شروط قبول الصدقة
لقد بين العلماء والفقهاء الشروط الواجب توافرها في المتصدق وفي الصدقات حتى تُقبل ويثاب المتصدق عليها بإذن اللع تبارك وتعالى، منها ما يلي:
·- الإخلاص: ويقصد بذلك أن تكون الغاية من الصدقة ابتغاء مرضاة الله عز وجل، ليس فيها أي شيء لهوى النفس، قال الله تبارك وتعالى:  ]وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ (5)[ (سورة البينة: 5)، ولقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الرياء في الصدقة فقال: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْـهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ (264)[ (سورة البقرة: 264).
·- الكسب الطيب: ويقصد بذلك أن تكون الصدقة من كسب حلال طيب، لأن الله طيب لايقبل إلا طيباً، ولا تقبل صدقة من غلول، يقول الله تبارك وتعالى:  ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)[ (سورة البقرة:267)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ[ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يارب، يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى                                يستجاب له" (رواه مسلم عن أبي هريرة).
·- أن تكون الصدقة عن ظهر غنى: ويقصد بذلك أن تكون النفقة من الفائض عن الحاجات الأساسية للمتصدق وفقاً لفقه الأولويات، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: ] وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العَفْوَ [ ( سورة البقرة: 219)، ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم على وجوب الصدقة على الأغنياء مما يفيض من أموالهم بعد نفقاتهم الضرورية فقال لسيدنا معاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن: "..... فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " (رواه البخاري)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله" (رواه البخاري) .
·- أولوية التصدق على ذوي القربى: يجب على المتصدق أن يلتزم بفقه الأولويات عند التصدق، فيكون أولاً على ذوي القربى ثم اليتامى وهكذا، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ] لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ (177)[ (سورة البقرة: 177)، ولقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الصدقة أفض؟ قال : "دينار تنفقه في سبيل الله، ودينار تنفقه في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار تنفقه على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" (رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله" (رواه مسلم).
·- التصدق مما يحبه الإنسان: يقول الفقهاء أن من دليل الإيمان وحب الله هو الإنفاق مما نحب من المال، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: ]لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)[ (سورة آل عمران:92)، ولقد ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإيمان والصدقة فقال: "....والصدقة برهان....." (رواه مسلم)، والمعنى أن من يتصدق ابتغاء مرضاة الله فهذا دليل على صدق إيمانه.
 ·- التصدق في صحة وعافية: يقول الله تبارك وتعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)[ (سورة البقرة: 254)، ويقول عز وجل: ] وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10)[ (سورة المنافقون: 10)، وروى أبو هريرة أنه قد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، "فقال يارسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان....." (رواه مسلم ).

Post a Comment

Previous Post Next Post