القدوة الحسنة
ينبغي على مؤسسات التربية الحديثة أن توفر لطلابها المثال الطيب الذي يحتذيه والقدوة الحسنة من بين معلميها ورجالها وذلك لان الوعظ والإرشاد اللفظي لا يجديان نفعاً إذا لم يؤيدهما الواقع الفعلي والعملي ولقد أشار القرآن الكريم الى ضرورة مطابقة القول للواقع في قوله: {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون} (الصف:2-3).
ذلك لان عملية التقمص أو التوحد تلعب دوراً مهماً في تكوين هوية الفرد ورسم البنية النهائية للشخصية ومن هنا كانت أهمية توفير البيئة المحلية الصالحة للفرد والنماذج الطيبة حتى تجد عملية التقمص غذاء ثريا من بين أعضاء الأسرة ثم المحيطين بالفرد والقائمين على تربيته في المؤسسات التربوية، كما ينبغي أن تكون الخبرات والعناصر الثقافية التي تؤثر في شخصية الفرد متكاملة ومتناسقة ولا تكون متناثرة أو متعارضة أو متناقضة وان تتكامل كل هذه الخبرات فيما بينها حتى لا يكون الفرد جزءاً من أمه وفي وقت آخر جزءاً من أبيه وفي وقت ثالث جزءاً من معلمه، إذ إن عدم تجانس هذه النماذج يمزق الشخصية ويقسمها الى ادوار متباينة ويجعلها تعاني ما يطلق عليه علماء النفس فوضى الدور، فمثل هذا الخلط في الأدوار ان لم يواجه أو يعالج فإنه يؤدي الى اضطرابات خطيرة في الشخصة، وتشبه عملية التوحد أو التقمص عملية اخرى أطلق عليها فرويد عملية الامتصاص، حيث تتكون الذات العليا في الفرد أو الضمير عن طريق اخذ الطفل وامتصاصه للمعايير الخلقية من الأبوين وتنغمس الذات أو تندمج في الآخرين، كما ان لعملية التقمص أهمية كبرى في حقل التعلم، فإذا أردنا أن نتعرف على الطريقة التي يصل بها الإنسان الى القيام بسلوك معين بطريقة منظمة ودائمة وثابتة فلا بد أن نتعرف على عمليات مثل التقمص، تلك العملية التي يأخذ فيها الفرد سلوك شخص آخر وينسبه لنفسه.
إرسال تعليق