انطباق الفكر مع الواقع
قارن بين انطباق الفكر مع نفسه وانطباق الفكر مع الواقع؟
طرح المشكلة :"مقدمة"
إن العقل البشري ،وبما جبل عليه من تماسك في مبادئه يحوي
نظام دقيق في أحكامه،ليس منعكفا على ذاته فقط بل هو متجه باستمرار إلى معرفة
الواقع وما ينطوي عليه من مظاهر وأشياء ،فهو ينطبق مع الواقع وهذا ما يعرف
بالاستقراء ، كما قد ينطبق مع نفسه وهو ما يعرف بالاستنتاج ، ومن هنا نطرح
الإشكالية التالية : ما الفرق بين الاستنتاج و
الاستقراء؟.و ما طبيعة الاختلاف الموجود بينهما ؟ وهل يمكننا أن نثبت اتفاق
بينهما؟.
أوجه الاختلاف:يمكننا حصر
أوجه الاختلاف في النقاط التالية. الاستقراء هو انتقال من الخاص إلى العام ، بينما
الاستنتاج هو انتقال من العام إلى الخاص ، الاستقراء أوثق سبيل للمعرفة،بينما
الاستنتاج نتائجه احتمالية ، الاستقراء يمكننا من تجاوز نطاق الخبرة والحصول على
تنبؤات جديدة استناداُ إلى قانون عام. بينما الاستنتاج لا يمكننا من ذلك لأنه
يحتوي تنبؤات دون سند أي نوعها من النوع الاحتمالي ، الاستقراء يقوم عليه العلم من
خلال المنهج التجريبي ، في حين أن مفهوم الاستنتاج تقوم عليه المقدمات، نتائج
الاستقراء تلتجئ إلى الأمثلة الجزئية ويمكن اعتبارها قانون أو نظرية، والاستنتاج
لا يمكننا من ذلك، الاستقدام يقوم على مبدأ أن العلة والمعلول متلازمان في الحضور
أي انه كلما حضرت العلة حضر المعلول وكلما غابت العلة غاب المعلول، حيث الاستنتاج لا يرى ذلك من
شروطه أي ليس من اهتمامه حضور العلة أو غيابها .
أوجه التشابه: إما إذا ما
أردنا أن نبرز نقاط الشابة بين الاستنتاج والاستقراء وجدنا هناك نوع من الاصطفاء
والتقارب وذلك يتجلى في جملة من النقاط هي: أنه كلا منهما نشأ من حاجة وحتمية
الإنسان إلى الكشف والبحث عن أسرار المحيطالذي يعيش فيه واعتبارهما مصدرا للمعرفة
الإنسانة منذ ولادة الإنسان على وجه الأرض . كما يشاركان في تقديم حقائق نسبية غير
مطلقة ، كلا هما يهتم بالمعرفة والوعي اتجاه هذا الكون ، كلاهما نشاط يهدف إلى
الوصول إلى هدف معين .
طبيعة العلاقة بينهما:
إن العلاقة بين الاستقراء و الاستنتاج علاقة تكامل فالعلم الحديث أحرز تقدما
كبيرا بفضل الدمج بينهما فلا سبيل إلى إنكار أهمية الاستقراء في الوصول إلى النتائج
العلمية الحاسمة قد تكون قانونا أو نظرية ولكن هذه النتائج تحتاج إلى استنباط عقلي
.
خاتمة:
إن الفكر يحقق معارف عظيمة إذا اعتمد المزج بين الاستقراء والاستنتاج لأن بدون
مبادئ الفكر وقوانينه الأولية مع المنهج التجريبي
الاستقرائي لا يمكن للطبيعة أن تكشف مكنوناتها بما يتيح توسيع آفاق الإنسان
العلمية وبناء صرح الحضارة.
هل مراعاة المنطق الصوري وشروطه ، تكفي العقل حتى يكون في مأمن
من الأخطاء ؟
طرح المشكلة : المقدمة :إن التفكير السليم يستدعي مراعاة جملة من القواعد
التي تحمي العقل من الوقوع في الخطأ .والمنطق هو من يحدد هذه القواعد ،لذا يعتقد
أنصار المنطق الصوري أن الالتزام بقواعد المنطق الصوري تمنع العقل من الوقوع في
الزلل. أما أنصار المنطق المادي فيرون بان مراعاة شروط الاستقراء التجريبي هي من
تجعل العقل في تماسك ووفاق . وهذا التعارض هو ما يدفعنا الى حقيقة التساؤل التالي
: هل فعلا المنطق الصوري يعصمنا من الخطأ ؟.
محاولة حل المشكلة :القضية
الأولى : رأى أنصار المنطق الصوري أن هذا المنطق هو العلم
الذي يعتني بصورة الاستدلال لا بمحتواه ،أي يعتني بتحديد الشروط والقواعد التي
تساعد العقل على الانتقال من المقدمات الى ما يلزم عنها من نتائج دون أن يقع في
تناقض مع نفسه ولهذا قال عنه أرسطو :"انه الآلة التي تعصم العقل من الخطأ
" .والخطأ بالنسبة للمنطق الصوري ليس سوى عدم انسجام المقدمات مع نتائجها
،وبالتالي عدم مطابقة العقل لذاته بحيث يكون العقل مطابقا لذاته من خلال معرفته
لوحدات الفكر المنطقي وقواعده ، والحرص عمليا على توافق النتائج مع المقدمات فإذا كان الغرض من التفكير في مسالة من المسائل
ضبط التصور ، لزم احترام قواعد التعريف ،أي أن يكون معبرا عن ماهية الشيء وذلك بذكر صفاته الجوهرية ،كان يكون بالجنس
القريب والفصل النوعي .وان يكون التعريف جامعا مانعا وذلك حتى يكون المفهوم الوارد
في التعريف مطابقا للماصدق الذي يعبر عنه .أما إذا كان الغرض تبرير تصديق "
برهنة" وجب احترام قواعد الاستدلال سواء المباشر او غير
المباشر ، وأول ما يجب احترامه في الاستدلال كله هو مبادئ العقل كمبدأ الهوية وعدم
التناقض والثالث المرفوع ، وخاصة مبدأ عدم التناقض لان مدلول المفاهيم يمكن أن
يتغير في كل لحظة ،وهذا معناه انه لا يمكننا أن نقول كلاما متماسكا .وهو الأساس
الذي يقوم عليه الاستنتاج الصوري والرياضي .ثم احترام القواعد الخاصة بكل استدلال
ففي العكس "وهو استنتاج قضية من أخرى تخالفها في موقع كل من الموضوع والمحمول
" يجب مراعاة قاعدتين أن يتحدا "القضية وعكسها" في الكيف بان يكون
كيف المعكوسة هو كيف الأصلية ؛وان لا يُستغرق حد في المعكوسة لم يكن مستغرقا من
قبل في الأصل .أما في القياس يجب الالتزام بجملة من القواعد التي يمكن تلخيصها في
قواعد الأشكال ، وشكل القياس يتوقف على موقع الحد الأوسط من المقدمتين :فإذا كان
الحد الأوسط موضوعا في الكبرى ومحمولا في الصغرى كان الشكل الأول ؛واذا كان محمولا
في كلتا المقدمتين كان الشكل الثاني ؛ واذا كان موضوعا في كلتيهما، كان الشكل
الثالث ؛أما الشكل الرابع فهو عكس الشكل الأول وهو ليس من وضع ارسطو وذهب ارسطو
الى أن القياس ليس كله برهانا . ولهذا اشترط في مقدمات القياس الصحيح : أن تكون
حقيقية وان تكون أولية وبديهية ، وإلا احتاجت بدورها الى برهان وأخيرا أن تكون
اسبق من النتيجة وأبين منها .وحُددت قواعد أشكال القياس على النحو التالي :للأول
قاعدتان ،الأولى أن تكون الصغرى موجبة ،والثانية أن تكون الكبرى كلية وللشكل الثاني قاعدتان ،الأولى أن تكون إحدى
المقدمتين سالبة ، والثانية أن تكون الكبرى كلية ؛وللشكل الثالث قاعدتان الأولى أن
تكون الصغرى موجبة ،والثانية أن تكون النتيجة جزئية ؛وللشكل الرابع ثلاث قواعد
الأولى إذا كانت الكبرى موجبة ، وجب أن تكون الصغرى كلية والثانية إذا كانت الصغرى
موجبة وجب أن تكون النتيجة جزئية ، والثالثة إذا كانت إحدى المقدمتين سالبة ، وجب
أن تكون الكبرى كلية . فإذا التزم العقل أثناء الاستدلال بالقواعد الضرورية له كان
مطابقا لذاته وبالتالي يكون في مأمن من الأخطاء ، وما يصل إليه يمثل الحقيقة
والعلم به هو اليقين .
النقد والمناقشة :لكن إذا كان المنطق الصوري لا يخلو من فائدة بحسب هذا
الاعتقاد ،فانه في الحقيقة يصلح للمناقشة والجدل أكثر مما يصلح للبحث عن الحقيقة
واكتشافها ؛ اي انه يكشف عن أخطاء العقل ولكنه لا يجنب العقل الوقوع في الخطاء
وهذا ما أشار إليه هيجل في قوله :" إن المنطق الصوري يبحث في الحقيقة
ولا يبحث عن الحقيقة " . هذا فضلا على انه ضيق لا يعبر عن كل العلاقات المنطقية وانه يكتفي فقط
،بالتحليلات الفكرية ،كما أن نتائج القياس لا تأتي بشيء جديد زايد على المقدمات
وشرط الاستنتاج الصحيح هو أن ينتهي بنا الى العلم .لا الى اعاد ما تتضمنه المقدمات
إن المنطق الصوري او التحليلي
يستخدم اللغة الشائعة مثل قولنا في القياس المشهور "كل إنسانفان سقراط
إنسان. إذن سقراط فان . يودي الى مغالطات
والتباسات وذلك بسبب ما تحمله هذه الالفاظ من معاني يقول بول فاليري :" ليس
للمنطق الا مزايا جد متواضعة حينما يستخدم اللغة العادية ،أي دون تعريفات مطلقة
" .
الموقف الثاني نقيض الاطروحة: إن هذه العيوب التي
حدت من قدرة المنطق الصوري على الوصول الى الحقيقة وعصم العقل من الوقوع في الخطأ
كانت دافعا لظهور أشكال أخرى للمنطق كالمنطق الرمزي "اللوجستيك"
وفيه استعاض المناطقة عن ألفاظ اللغة بالرموز وتنوعت العلاقات المنطقية التي
يدرسها والمنطق الجدلي الذي قام على مبدأ الحركة والتغير بدل مبدأ الثبات
"مبدأ الهوية وعدم التناقض" لان هذا الأخير يعكس فكرا ساكنا لا يصلح
للعالم الطبيعي والواقعي الذي لا يتوقف عن الحركة والسير . إن الحركية التي تتسم
بها الحياة الخارجية تقوم على مبدأ التناقض او التغاير يعني أن (ا )لا يبقى (ا )لأنه حتما ينتقل الى (س )او (لاا) الذي بدوره يتحول الى كائن مغاير
له ،وهكذا وبهذا يكون المنطق الجدلي احد أشكال المنطق المادي ،ومن الأشكال الأخرى المنطق الحديث او التجريبي وهو يقوم على
الاستقراء في مقابل القياس الذي يقوم على المنطق الصوري .ويعرف فرانسيس
بيكونالاستقراء بقوله :" استنتاج قضية كلية من أكثر من قضيتين ؛وبعبارة أخرى
،هو استخلاص القواعد العامة من الأحكام الجزئية ". وهو على نوعين تام وناقص
أما التام فهو استقراء يقيني لأنه يقوم على استقراء لكل جزئيات موضوع البحث فهو
:انتقال الفكر من حكم جزئي على كل فرد من أفراد مجموعة معينة الى حكم كلي يتناول
كل أفراد هذه المجموعة .وأما الناقص فهو غير يقيني وقد يكون معلل وقد يكون غير
معلل فإذا كان معللا فهو الأكثر صدقا لأنه لا يقوم على أساس من التعليل ،وإنما فقط
على الملاحظة ؛ كمعرفة صفة عرضية لبعض الجزئيات وتعميم هذه الصفة على جميع
الجزئيات المشابهة لها.والمنطق المادي او التجريبي يتم من خلال جملة من الخطوات
،لكل منها شروطها التي تضمن سلامة الاستقراء وبالتالي مطابقة العقل للواقع وهذا
معيار الحقيقة العلمية .وتبدأ هذه الخطوات بالملاحظة وهي توجيه الحواس والعقل نحوى
الظواهر ،وتعتبر سلامة الحواس شرطا ضروريا لأداء عملها، الا أن أداءها هذا محدود
،ولذلك فهي تحتاج الى أن تكون مسلحة أحيانا ،بأجهزة تقنية متخصصة تتعلق برصد حوادث
العالمين اللامتناهي في الكبر اللامتناهي في الصغر او بقياسها على نحو كمي دقيق ثم
الفرضية وهي – على حد تعبير "ماخ" تفسير مؤقت لوقائع معينة . وحتى تكون
الفرضية علمية يجب مراعاة جملة من القواعد :أن تبدأ من واقعة مشاهدة ،وان تكون مما
يقبل التحقق وخالية من التناقض ، حتى تتبوأ مكانتها كخطوة رئيسية من خطوات المنهج
التجريبي .ثم التجريب وهو ملاحظة الظواهر ضمن شروط اصطناعية . وله شروط وقواعد على
المجرب أن يستعين بالآلات والأجهزة المعملية التي تزوده بنسب ودلالات محددة لتذليل
العوائق ويرى بعض الدارسين أن التجريب
يرتبط باستخدام الرياضيات ،وأساليب القياس الكمي .وحدد جون استوارت مل أربعة قواعد
تتمثل في :التلازم في الحضور ، والتلازم في الغياب وطريقة البواقي والتلازم في
التغير .
النقد والمناقشة :لكن ما الذي يضمن أن العقل يكون مطابقا للواقع؟. ثم
إن التجريب يطلعنا على الظواهر لكنه لا يخبرنا شيئا عن العلاقات التي تؤلف بينها
.وهذا يعني أن التجريب لا يمدنا بمعرفة واضحة ودقيقة إذا استند الى مبادئ قبلية
وصورية ، مثل مبدأ السببية والحتمية .
التركيب :نستنتج انه إذا كان المنطق الصوري لا يعصم العقل لا
من الوقوع في الخطأ بقدر ما يكشف عن الأخطاء التي يقع فيها أثناء بحثه عن الحقيقة
. فهو بهذا لا يمدنا بعلم جديد على عكس المنطق المادي الذي يساعدنا في الوصول الى
معرفة علمية جديدة ،وهكذا يبدو من المنطقين وجود اختلاف وليس تناقضا ، فإذا كان
المنطق الصوري يعتمد على القياس فهو يحتاج الى الاستقراء لكي يحقق معرفة جديدة .
واذا كان المنطق المادي يعتمد على الاستقراء فهو لا يستغني عن القياس لان التنبؤ
ما هو الا صورة من صور القياس
الخاتمة :وختاما يمكننا أن نقول إن المنطق المادي يساعد
الانسان على اكتساب معارف جديدة ولكن لا يتم له ذلك بعيدا عن مبادئ الفكر وقوانينه
الأولية التي هي من شروط المنطق الصوري ، ومن ثم فان إنتاج العقل للمعرفة يكون باجتماع
الأمرين معا ،وتكامل قواعد المنطق الصوري وقواعد المنطق المادي إذن احترام قواعد
المنطق الصوري دون مراعاة شروط المنطق المادي لا يجعلنا في مأمن من الخطأ .
دافع عن الأطروحة التالية :" إن المنطق
آلة تعصم العقل من الوقوع في الزلل".
طرح المشكلة :المقدمة : تعددت
اهتمامات الإنسان ،وتطورت مباحثه .سواء
تعلق الامربالجانب الحسي التجريبي أو الجانب العقلي المجرد ،وقد كان هذا بغرض
التوصل إلى قوانين تكون بمثابة الميزان الذي يرجح يقينه .فكان المنطق أول هذه
القوانين والذي عرف بأنه اله تعصم العقل من الوقوع في الزلل .إلا أنه ما شاع عند
البعض هو انه مجرد تحصيل حاصل أي: فعل تكراري لا ضرورة تقتضيه. في حين اعتقد البعض
الأخر بأنه ضروري ويجب الأخذ به .وهو ما نحن بصدد إثباته والدفاع عنه .فكيف يمكننا أن ندافع عن هذه الأطروحة ؟وما هي الحجج والبراهين التي تؤيد هذا الطرح ؟.
عرض منطق الأطروحة: يرى أنصار
الأطروحة أن وجود المنطق ضروري ولا يمكن رفضه بأي شكل من الأشكال ذلك لان المنطق وقواعده توصف بأنها آلة تصون
العقل وتقيه من كل التناقضات ،إذ المنطق يعد معيارا للعلوم وصدقها وهذا ما عبر عنه أبو نصر الفارابي ثم إن المنطق يهتم بعمل العقل من استنتاج وغيره
حيث يعرفه أرسطو طاليس:
بالاورغانون أي : القانون العام للعقل
.فهو" آلة الفكر واورغانونه " وهذا القانون كان سائدا عند اليونان
باعتبارهم أهله وأصحابه بحجة أن فضل الاكتشاف يعود لهم "أرسطو
"ثم بعد ذلك انتقل إلى المسلمين ليصبح ضروري في ما يعرف بعلم الكلام والفلسفة
الإسلامية عامة إذ يعرفهابن سينا"بأنه الصناعة النظرية "
عرض منطق الخصوم ونقده:للأطروحة
السابقة خصوم ،حيث يقرون بان المنهج الذي يتبعه المنطق منهج عقيم ،لا يحمل فائدة
،ولا يمكن لنا أن نتخذه منهجا من أساسه لأنه تحصيل حاصل ،ولعل أول من قالا بهذا
:كلا من ديكارتوفرانسيس بيكون و في نفس المنحى سلك كل
من ابن صلاح ،والإمام النووي والشيخ ابن تيمية
هذا المسلك واعتبروا أن المنطق تكراري لا
يضيف جديد وعليه يجب تركه وعدم الاعتماد عليه بدعوى " أن الصحابة"
رضوان الله عليهم "والأولين لم يكن لهم منطق
وكانوا حكماء وأصحاب فكر راجح ولم يظلوا الطريق لكن يمكننا أن نلاحظ بان هذا
التصور وان بدا له جانب من الواقعية إلا انه لا يجب تعميمه فهو تصور له جانب كبير
من القصور والإجحاف .ذلك لأننا لا نستطيع
أن ننفي دور المنطق وفضله .فهو المنطلق الذي نهلت منه كل العلوم .فلا يزال صاحب
فضل في بعض العلوم الدنيوية وخاصة الرياضيات .
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية: يمكننا أن
ندافع عن الأطروحة بحجج جديدة:.وهي أن المنطق ضروري لأنه يجعل الفكر يتطابق مع
ذاته ويعصمه من الوقوع في الخطأ أي:يمنعه من أن يقع في التناقض والاغاليط ولذا قال
عبد الرحمان الأخدري :"فالمنطق للجنان كالنحو
للسان ".كما أن الفارابي شبهه بأمور اللغة
والنحو وعبد الرحمان بدويوالعلامة محمد السنوسي:
اعتبرا المنطق ضروري لأي فعل عقلي لان المنطق يتناول في موضوعاته عدة مباحث وقضايا
منها الحدود والتصورات وجملة القضايا والأحكام وهو ما جعل للعقل حصانة جيدة .كما أن أبو حامد الغزالي هو الأخر اعتبر المنطق معيارا للعلوم
جميعا أي هو العلم الذي يقاس به دقة العلوم .
التأكيد على مشروعية الأطروحة :"خاتمة":ومنه يمكننا
أن نستنتج أن للمنطق فضائل عدة منها مسايرته لمختلف
التطورات بداء من المنطق الصوري وصولا إلى المنطق الجدلي فالرياضي، فالمنطق
المتعدد القيم ، فمنطق العولمة وهذا إن دل يدل على انه في تطور مستمر ومنه يصح
القول : بان الأطروحة السابقة أطروحة صحيحة في صيغها الفلسفي ونسقها يمكن أن نأخذ بها وان نتبناها ولا سبيل إلى
اتهامها بالفساد.
في
انطباق الفكر مع الواقع
هل يمكن الاستغناء عن
الفرضية ؟ هل للفكرة المسبقة دور في الملاحظة والتجربة ؟ هل اساس العلم العقل ام
التجربة ؟ هل للاستنتاج دور في بناء العلم ؟.
طرح المشكلة : المقدمة : تنطلق الدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها
من مرحلة البحث ، حيث يحرك العلماء اسئلة وإشكالات محيرة تقودهم الى مرحلة الكشف
وذلك من خلال بناء ملاحظات واستنتاجات مختلفة ، غير ان مكانة الفرضية في المنهج التجريبي عرفت جدلا كبيرا
بين الفلاسفة والعلماء حول ما اذا كانت ضرورية ام لا. وهذا ما دفع بنا الى طرح
التساؤل التالي : ما قيمة ما نصل اليه عن طريق الفرضية ؟.
بعبارة اخرى هل يمكن الاستغناء عن الفرضية ام انها مطلب ضروري ؟.
محاولة حل المشكلة :انصار الموقف العقلي :
يرى انصار الموقف العقلي ان الفرضية نقطة انطلاق ضرورية لكل بحث تجريبي ، اذ هي من
حيث المفهوم مجهود عقلي يستهدف الخروج من الاشكالية التي تطرحها الملاحظة وحجتهم
ان الاكتشافات العلمية اساسها العقل فهي
ليست مجرد تجميع للملاحظات والتجارب ، حيث عبر عن هذا كلود
برنار قائلا :" ينبغي ان نطلق العنان للخيال فالفرضية هي مبدا كل
برهنة وكل اختراع انها تنشا عن نوع من الشعور السابق للعقل " . ومن الامثلة التي تبين دور
الفرضية في بناء العلم هو ان باستور ربط ظاهرة
التعفن بالجراثيم رغم عدم رؤيته لها وفرنسوا انبير
كان عالما كبيرا ولم تمنعه اعاقته البصرية من تخيل التجارب الصحيحة لأنه عوض فقدان
البصر بقوة الحدس العقلي وبقدرته على وضع فرضيات صحيحة ، كل ذلك دفع بوانكاريه الى القول :" ان التجريب دون فكرة سابقة
غير ممكن لأنه سيجعل كل تجربة عقيمة ". والفرضية لها اهمية بعيدة المدى من
حيث قدرتنا على اثارت الملاحظات والتجارب وكذا رسم الاهداف وتجاوز العوائق قال مدوارفي كتابه: " نصيحة الى كل عالم شاب" " على الباحث
ان يسمع دائما الى صوت يأتيه من بعيد – صوت الفرضية – يذكره بسهولة كيف يمكن ان
يكون" .
النقد: والمناقشة : لكن يمكننا ان نلاحظ ان هذه الاطروحة تتجاهل ان
الفرضية باعتمادها على الخيال قد تبعدنا عن الواقع وتدخلنا في متاهات يصعب الخروج
منها ، ثم انه كثيرا ما نفترض واواقع يكذب افتراضنا ، ذلك لان الافتراض تخمين
وبالتالي فهو ظن ولا يصدق الظن دائما .
نقيض القضية: الموقف الثاني : انصار الموقف التجريبي
: يرى انصار هذا الموقف ان المنهج التجريبي هو المنهج الاستقرائي القائم على
الملاحظة والتجريب ولا مكان فيه للفرضية
وحجتهم في ذلك ان الفرضية تقوم على عنصر الخيال لا والخيال يبعدنا عن
الواقع ، اذ تجلت هذه الاطروحة في نصيحة ما جندي الى
احد تلامذته قائلا له : " اترك عباءتك و
خيالك عند باب المخبر" . وتعمقت اكثر فكرة استبعاد الفرضية على يد الانجليز
من امثال :جون ستوارت مل الذي وضع قواعد الاستقراء
" قاعدة الاستقراء – قاعدة الاختلاف – قاعدة
البواقي قاعدة التلازم في التغيير ومن الامثلة التي توضح قاعدة الاتفاق
البحث الذي قام به العالمولز حول اسباب تكون الندى
حيث لاحظ ان الندى يتكون على المرآة عند تقريبها من الفم ، وعلى زجاج النوافذ في
الشتاء وارجع ذلك الى انخفاض درجة حرارة الاجسام مقارنة مع درجة حرارة الوسط
الخارجي . يقول جون ستوارت مل :" ان الطبيعة كتاب مفتوح لإدراك القوانين التي
تتحكم فيها وما عليك الا ان تطلق العنان لحواسك" . كما اكد أوغست كونت ان الطريقة العلمية تختلف عن الطريقة
الفلسفية فهي ليست بحاجة الى التأويل العقلي بل الى الوصف من خلال اجراء التجارب ،
وهو الامر الذي اكد عليه ارنست ماخ قائلا :"
المعرفة العلمية تقوم على انجاز تجربة مباشرة" .
النقد : والمناقشة : لكن نلاحظ ان هذه الأطروحة هي الاخرى تتجاهل ان
الاستقراء وطرقه لا يمكن لها باي شكل من الاشكال ان تعوض دور الفرضية ، لأنها
تعتمد على الطابع الحسي دون سواه ، بينما القانون ابداع واكتشاف وتخمين .
التركيب :وعموما نستنتج ان العلم ضرب من المعرفة الممنهجة فهو
يدرس الظواهر المختلفة من اجل الكشف عن قوانينها وتاريخ العلم يؤكد ان اهم
النظريات العلمية وضعها اصحابها بالاعتماد على الفرضية مثل النيوتن كان يضع بحثه نصب
عينيه كما انه كان كثير التأمل لذا قال كانط
:" ينبغي ان يتقدم العقل الى الطبيعة ماسكا بيد المبادئ وباليد الاخرى
التجريب الذي تخيله وفق تلك المبادئ" .ثم ان القواعد التي وضعها مل غير كافية
نظرا لطابعها الحسي فهي بحاجة الى الحدس العقلي قال غا
ستون باشلار :" ان التجربة
والعقل مرتبطان في التفكير العلمي فالتجربة في حاجة الى ان تفهم والعقلانية في
حاجة الى ان تطبق " .
الخاتمة : ومجمل القول ان المعرفة العلمية يتكامل فيها الموضوع
والمنهج وعلى حد تعبير جون المو" العلم بناء" غير ان خطوات المنهج العلمي
لم تكن مسالة واضحة المعالم بل غلب عليها الطابع الجدلي فالموقف العقلي تمسك
بالفرضية ، اذ العلم عندهم ابداع والابداع في حاجة الى الخيال وعلى النقيض من ذلك نجد
الموقف التجريبي الذي رفض الفرضية واقترح قواعد الاستقراء غير ان منطق التحليل كشف
لنا عن عدم كفاية هذه القواعد وتأسيسا على ذلك نستنتج انه لا يمكن الاستغناء عن
الفرضية .
Post a Comment