبرر شرعي،
فالموظف يلتحق بالخدمة بنية الاستقرار، وهو محق في ذلك، فإذا فاجأته الإدارة
بالفصل دون أن تمهد له أو تعينه على بدء حياته الجديدة خصوصاً وأنه لم يصدر عنه ما
يبرر هذا الإجراء الخطير، فإن الإدارة تكون محقه في ذلك، والموظف، وبنفس الدرجة،
محق أيضاً في طلب التعويض على أساس المخاطر وتغليباً لقواعد العدالة.
- ولقد أخذت محكمة القضاء الإداري بذات المبدأ في أحكام أخرى، إلا إنها في مرحلة تالية، وبتأييد من المحكمة الإدارية العليا، عدلت هذه المحكمة من مسلكها السابق رافضةً بذلك الإقرار بمبدأ المسؤولية على أساس المخاطر.
- إن المحكمة الإدارية العليا أيضاً استبعدت فكرة المخاطر كأساس لمسؤولية الإدارة إلا إذا قررها نص تشريعي خاص، حيث أن نصوص القانون المدني ونصوص قانون مجلس الدولة المصري قاطعة في الدلالة على أنها عالجت المسؤولية على أساس قيام الخطأ... وقد أخذ التشريع المصري في حالات معينة على سبيل الاستثناء وبقوانين خاصة ببعض التطبيقات لهذه الفكرة أي فكرة المسؤولية على أساس المخاطر.
- إن هذا الاتجاه المنكر للمسؤولية الإدارية على أساس المخاطر أثار ردود فعل سلبية من جانب العديد من الباحثين.
-
فالدكتور سليمان الطماوي يلاحظ بهذا الشأن أن المحكمة الإدارية العليا قد
أغفلت اعتباراً أساسياً، سلمت به من أول الأمر وهو استبعادها للقواعد المدنية في
مجال المسؤولية الإدارية وفي غيرها من مجالات القانون الإداري. وهذا المسلك يقتضي
السير على القواعد الإدارية في مسؤولية الإدارة ومن المظاهر الأساسية للمسؤولية
الإدارية فكرة المسؤولية على أساس المخاطر.
-
الدكتور أنور رسلان فيرى إمكانية الأخذ بمسؤولية الدولة بدون خطأ في
الحالات وبالشروط المطبقة بها في قضاء مجلس الدولة الفرنسي، حيث أن ذلك أدعى
العدالة من ناحية، ولأنه لن يثقل كاهل الخزانة كثيراً من ناحية ثانية، ولأنه يعتبر
أساساً تكميلياً أو احتياطياً من ناحية ثالثة، ولأنه يشترط أن يكون الضرر خاصاً
وغير عادي من ناحية رابعة، ولأن ذلك يخضع لتقدير القاضي وموازنته بين مختلف
المصالح من ناحية خامسة.
-
ويرى الدكتور ثروت بدوي من جانبه أنه لا يمكن تقرير المسؤولية الإدارية
وفقاً لقواعد واحدة، وإنما تجب مراعاة الظروف الخاصة بكل مرفق وبكل نشاط إداري ذلك
أنه " لا شك في أن تنوع أساليب النشاط الإداري، واختلاف المرافق العامة من
حيث ظروف سيرها وإمكانياتها، يستلزم إجراء التفرقة بين هذه المرافق المختلفة من
حيث الأحكام التي تخضع لها كل منها، وان نميز بين أساليب النشاط الإداري المتنوعة
من حيث القواعد التي تحكمها.
- ومن هنا تميزت القواعد الحاكمة للمسؤولية الإدارية بكونها خارقة للشريعة العامة، ومن حيث أنها في بعض الأحيان تحابي الإدارة، وفي أحيان أخرى تكون أكثر تيسيراً بالنسبة للأفراد
إرسال تعليق