خمسة
محاور توضح سعي المملكة العربية السعودية إلى تعزيز مناخها الاستثماري في ظل آفاق
التحرر الاقتصادي والانضمام لمنظمة التجارة العالمية وما تؤكده اتفاقياتها في شأن
محاربة الإغراق أو المنافسة غير المشروعة كما تتناول سعي المملكة لتفعيل تدفق
الاستثمارات الأجنبية وتطوير القاعدة الإنتاجية إنطلاقاً والتزاماً بالتنظيمات
والتدابير التي تحد من الممارسات التنافسية غير الشرعية ومنع الاحتكارات وذلك
تعزيزاً للبيئة التنافسية الصحية ذات العوائد الاقتصادية العظيمة للمستثمرين
والمستهلكين.
يستعرض
المحور الأول أشكال السوق وأهمية المنافسة في قطاع الأعمال، حيث لا يسـتطيع أي من
المنتجين التحكم في سعر أو كمية السلعة المعروضة ثم الاحتكار التام والذي يمـيزه
وجود منتج وحيد للسلعة يتحكم في سعر بيعها واحتكار القلة الذي يميزه وجود عدد قليل
من المنتجين أو البائعين الذين يستحوذ كل منهم على حصة من السلعة المنتجة ذات
الطابع المتجانس في السوق يستطيع التأثير على سعر بيعها بالتلاعب في حصته. أما
المنافسة الاحتكارية والتي تتميز بسيطرة كل منتج على المعـروض من السلعة غير
المتجانسة التي ينتجها أو يبيعها بما يمكنه من التأثير على سعر بيعها في السوق.
ويعرّف
المحور الثاني المنافسة غير المشروعة وصورها، وبأنها استخدام أساليب منافية للدين
أو القانون أو العرف أو العادات التجارية والصناعية السائدة أو الشرف المهني بغرض
إلحاق الضرر بالمنافس أو سرقة عملائه ويتحقق ذلك من خلال عدة صور منها التلاعب في
أسعار المنتجات والحد من تدفقها للأسواق وافتعال وفرة مفاجئة أو خلق عراقيل الدخول
والخروج.
وفي
المحور الثالث والخاص بتنظيم المنافسة ومحاربة الاحتكار على المستوى العالمي، تم
استعراض التشريعات التي حرصت دول العالم على سنها لمحاربة الاحتكارات التي ولدت في
ظل بدايات النمو الصناعي بأوروبا وأمريكا مثل الكارتل والذي تحتكر فيه عدة منشآت
على سوق فرع معين من فروع الإنتاج بالاتفاق فيما بينها أو الترست والذي تندمج فيه
عدة منشآت في منشأة واحدة كبيرة الحجم لخلق وضع احتكاري أو لتخفيض حجم النفقات.
وفي معظم الدول الأوروبية والأمريكية صدرت قوانين تحد وتمنع من أشكال الاحتكار وترتب
أحكاماً جنائية على المخالف وتعطي السلطات المختصة الحق في الرقابة على الأسعار
وطلب كافة البيانات التجارية. ففي أمريكا صدر قانون فيدرالي عام 1890م وصدر في
فرنسا عام 1791م وفي أنجلترا عام 1919م والدنمـارك عام 1920م وفي ألمانيا عام
1923م. وكذلك نصت اتفاقية ماسترخت عام 1979م على التزام دول الاتحاد الأوروبي بأن
تكفل لرعايا الدول الأخرى حماية فعالة ضد المنافسة غير المشروعة.
في
المحور الرابع تقييم لأوضاع المنافسة في الأسواق السعودية، حيث يرجع عدم كفاية الأحكام العامة المنظمة
للتعاملات والممارسات التجارية ومقدرة الشركات والمؤسسات الكبرى على تنظيم عمل
المهرجانات وقيامها بعمل الاندماجات التجارية والاقتصادية فيما بينها إلى خلق
إطاراً من المنافسة غير المشروعة التي تضر بالمنافسة الحرة وتؤدي للتحكم في سعر
المنتج وخلق عوائق لدخـول وخروج المنافسين للأسواق وخاصة في أسواق التعدين
والتنجيم النفطي والاتصالات والنقل،
حيث يميز هذه الصناعات الوجه الاحتكاري للمشغل
والمسيطر على الأسواق. وفي الجانب الآخر تقوم الشركات الأجنبية بإغراق عدد من
أسواق السلع بالمملكة بتصديرها لبعض السلع بأسعار منخفضة للغاية الأمر الذي يعاني
منه التجار والصناع بالمملكة. ولا شـك أن انضمام المملكة المرتقب لمنظمة التجارة
العالمية وما تقضي به اتفاقياتها من تحرير عمليات التجارة والاستثمار في ظل إلغاء
الدعم وتخفيض الرسوم الجمركية على الواردات من شأنه التأثير سلباً على القطاعات
الإنتاجية والخدمية التي لا تتمتع بمقومات الميزة النسبية المتوفرة في
البتروكيماويات، حيث لا تستطيع تلك القطاعات الأخرى مواجهة نظرائها الدوليين الذين
وصلوا لمستوى عال من التطور التقني والذي يتوقع أن يساهم الانضمام في تحفيز هذه
القطاعات لتعزيز قدرتها التنافسية على المستوى الدولي. ولازال أمام الحكومة
السعودية فرصة لوضع الترتيبات والتنظيمات والتشريعات اللازمة حتى عام 2005م.
ثم
تختم الورقة بالمحور الخامس والأخير حول أهمية وآليات تنظيم المنافسة في المملكة،
مبينة فيه أن هدف المشروع السعودي إلى حماية المستهلك وخلق بيئة اقتصادية تتسم
بالكفاءة والعـدل في الممارسات التجارية والإنتاجية تنشيطاً وتحفيزاً لحركة
الاقتصاد الوطني. وعبرت المادة الخامسة من نظام المحكمة التجارية الصادر بالأمر
السامي رقم (32) لعام 1350هـ على جزاء وردع كل تاجر أم منتج لم يسلك ويحكم الدين
والشـرف في أعمالة التجارية. ولكن حدوث الطفرة النفطية وما رافقها من ارتفاع في
الدخول، إضافة إلى عدم وجود نظام خاص متكامل ينظم أعمـال المنافسة غير الشرعية مما
أدى لخلق سباق محموم بين التجار لاستقطاب أكبر عدد من العملاء، واقترحت الدراسة
بعض نقاط العلاج لظاهرة المنافسة غير المشروعة والحد من آثارها السلبية على مجتمع
المملكة بجميع فئاته تتلخص في وضع تنظيم خاص يكفل حماية حقوق المتعاملين تجاراً
ومستهلكين واستكمال التشريعات التي تيسر من حسن قيام آليات السوق بدورها وإنشاء
جهاز خاص يتولى تنظيم أمور المنافسة وتوسيع نطاقها من خلال فتح الفرص الاستثمارية
الجديدة أمام القطاع الخاص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور
عبدالعزيز بن إسماعيل داغستاني، دكتوراه في الاقتصاد من جامعة هيوستن بولاية تكساس
الأمريكية، رئيس دار الدراسات الاقتصادية – الناشر ورئيس تحرير مجلة عالم الاقتصاد
- المستشار الاقتصادي لمجموعة "المؤشر" الكويتية، رئيس اللجنة
الاقتصادية بمجلس الشورى، أستاذ مشارك بقسم الاقتصاد، كلية العلوم الإدارية، جامعة
الملك سعود، مدير إدارة الدراسات والتنظيم، جامعة الملك سعود، مدير مركز بيع الكتب
الجامعية، جامعة الملك سعود، مدير المكتب الإعلامي، جامعة الملك سعود، مدير مركز
التدريب والتأهيل الفني بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة،
مدير عام إدارة المتابعة بوزارة الصحة، رئيس شركة التقسيط السعودية، الأمين العام،
المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية، دبي، الإمارات العربية المتحدة، شارك في
عدة دراسات استراتيجية، عضو في العديد من اللجان والجمعيات الاقتصادية والعلمية.
Post a Comment