تتنوع كفاءَة الأشجار في استهلاكها لغاز ثاني أكسيد الكربون، وذلك وفقاُ، لتنوع أنواعها وأعمارها والمحيط الذي تعيش فيه من حيث درجة الحرارة ونسبة الرطوبة وطوبوغرافية الأرض وحركة الرياح ونوع التربة وخصوبتها. إن درجة الحرارة المناسبة لأعلى امتصاص للغاز تتراوح بين 20 – 25 درجة مئوية، فيما تساهم كثافة أوراق الأشجار وديمومتها في منع وصول أشعة الشمس إلى التربة وتسخينها، الأمر الذي يساهم في خفض شدة ظاهرة الانحباس الحراري.
        تساهم الشجرة الناضجة الواحدة باستهلاك نحو 20 كيلوغراماً أو أكثر من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي قرابة 2 – 3 طن من الكربون للدونم الواحد. ومن المتوقع أن تكون هذه الكمية أقل في بلادنا بسبب طبيعة المناخ وكثافة الأشجار المنخفضة وانبساط الأرض.
        وفي دراسة أجريت على غابة الصخر الأسود Black Rock Forest وجد أن الغابات الحديثة الأعمار (التي عمرها 35 عاماً مثلاً) والتي تتميز بتنوع في أنواع أشجارها، واختلاف في أطوال الفصائل الشجرية المتداخلة، تختزن كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالغابات العتيقة الأكبر عمراً (150 عاماً) والتي كانت فيها الأشجار من النوع نفسه والارتفاع المتقارب. ويفسر ذلك نشاط الشجرة الأقل عمراً والمتفاوت في الارتفاع بحيث يسمح للشجرة بالانكشاف لأشعة الشمس والهواء المحيط.
وهذه إرشادات عامة عند زراعة الغابات في بلادنا تبين ضرورة تنويع الأشجار في الغابة نفسها بحيث تكون ارتفاعاتها المتوقعة متفاوتة بحيث تسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى أكبر قدر ممكن من مساحة الغابة الخضراء. كذلك نتعلم من تلك التجربة ضرورة تحديث الغابات أيضاً بزراعة فصائل جديدة ويافعة.
        تختزن الأشجار الكربون بواسطة الجذور والساق والأغصان والأوراق التي تتألف كتلتها من نحو 50% من الكربون. وبزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو تزداد عملية التمثيل الضوئي كفاءَة في أوراق الأشجار اعتماداً على درجة الحرارة. وبالرغم من أن الأشجار تعيد إطلاق بعض ثاني أكسيد الكربون، فإن استهلاكها له أعظم بكثير.
        وينبغي أن ندرك أن التنوع الحيوي في الطبيعة يشتمل على عشرات الملايين من الأنواع: من أصناف الحشرات وحدها قرابة المليون نوع، ومن النباتات زهاء ربع مليون صنفاً، ومنها الأشجار التي تتنوع في الغابات الاستوائية على نحو يصل إلى عشرة أنواع من الشجر في الدونم الواحد. هذا التنوع الفريد والغني في الطبيعة هو الذي يوفر للغابات الكفاءَة على اختزان الكربون وإنتاج الأكسجين واحتضان التربة والحيوانات والحشرات والطيور التي تعيش عليها وحولها وفي تربتها وتتغذى منها وتزودها بالمواد الضرورية لبقائها.
        وأهمية التنوع الحيوي تتجاوز ذلك كله إلى كون الأشجار مصدراً للطاقة والغذاء والدواء، فضلاً عن تشابك علائقه الحيوية مع بيئته لضمان تماسك سلسلة الغذاء والطاقة على هذا الكوكب، ولضمان بيئة جمالية نادرة في أرجاء الكون المتسع.

Post a Comment

أحدث أقدم