نظرية ترتيب الأولويات
منذ بدايات ظهور وسائل الاتصال الجماهيري، وتأثير هذه الوسائل على الجماهير
هو الشغل الشاغل لباحثي الاتصال، فكان الاعتقاد السائد - عقب الحرب العالمية الأولى
- بالتأثير المباشر والفوري لوسائل الإعلام، وعبّر الباحثون عن ذلك بنظرية (الرصاصة
السحرية)، ثم جاء الاتجاه الأحدث القائل بأن ذلك التأثير يحدث بطريقة غير مباشرة، وتتحكم
فيه عوامل وسيطة .
ومهما يكن، فإن الثورة الاتصالية التي شهدها العالم في الآونة الأخيرة قد ضاعفت
من دور وسائل الاتصال على كافة المستويات، ومن هنا تبرز أهمية تكثيف الجهود البحثية
للوقوف على حقيقة الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام في المجتمع؛ ودراسة (ترتيب الأولويات)
تأتي ضمن هذا المجال والتي هي في الحقيقة دراسة لتأثير الإعلام على الرأي العام.
التطور التاريخي لدراسات نظرية ترتيب الأولويات :
تشغل دراسات ترتيب الأولويات (علاقة التأثير المتبادل بين أولويات قضايا الإعلام
وأولويات قضايا الرأي العام والسياسة العامة) الحيز الأكبر من اهتمام المجتمع الأكاديمي
العالمي منذ البدايات الأولى لهذه النوعية من الدراسات على يد الباحثينMaxwell McCombos & Donald Show في عام 1972، لاسيما أن دراسات
ترتيب الأولويات تحتل أهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية التي تولي عناية خاصة لأهتمامات
الرأي العام وتوجهاته كمُدخلات في عمليات صنع القرارات ووضع السياسات على المستويات
كافة، فيما تهتم الدول غير الديمقراطية بدراسات وضع الأولويات رغبة في إحكام السيطرة
على الرأي العام، إذ يتم توظيف وسائل الإعلام لتركيز أهتمام الرأي العام حول قضايا
بعينها، وكذلك تشتيت أنتباه الرأي العام بشأن قضايا أخرى لا يُراد له التفكير فيها(1).
وعن طريق دراسات قام بها عدد من علماء الاتصال الجماهيري أثبتت أن ثمة توافقا
قويا بين كمية الأنتباه الذي يوليه الإعلام الجماهيري لموضوعات معينة وبين مستوى إيلاء
الجمهور الإعلامي الذي يتعرض لمضامين الإعلام أهمية لهذه الموضوعات، وقد تمت صياغة
نظرية بهذا الخصوص إنطلاقاً من خط بحثي بدأه (ليبمان وماكومبسLippman & McCombos وطوره فيما بعد (لانغ Lang ونيومان Numman وشو Show)، أُطلق عليها أسم (الأجندة)(2)؛
والتي ترجع أصولها الفكرية والنظرية، إلى الدراسات التي قام بها (والتر ليبمان Walter Lippman) عن طريق كتابه "الرأي
العام" الذي أصدره عام 1922، وذكر فيه "أن الوسائل الاتصالية تدعم وتساعد
في بناء الصور الذهنية لدى الجماهير، وتكوين الرأي العام، وفي كثير من الأحيان تقدم
هذه الوسائل (بيئات زائفة) في عقول الجماهير"(3).
ولكن قبل ذلك تم أستخدام مصطلح (ترتيب الأولويات) لأول مرة في ميادين العلوم
الرياضية، من قِبل العالم الرياضي (Pasch) عام 1882 في كتابه
"دروس حول الهندسة الجديدة"، والذي أوضح فيه الشروط الأساسية التي ينبغي
أن يتم بموجبها ترتيب أو صياغة الأولويات لكي يكون دقيقاً، إذ لخصها فيما يأتي:
1- تحديد الحدود الأساسية للقضايا، وبما هو ضروري لمعرفة حدود القضايا الأخرى.
2- تحديد القضايا الأولية التي عن طريقها يتم البرهنة على القضايا المختلفة
الأخرى.
3- ضرورة كون العلاقات الموجودة بين حدود القضايا الأولية مجرد علاقات منطقية،
مستقلة عن المعنى المشخص الذي يمكن أن نعطيه للحدود.
4- ضرورة أستخدام مضمون تلك العلاقات المنطقية في العمليات الإقناعية تجاه الآخرين(4).
وقد ظهرت أول إشارة مباشرة إلى وظيفة وسائل الإعلام في ترتيب الأولويات (الأجندة)،
أو ما يسمى بترتيب جدول الأعمال، في مقال للصحفي (نورتون لونج Norton Long) عام 1958، وتم الحديث
عنها بشكل أكثر وضوحاً وشمولاً في كتاب (الصحافة والسياسة الخارجية) لمؤلفه (برنارد
كوهين Birnard
Cohen) عام 1963، والذي
يعد أفضل تصريح حول هذه الوظيفة(5) ؛ إذ كتب يقول: "إن الصحافة قد لا تنجح معظم
الوقت في التأثير في إتجاهات الناس ولكنها تؤثر بقوة في تحديد نوعية القضايا التي يهتمون
بها"(6).
وفي عام 1972 صدرت دراسة قام بها كل من Mccombs & Show تعد الأساس النظري لها وأول دراسة أمبيريقية عن
النظرية، أُجريت بهدف معرفة مدى تأثير وسائل الإعلام على ترتيب الأولويات لدى الناخبين
خلال حملة الرئاسة الأمريكية عام 1968، وأثبتا عن طريقها قدرة وسائل الإعلام على ترتيب
أولويات وأهتمامات الرأي العام، كما أكدت الدراسة على أن وسائل الإعلام هي المصدر الأول
للمعلومات السياسية، وهي التي تستطيع أن تمد المتلقي بالحقائق والمتغيرات السياسية(7)،
إذ قام الباحثان بتحليل مضمون لما قدمه التلفاز والصحف والمجلات من أخبار عن المرشحين
والموضوعات التي يناقشونها طوال فترة الانتخابات وخرجوا بنتيجة من هذا البحث بأن هناك
توافقاً كبيراً بين مقدار الأنتباه الذي توليه الصحافة تجاه موضوع معين ومستوى الأهمية
التي يوليها الناس لهذا الموضوع في مجتمعهم بعد أن تعرضوا لوسائل الإعلام، وقد أدى
نجاح الدراسة الأولى إلى قيام الباحثين بإجراء بحث أكبر حول إنتخابات الرئاسة الأمريكية
في عام 1972 وقد أكدت نتائج هذه الدراسة ما جاء في الدراسة الأولى(8).
وقد تطورت دراسات ترتيب الأولويات فكان الجوهر الذي تضمنته هذه الدراسات هو
دور وسائل الإعلام في زيادة وعي الجمهور بالعديد من القضايا العامة والمهمة وحجم المعلومات
عن هذه القضايا التي يتم تزويد الجمهور بها، فلم يعد السؤال الذي تدور حوله هذه الدراسات
هو تكوين الرأي أو تغيير الإتجاه فحسب بل أصبح السؤال هو: ما دور وسائل الإعلام في
تنمية معارف معينة عن القضايا العامة؛ أي أن دراسات ترتيب الأولويات (وضع الأجندة)
لم تعد تنحى فقط منحى التركيز على الإقناع وتغيير الرأي والإتجاه، بل أصبحت وسائل الإعلام
تهتم أيضاً وأكثر بدراسة تأثير وسائل الإعلام في وضع أجندة الجمهور(9).
وبناء على نتائج هذه الدراسات ثَبَتَ وجود علاقة وثيقة بين جدول أهتمامات وسائل
الإعلام الإخبارية أو الصحافة بشكل عام في أثناء الحملات الإنتخابية وبين ترتيب أهتمامات
الجمهور، فتعرض الجمهور لوسائل الإعلام يدعم قدرته على فهم ومعرفة القضايا المحيطة
به ووضع تصورات عن الحلول للمشاكل التي تواجهه؛ وهذا لا يعني أن وسائل الاتصال قد نجحت
في إستمالة الأفراد لتغيير رأيهم وتبني وجهة نظر جديدة، لكنه يعني أنها قد نجحت في
إقناع الناس بأن يعتبروا بعض الموضوعات أكثر أهمية من موضوعات أخرى، وهو ما يعني بالنتيجة
أن جدول أعمال وسائل الاتصال، أو بالأحرى ترتيب أهمية الموضوعات والأخبار عندها هو
نفسه جدول أعمال الجمهور(10).
ولابد من الإشارة إلى أن نتائج دراسات عملية أكدت أن الجمهور يُعرّض نفسه لمصادر
المعلومات التي يتعاطف معها أو يؤيدها ومن يفعل غير ذلك من الجمهور، مثل رجال الإعلام
والسياسة أو أساتذة الجامعات والباحثين، فأنهم يفعلون ذلك لأسباب مهنية أو لأغراض عملية
فقط(11)؛ ففي بعض المجتمعات المحافظة أستطاعت وسائل الإعلام أن تحطم الكثير من التقاليد
الإجتماعية أو السياسية، رغم أن التقاليد والأعراف الإجتماعية هي من أصعب الأمور القابلة
للتغيير أو التبدل، وفي مجتمعات أخرى أسهمت وسائل الإعلام في زيادة الأهتمام بالقراءة،
أو التركيز على نوع معين من الأهتمامات السياسية أو الثقافية، وغيرت من الأولويات الإجتماعية
أو السياسية أو الإقتصادية، وهو ما يطلق عليه إعادة ترتيب الأولويات أو (بناء الأجندة).
مفهوم نظرية ترتيب الأولويات :
نظرية ترتيب الأولويات (الأجندة)، تقول بوجود علاقة إيجابية بين ما تؤكده وسائل
الإعلام في رسائلها وبين ما يراه الجمهور مهماً، أي أن دور وسائل الإعلام يُسهم في
ترتيب الأولويات عند الجمهور ومن ثم فإن وسائل الإعلام بهذا المعنى تقوم بمهمة تعليمية(12)؛
فقد أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية الرئيسة (الصحافة، الإذاعة، التلفاز) هي الوسيط
بين الأحداث وبين أفراد الجمهور، فهي تنقل الأخبار والمعلومات والرأي والتفسير والتحليل،
وهي بذلك تسهم في خلق واقع إجتماعي يعيش فيه أفراد الجمهور، ولذلك تبدو أي عملية تغيير
في المنظومة الفكرية والثقافية لدى الفرد غير ناجحة إذا لم توظف وسائل الإعلام التوظيف
الصحيح.
وكلمة (أجندة Agenda) بشكل عام تعني وحسب قاموس (المورد):
"برنامج أو جدول الأعمال"(13)، والمقصود بها في الإعلام، قدرة وسائل الإعلام
على تحديد الأولويات فيما يختص بالمواضيع والقضايا التي سيناقشها الناس"؛ وجدول
الأعمال مفهوم شائع في اللقاءات والإجتماعات، ذلك أن جدول الأعمال في أي لقاء هو الذي
يحدد ترتيب المواضيع التي سوف تناقش بناء على أهميتها، وبناءً على هذا المفهوم فإن
وسائل الإعلام تمتلك جدول أعمالها الخاص بها والتي تحدد الأهم والأقل أهمية من المواضيع،
خصوصاً أن تركيز وسائل الإعلام على موضوع معين أو شخص معين وإعطائه حيزاً كبيراً يعني
للجمهور أن هذا الموضوع أو الشخص له أهمية مميزة تجعلهُ حاضراً في وسائل الإعلام، أما
تلك المواضيع المهملة والأشخاص المهملين في وسائل الإعلام فإنهم يفتقرون إلى الأهمية
التي تجعلهم أحاديث حاضرة، ومن ثمَّ فإن إدمان الجمهور على إستهلاك المواد الاتصالية
- الإعلامية التي تقدمها له وسائل الاتصال الحديثة يؤدي إلى تشكيل هذا الجمهور وتأثره
بما تشتمل عليه تلك المواد من قيم وأنماط حياة وسلوك مما يدفع إلى تغلغل التأثير التراكمي لهذه الوسائل"(14).
وقد عرّف (ستيفنس باترسون) نظرية ترتيب الأولويات بأنها "العملية التي
تُبِرز فيها وسائل الإعلام قضايا معينة على أنها قضايا مهمة وتستحق ردود فعل الحكومة"(15).
ويشير أقدم نص مباشر حول وظيفة ترتيب الأولويات في مقال لـ (برنارد بيرلسون)
نُشِر عام 1948 بعنوان (الاتصالات والرأي العام) يرى فيه أن "هناك بعض الدلائل
على أن المناقشات الخاصة حول المسائل السياسية تأخذ مؤشراتها من عرض وسائل الإعلام
لهذه المسائل، إذ إن الناس يتحدثون في السياسة متوافقين في ذلك مع الخطوط التي ترسمها
وسائل الإعلام"؛ وهي بهذا المعنى ترشد وتعلم الجمهور عما يتحدثون متوافقاً مع
ما تقدمه لهم هذه الوسائل(16).
من هنا تابع العديد من الباحثين، من أمثال (لانج ولانج Lang & Lang، إيدلمان Edelman، نيمو Nimmo، وغيرهم)، هذه النظرية
وإفرازاتها التطبيقية من دراساتهم المختلفة، الموضحة لأبعادها المبهمة(17)؛ والتي
(أي تلك الدراسات ونتائجها)، حولتها إلى الأرفع شأناً بين النظريات المتعلقة بالقائم
بالاتصال لدراسة حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية لعام
1968 والكيفية التي يحددون بها أهمية المواضيع المطروحة، إذ أكدت تلك الدراسات وجود
توافق كبير بين حجم الأهتمام الذي توليه الوسائل الاتصالية لقضية معينة وحجم الأهتمام
بها عند المتعرضين لتلك الوسائل، والذي (أي ذلك التوافق)، لا يُعبِر عن نجاح تلك الوسائل
في إستمالة الناس وإلغاء إتجاهاتهم، بل عن إقناعهم بأهمية تلك الموضوعات المطروحة،
قياساً إلى الموضوعات الأخرى غير المطروحة مِن قِبل تلك الوسائل(18).
وقد حدد (شاو ومارتن Shaw & Martin) أربعة أنواع بحثية لقياس
ترتيب الأولويات هي(19):
1- قياس أولويات أهتمامات الجمهور ووسائل الإعلام إعتماداً على المعلومات التي
تجمع بواسطة المسح الإجتماعي وتحليل المحتوى.
2- التركيز على مجموعة من القضايا، ولكن مع نقل وحدة التحليل من المستوى الكلي
سابق الذكر إلى المستوى الفردي.
3- دراسة قضية واحدة في وسائل الإعلام وعند الجمهور في فترتين زمنيتين مختلفتين.
4- دراسة قضية واحدة مع الإنطلاق من الفرد كوحدة للتحليل.
ويتحدث (McCombos & Show) حول دور الجمهور في ترتيب
الأولويات (وضع الأجندة) بقولهما: "بينما تلعب وسائل الإعلام دوراً رئيسياً في
تحديد القضايا العامة اليومية، إلا أنها ليست كلياً المحددة لأولويات (أجندة) الجمهور،
إذ هناك تفاعل بين الصحافة ومصادرها التي تؤثر على أولويات (أجندة) الصحافة، وأهم من
هذا وجود التفاعلات بين الصحافة والجمهور، التي تؤثر على ماهو مقبول بأعتباره أولويات
وأجندة الجمهور"(20).
ويرى الباحثان (لانج ولانج Lang & Lang) أن بناء الأولويات يتم
في ست مراحل تتمثل بالآتي(21):
1- تقوم وسائل الإعلام بتسليط الضوء على بعض الأحداث وتجعلها بارزة.
2- تحتاج بعض القضايا إلى قدر أكبر من التغطية لتثير الأهتمام.
3- وضع القضايا أو الأحداث التي تثير الأهتمام في إطارها الذي يضفي عليها المعنى
ويسهل فهمهما وإدراكها.
4- اللغة المستخدمة في وسائل الإعلام يمكن أن تؤثر على مُدركات الجمهور لأهمية
القضية.
5- تقوم وسائل الإعلام بالربط بين الوقائع والأحداث التي أصبحت تثير الأهتمام
وبين بعض الرموز الثانوية التي يسهل التعرف عليها على موقع الخريطة السياسية.
6- بناء الأولويات (الأجندة) يتم بسرعة ويتزايد عندما يتحدث بعض الأفراد الموثوق
فيهم في قضية ما.
أهمية نظرية ترتيب الأولويات :
إنطلاقاً من مبدأ أن أهم ما يميز النظرية العلمية هو قدرتها المستمرة على توليد
تساؤلات بحثية جديرة بالبحث وأستكشاف مجالات وطرق بحثية جديدة، فمن هذا المنطلق يمكن
تحديد ما تتميز به نظرية ترتيب الأولويات بما يأتي(22):
1- النمو المستمر والمنتظم للدراسات التطبيقية في مجال وضع الأولويات منذ بدء
الأهتمام بها حتى اليوم.
2- قدرتها على تحقيق التكامل بين عدد من المجالات البحثية الفرعية للاتصال الجماهيري
تحت مظلة ترتيب الأولويات (وضع الأجندة).
3- قدرتها على توليد قضايا بحثية وأساليب منهجية جديدة تتنوع بتنوع المواقف
والمتغيرات الاتصالية.
إلا أن كيفية ممارسة الرأي العام لدوره في العملية السياسية لم تحظ بنفس الدرجة
من الاتفاق، فالديمقراطية التقليدية تفترض الإستجابة الحكومية المباشرة لرغبات الرأي
العام، فيما ينظر المفكرون والسياسيون إلى الأحزاب السياسية كوسيط بين الحكومة والشعب
بينما يعمل الإعلام على ترجمة أهتمامات الرأي العام إلى سياسات وقرارات تعكس هذه الأهتمامات،
أما علماء الاتصال الجماهيري فلهم وجهة نظر أخرى ترى أن وسائل الإعلام هي وسيلة الاتصال
والوسيط بين الحكومة والرأي العام، كما هو الحال في الأحزاب، كما أنها تخلق علاقة مباشرة
بين الرأي العام والسياسات العامة، ومن هنا ظهر مفهوم ديمقراطية الإعلام.
كما تأتي أهمية نظرية ترتيب الأولويات من كون النظام السياسي بحكم إمكاناته
وطاقاته لا يستطيع أن يتعامل مع عدد لا نهائي من القضايا في نفس المدة الزمنية، كما
أنه لا يستطيع أن يعمل بكفاءة ما لم تكن هناك رؤية تحدد أولويات العمل، وهنا يأتي دور
نظرية ترتيب الأولويات لأنها تسمح بالكشف عن أولويات القضايا لدى كل من وسائل الإعلام
والرأي العام في فترة زمنية محددة، مرتبة حسب الأهمية النسبية لكل منها وما يتطلبه
هذا الترتيب من تخصيص سلطوي للموارد المادية وغير المادية من جانب السلطة في المجتمع؛
يضاف إلى ذلك أن ترتيب الأولويات (وضع الأجندة) يخلق الأحساس المشترك بالمجتمع الواحد
بما يقاوم حالات التفتت الإجتماعي والتصدع السياسي، فالنظرية تفترض نوعاً من الإتساق
بين ما يراه الإعلام مهماً وما يراه الجمهور كذلك؛ فضلاً عن أهمية هذه النظرية في أنها
أصبحت أحد مناهج دراسة الديمقراطية في المجتمعات المعاصرة، فإذا كانت قوة الرأي العام
ودوره في العملية السياسية من الأمور المتفق عليها والمُعترف بها منذ منتصف القرن الثامن
عشر، وهذا ما تؤكده مقولة الرئيس الأمريكي الأسبق (إبراهام لنكولن Abraham Lincoln): "بدون الرأي العام
لا يمكن أن تنجح سياسة، ومع الرأي العام لا يمكن أن تفشل سياسة"(23).
أهداف النظرية :
تتلخص الفكرة الأساسية لنظرية ترتيب الأولويات أنه مثلما يحدد جدول الأعمال
في أي لقاء ترتيب الموضوعات التي سوف تُناقش بناءً على أهميتها، لذا فإن وسائل الإعلام
لها جدول أعمالها الخاص التي تحدد الأهم والأقل أهمية من الموضوعات والأحداث، وتتحدث
الناس في حياتها اليومية عن الموضوعات أو الأحداث التي تظهر في وسائل الإعلام وبمجرد
أختفاء هذه الأحداث من واجهة هذه الوسائل فإن الناس سوف تنساها تدريجياً؛ ويؤكد علماء
الاتصال أن هناك علاقة إيجابية قوية بين تركيز وسائل الإعلام على قضايا معينة وحجم
الأهمية التي يعيرها الجمهور للقضايا نفسها، فترتيب الأولويات (وضع الأجندة) وفقاً
لبعض التفسيرات ليست إلا توجيهاً من وسائل الإعلام للجماهير نحو الحقائق السائدة(24)،
فهي تسهم بدور كبير في ترتيب الأولويات لدى الجمهور ومن ثم فإنها تقوم بمهمة تعليمية
إذ ترشد وتعلم الناس عما يتحدثون، وتبعاً لهذا فإن الجمهور لا يتعلم من وسائل الإعلام
فحسب حول المسائل العامة والأمور الأخرى ولكنه يتعلم كذلك كم تبلغ هذه المسائل من أهمية
تبعاً لما تلقاه من قبل وسائل الإعلام، وبمعنى آخر فإن الإعلاميين يلعبون دوراً مهماً
في تشكيل الحياة الإجتماعية للأفراد حينما يمارسون دورهم في إختيار وعرض الأخبار علينا
وترتيب الأولويات فيها.
ورغم ذلك فإن وظيفة وسائل الاتصال الحديثة في وضع أجندة الجمهور ليست وظيفة
مطلقة أو مجردة من دون تدخلات أخرى، فما يتحكم في التغطية الإعلامية لهذه الوسائل الأخبار
العاجلة الناشئة من الحوادث المفاجئة، وكذلك السياسة المنتظمة للمؤسسات المختلفة في
جدولة أعمالها وتوفير التغطية الإعلامية لها، أو سعي عدد من هذه المؤسسات لصنع الأخبار
عن طريق إقامة فعاليات تستدعي إليها الإعلام وغير ذلك خصوصاً من جهة تأثيرات الجمهور
في القائم بالاتصال، فقدرة وسائل الاتصال في ترتيب أولويات الجمهور مرهونة بنوع الجمهور
من جهة، خصوصاً من نواحي تعليمه وولاءاته السياسية وأهتماماته السياسية، وطبيعة القضايا
التي تعرضها هذه الوسائل من جهة أخرى(25).
وهكذا فأن وظيفة ترتيب الأولويات (وضع الأجندة) للاتصال الجماهيري تتمثل في
مقدرتها للتأثير على تغيير المعرفة عند الأفراد وتقوم ببناء تفكيرهم، وهنا يكمن أهم
تأثير لوسائل الاتصال، وهو مقدرتها على ترتيب العالم وتنظيمه عقلياً للأفراد(26)؛ لاسيما
وأن ترتيب الأولويات، التي هي اليوم نظرية من نظريات تأثير وسائل الاتصال، تعرف بكونها
العملية التي تبرز فيها وسائل الإعلام قضايا معينة على أنها قضايا مهمة وتستحق ردود
فعل الحكومة ومن ثمَّ الجمهور لكنها غير كافية وحدها في صياغة وتشكيل الحقائق الإجتماعية،
ذلك أن وسائل الإعلام لا تضع الأولويات في ترتيب قضايا وأهتمامات الجمهور عن طريق إختيار
وتحديد أي من هذه القضايا أهم من غيرها، بل كذلك من حجم التغطية الإعلامية التي تقدمها
هذه الوسائل لقضايا معينة دون أخرى(27).
فروض النظرية :
تهتم بحوث ترتيب الأولويات بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام والجماهير
التي تتعرض لتلك الوسائل في تحديد أولويات القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية
التي تهم المجتمع، كما تفترض النظرية أن وسائل الإعلام لا تستطيع تغطية جميع الموضوعات،
لذا يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم التركيز عليها بشدة والتحكم
في طبيعتها ومحتواها، وهذه الموضوعات تثير أهتمامات الناس تدريجياً وتجعلهم يدركونها
ويفكرون فيها ويقلقون بشأنها؛ ومن ثمَّ تمثل هذه الموضوعات لدى الجماهير أهمية أكبر
نسبياً من الموضوعات الأخرى التي لا تطرحها وسائل الإعلام، إذ إن وسائل الإعلام هي
التي توجه الأهتمام نحو قضايا بعينها، فهي التي تطرح الموضوعات وتقترح ما الذي ينبغي
أن يفكر فيه الأفراد بأعتبارهم أعضاء في الحشد وما الذي ينبغي أن يعرفوه وما الذي ينبغي
أن يشعروا به، وحين تقرر وسائل الإعلام تخصيص معظم الوقت والمساحة في التغطية الإخبارية
لقضية ما، فإن هذه القضية سوف تكتسب أهمية قصوى لدى الجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل(28).
وبالتشديد على التبعية المعرفية المتصاعدة للإعلام الجماهيري، تفترض نظرية ترتيب
الأولويات عدداً من الفرضيات تتمثل في مستويين هما:
1- مستوى جدول الأعمال والموضوعات والإشكاليات والمشكلات التي يطرحها الإعلام.
2- مستوى التراتبية حسب الأهمية والأولوية التي يتم على أساسها ترتيب جدول الأعمال(29).
إذ تفترض هذه النظرية أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تقدم جميع الموضوعات والقضايا
التي تقع في المجتمع وإنما يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم
التركيز عليها بشدة مما يجعلها تثير أهتمام الناس تدريجياً وتجعلهم يدركونها ويفكرون
فيها وتمثل هذه الموضوعات من ثمَّ أهمية أكبر عند الناس من الموضوعات الأخرى.
وفيما يخص الوقت المطلوب لحدوث التأثير في جدول الأولويات، فقد افترض الباحثون
أوقاتاً مختلفة لحدوث التأثير، فمنهم من أفترض أن الوقت المطلوب لإحداث التأثير يتراوح
بين ستة أشهر إلى عدة أعوام(30)، ولكن (جيرالد ستون وماكسويل) قد حددا المدة من شهر
إلى ستة أشهر كحد أعلى لينتقل التأثير من أجندة وسائل الإعلام إلى أجندة الجمهور، وقد
وجد (بسيوني إبراهيم حمادة) أن شهراً واحداً يكفي لبناء هذه العلاقة التأثيرية(31)،
ويمكن القول إن المدة المطلوبة لإحداث التغيير ترتبط وتتأثر بالعوامل المؤثرة في وضع
جدول الأعمال فمستوى تعرض الجمهور ومستوى تغطية وسائل الاتصال لها علاقة بطول المدة
الزمنية المطلوبة لإحداث التغيير المنشود .
ويرى (Swanson) أن الفهم الدقيق لتأثير ترتيب الأولويات
(وضع الأجندة) يتطلب تحليل مضمون القضايا التي تركز عليها وسائل الإعلام، فالدراسات
الحالية تهتم بالمساحة أو الوقت الممنوح للقضايا في الإذاعة والتلفاز ولكن يبدو أن
المهم هو مضمون هذه القضايا ذاتها، ويمثل نداء (Swanson) تحولاً في دراسات ترتيب
الأولويات ومعبّراً عن تجاهل الباحثين للتعريفات النظرية والإجرائية لمفهوم ترتيب الأولويات،
فالقضية كما يراها (Swanson) يجب أن يتوافر فيها شروط قضية الرأي
العام من حيث قيامها على الصراع والإختلاف في وجهات النظر، وعندئذ فأن تحليل القضايا
سوف يأخذ في الإعتبار الأسباب والمشاكل والحلول والأشخاص والأحداث وغيرها، ودرجات التأييد
والمعارضة مما يجعل دراسات ترتيب الأولويات تبحث عن الإتجاه في الوقت نفسه الذي تبحث
فيه عن التأثير المعرفي، وقد كانت الدراسة الرائدة لـBenton & Frazier والتي أجريت عام 1976 تعبيراً غير صريح عن هذا التوجه
الجديد لدراسات ترتيب ووضع الأولويات، إذ حددا مستويات تحليل القضايا والمتمثلة في:
(أسماء القضايا والمشكلات والأسباب والحلول المقترحة والأشخاص والجماعات التي طرحت
الحلول ومبرراتها)(32).
عناصر النظرية :
توصلت العديد من الدراسات الميدانية التي أجريت في الربع الأخير من القرن العشرين
إلى نتائج تمثلت في أن ترتيب الأولويات يتأثر بمجموعة من المتغيرات تتمثل في(33):
1- طبيعة القضايا (مجردة / ملموسة).
2- أهمية القضايا (تهديد مباشر / غير مباشر).
3- الخصائص الديمغرافية للجمهور (الجنس، السن، المستوى التعليمي... الخ).
4- الاتصال الشخصي والمباشر / غير المباشر.
5- البعد الزمني (توقيت الإثارة والمدى الزمني اللازم لإحداثها).
6- نوع الوسيلة.
وفيما يأتي توضيح لكل عنصر من عناصر نظرية ترتيب الأولويات:
1- طبيعة القضايا: ويقصد بها مدى كون القضية ملموسة أو معروفة لدى المتلقي،
وتمثل طبيعة القضية وإدراك الجمهور لها أحد أهم المتغيرات الوسيطة، فكلما زادت درجة
معايشة الجمهور للقضية قل تأثير وسائل الإعلام بشأنها وذلك لأن الخبرة المباشرة سوف
تعمل بديلاً لوسائل الإعلام في خلق الأهتمام، وكذلك الحال للقضايا ذات الطابع النظري
التجريدي التي يصعب على المرء أستيعابها؛ وقد ثَبُتَ من دراسة (Yagade) صحة الفرض القائل بعدم
قدرة وسائل الإعلام في وضع أولويات القضايا المجردة أو القضايا التطفلية التي تلازم
الفرد، ونجاحها (وسائل الإعلام) في وضع أولويات القضايا الملموسة (Concrete) التي ترتبط بحدث محدد
أو مجموعة من الأحداث المحددة(34)، كما أثبت بحث تجريبي أجراه زوكرZucker حول طبيعة عدد من القضايا الملموسة وغيرها على حد
سواء، تأكد من وجود تأثير كبير لوسائل الاتصال في القضايا غير الملموسة مقارنة بتأثيرها
في القضايا الملموسة(35).
2- أهمية القضايا: والمقصود بها الإرتباط
المتبادل بين مدى أهتمام المتلقي بقضية ما ووفرة نصيبها في الحصول على الأسبقية الترتيبية،
أي كلما كان أهتمام الجمهور كبيرأً بقضية ما، كانت درجتها الترتيبية أفضل(36).
3- الخصائص الديمغرافية: يعد هذا المتغير مثار جدل بين العديد من الباحثين،
فهناك من يؤمن بوجود علاقة بينها وبين عملية ترتيب الأولويات، وهناك من لا يؤمن بذلك،
كخاصية التعليم مثلاً، إذ توصل ويتنيWhitney في دراسته إلى أن التعليم يؤدي دوراً مهماً في ترتيب
أولويات القضايا المطروحة من قِبل الوسائل الاتصالية، أما (بسيوني ابراهيم حمادة) فأنه
يشير إلى عكس ذلك تماماً(37).
4- توقيت إثارة القضايا: كلما كان إختيار الوقت مناسباً لإختيار قضية معينة
وطرحها على الجمهور، كلما كانت التأثيرات الاتصالية بشأنها أقوى.
5- الوسيلة المستخدمة: أثبتت العديد من الدراسات المتعلقة بهذا الشأن، أن هناك
علاقة طردية بين فعّالية ومميزات الوسيلة المستعملة من جهة، ومدى التأثير الذي تحدثه
في تحديد أولويات المتلقي، وفي هذه المجال أشار (ماكومبس) إلى أن الذي تقدمه الصحف
لقرائها، يعجز عن تقديمه التلفاز لمشاهديه بهذا الشأن(38).
6- المدى الزمني لصياغة الأولويات: أن تأثير المواد الاتصالية لا يحدث بشكل
إلزامي وفوري، بل هي تأثيرات تدريجية تستغرق أوقاتاً نسبية معينة وفقاً لطبيعة القضايا
المطروحة بين عمليتي العرض والتلقي لهذه المواد، والتي عُرفت بـ(التأثيرات النائمة
Sleep
Effects)، إذ ينسى فيها المتلقي مصدره الاتصالي لفترة معينة ومن
ثم يتذكره(39).
الإتجاهات البحثية لنظرية ترتيب الأولويات:
تتضمن عملية ترتيب الأولويات (وضع الأجندة) ثلاثة إتجاهات بحثية تتمثل في الآتي(40):
الإتجاه الأول: ترتيب أولويات الجمهورPublic Agenda - Setting وتتخذ من أولويات أهتمامات
الجمهور مُتغيراً تابعاً لها، وقد بدأ هذا الإتجاه البحثي على يد (McCombos & Show) عام 1972.
الإتجاه الثاني: ترتيب أولويات السياسة العامةPolicy Agenda - Setting وتتخذ من أولويات قضايا السياسة
العامة ودوائر صنع القرار، وأولويات أهتمام صانعي القرار متغيراً تابعاً لها، بينما
تمثل أولويات أهتمامات وسائل الإعلام المتغير المستقل.
الإتجاه الثالث: ترتيب أولويات وسائل الإعلامMedia Agenda - setting) وتتخذ من أولويات قضايا وسائل الإعلام متغيراً تابعاً
لها، وقد أنبثق هذا المجال البحثي مرتبطاً بالدراسات الإجتماعية.
ويتضح من هذه الإتجاهات الثلاثة مدى الثراء الذي تتميز به نظرية ترتيب الأولويات،
إذ أسهمت في إجراء الدراسات ذات الطبيعة البينية، كما أوجدت أرضية مشتركة بين علوم
الاتصال الجماهيري وعلم السياسة والإجتماع وعلم النفس الإجتماعي، وعلى الرغم من أن
هذه الإتجاهات الثلاث تجتمع حول سمة أساسية وهي البحث في نشوء وأنتقال القضايا من دائرة
معينة إلى دائرة أخرى (من الإعلام إلى الجماهير أو من الجماهير إلى الدوائر السياسية
أو من الأخيرة إلى وسائل الإعلام أو العكس)، إلا أنها تكاد تفتقر إلى الإطار العلمي
المتكامل الذي يجمع بينها، وهذا ما أشار اليه العديد من الباحثين بضرورة تكوين الإطار
الشامل الذي يسمح بإبراز التفاعل بين هذه المستويات الثلاث.
الدور التأثيري لنظرية ترتيب الأولويات :
ترى نظرية ترتيب الأولويات أن الإعلام فعّال في بناء صورة الواقع التي يُشكّلها
المتلقي، وهذه الصورة عبارة عن كناية تمثّل مجمل المعلومات حول العالم التي تعامل معها
ونظمها وخزّنها المتلقي ويمكن أن تُشكل توحيداً قياسياً تجري تجاهه مقارنة المعلومة
الجديدة من أجل إعطائها معناها، غير أن هذا التوحيد القياسي يخضع لشروط إطار المرجعية
والحاجات والقيم والمعتقدات والتوقعات التي تؤثر على ما يستخلصه المتلقي من حالة اتصالية؛
وبذلك وضمن هذا الإطار تصبح تركيبة أولويات الجمهور الإعلامي نتيجة حصيلة شديدة التعقيد
وليس نتيجة تشيّيد بسيط لجدول أعمال يقوم به الإعلام(41).
إن خطورة تأثير وسائل الاتصال الحديثة على الناس عن طريق العمل على ترتيب الأولويات
لهم، تكمن في إختصار الحصيلة المعرفية للجمهور على قضايا محددة قد تنحصر ضمن البرامج
الترفيهية أو الرياضية أو الموضوعات العاطفية والإستهلاكية، مثلما قد تقدم للمجتمع
نماذج مزيفة من العناصر الهامشية وغير المنتجة وتصويرها بمظهر القدوة المحتذاة؛ وهو
ما يعني أن الرأي العام سيتشكل على أساس مزيف وغير حقيقي بأعتبار أن القضايا التي تؤلف
محاور مناقشاته ليست هي القضايا التي تمس مصالحه وأحتياجاته بينما القضايا الجديرة
بأهتمامه ومواقفه قضايا ساخنة تشتعل تحت الرماد وقد تظهر في وقت غير ملائم بالنسبة
له مما يضاعف خسائره، وهي حالة قد تحدث ضمن إعلام العولمة الذي تدور قضاياه الرئيسة
حول قضايا الترفيه والتسلية والإستهلاك والجنس والرياضة وما يماثلها(42).
وتدعم نظرية ترتيب الأولويات نظريتا (الإبراز) و (التأطير)، وهي بمجموعها تؤكد
بشكل يصعب التشكيك فيه أن الإعلام يحدد الأولويات ويرسم الصور الذهنية ويؤطر وجهات
النظر، وأن الناس عبر الزمن تتشرب هذه الرؤى بشكل كبير، ويصبح كثير منهم أسيراً لها
في تفكيره وقراراته؛ وهي نظرية ترتيب أولويات الجمهور، فإذا كان الإبراز في نظرية الأطر
يتم على جوانب داخلية في الحدث، فإن البروز في نظرية ترتيب الأولويات يكون لقضايا كاملة،
يتم دفعها لدائرة أهتمام الجمهور من فترة لأخرى، فنجد فروض النظرية وكما ذكرنا سابقاً
تقول: إن أهتمامات الجمهور بقضايا معينة تتبع أهتمامات وسائل الاتصال بتلك القضايا،
وأن التغير في أهتمامات وسائل الاتصال يتبعه تغير في أهتمامات الجمهور، وكمثال على
ذلك: نجد أن الصحف مثلاً أو التلفاز تركز على عدد من القضايا، كالانتخابات، البطالة،
الحرب، المظاهرات، وربما نجدها غداً تركز عن طريق وسائل عديدة كإبراز القضية في موقع
مميز من الصفحة أو إعطائها مساحة أكبر من المناقشة على قضايا أخرى أو على القضايا نفسها
ولكن بترتيب آخر، وهنا نجد أن مناقشات الجمهور للقضايا يتغير في الغالب ليتبع نفس درجة
إهتمام وسائل الاتصال بتلك القضايا.
وإذا لم تكن وسائل الإعلام قادرة على قولبة كل رأي، فأنها قادرة على تشكيل الواقع
المحسوس الذي تُصنع من حوله أفكار الفرد، وهنا يكمن أهم تأثير لوسائل الإعلام وخصوصاً
الإخبارية منها، إذ أنها تصنع جدول الأعمال للأفراد، فتختار ما تريد توكيده وما تريد
تجاهله أو تقمعه، بل إنها تنظم لأفراد المجتمع العالم السياسي إلى حد بعيد(43).
وتؤدي عملية الإبراز التي تقوم بها وسائل الإعلام في ضوء التركيز على موضوعات
معينة دوراً مهماً في ترتيب أولويات الرأي العام، ففي أثناء حرب الخليج الثانية عام
1991 وعندما كانت أجهزة الإعلام تبرز أخبار الحرب، وأصبحت الأزمة مثار أهتمام الرأي
العام الأمريكي ولما كانت النتائج إيجابية للرئيس الأمريكي (جورج بوش الأب) بصفته القائد
الأعلى للجيوش الأمريكية، فقد أصبح محط الثناء لهذا النصر غير المتكافئ وجعلت شعبية
الرئيس (بوش الأب) في أعلى مستوياتها داخل الولايات المتحدة، ولكن بعد سنة واحدة عندما
ركزت وسائل الإعلام في الإداء الإقتصادي بدلاً من أخبار الحرب وأصبح الإقتصاد في سلم
الأولويات ظهر الرئيس (بوش الأب) بمظهر مختلف وأنخفضت شعبيته بشكل كبير لتصل إلى نسبة
(46%) وقد كان من الواضح أن السبب وراء أنخفاض شعبيته في عام 1991 هو التغييرات التي
طرأت على جدول أهتمامات الجمهور الناتجة عن تغيير جدول أعمال وسائل الإعلام(44).
وفي هذا الصدد، يقول (ميلفين دوفلور) إن أهمية الاتصال الجماهيري في المجتمع
لا تكمن في التأثيرات الفورية على قطاعات جمهور خاصة، ولكن في التأثيرات غير المباشرة
والبعيدة الأجل على الثقافة الإنسانية وعلى تنظيم الحياة الإجتماعية(45)؛ إذ أن هناك
العديد من الأشياء التي قد لا يملك الفرد إزاءها أي أفكار مسبقة، مما يجعله يصدق دون
حذر كل ما يقرأ ويسمع ويرى، وفي هذه الحالات، نجد أن وسائل الإعلام لا تعزز آراءً سبق
تبنيها حسب، بل أنها تزرع أفكاراً جديدة أيضاً؛ وبذلك يكون لوسائل الإعلام القدرة في
توجيه تصورات الفرد توجيهاً فعالاً عندما لا يملك أي معلومات مناقضة وعندما تكون الرسالة
متناسبة والأفكار السابقة عن الأحداث (التي قد تكون بدورها من صنع وسائل الإعلام)(46).
وتؤدي وسائل الإعلام دوراً مهماً جداً في تشكيل الحياة الإجتماعية وذلك عندما
تُمارس دورها في إختيار وعرض الأخبار والقضايا وترتيب الأولويات فيها، لذا فإن ترتيب
الأولويات كوظيفة تأثيرية لوسائل الإعلام تتمثل عملياً في كونها نصيراً أكبر في صنع
الثقافة السياسية للجمهور بحيث أنها تربط بين تصور إدراك الناس للواقع السياسي وبين
الشؤون السياسية اليومية، ويمكن أن تؤدي وسائل الإعلام عن طريق وظيفة ترتيب الأولويات
دوراً إجتماعياً بتحقيق الإجماع حول بعض الأهتمامات عند الجمهور التي يمكن أن تترجم
فيما بعد بأعتبارها رأياً عاماً(47).
وقد فهم علماء الإعلام مؤخراً أن النظريات التي أعتمدوها لم تعد صالحة وأن هناك
حاجة إلى مقاربات تدرس التأثيرات على الأفراد والجماعات عبر تعرض مستمر ومتراكم لمضامين
الإعلام وتبحث في التأثيرات الطويلة الأمد وغير المباشرة على الثقافة والمجتمع(48).
والجدير بالذكر أن بعض أصحاب القرار في المؤسسات المختلفة يستطيعون أن يؤدوا
دوراً في ترتيب الأولويات (وضع الأجندة)، إذ يمكنهم إشراك وسائل الإعلام في تبني بعض
قضايا الأجندة المؤسساتية وطرحها على الجمهور والتركيز عليها إلى أن تصبح من الأولويات
المنتظمة لأجندة وسائل الإعلام(49)، وتعد وظيفة تكوين الآراء والإتجاهات من الوظائف
العامة والرئيسية التي تؤديها وسائل الاتصال الجماهيري، وهي تمتاز بخصوصية تكمن في
الهدف من هذه الوظيفة والتي تُعنى بتشكيل الآراء والإتجاهات لدى الجمهور؛ أما وظيفة
ترتيب الأولويات فهي ليست وظيفة قائمة بذاتها، وإنما هي تكنيك خاص يستخدم لتكوين الآراء
وترتيب الموضوعات لدى الجمهور حسب أولوياتها، وتبعاً للتركيز الذي تلقاه من قبل وسائل
الإعلام(50)؛ وقد صاغ (دوفلور) في عام 1970 نظرية للقواعد الثقافية وقد ضمّن الصياغة
الأولى لها الفكرة الآتية: "أن الإعلام الجماهيري وبواسطة إصطفاء وإبراز موضوعات
معينة يخلق لدى الجمهور إنطباعاً بأن الضوابط الثقافية العامة المتعلقة بالموضوعات
التي تم إبرازها مبنية ومحددة بشكل معين وبما أن السلوك الفردي يُقاد بشكل عام من قبل
ضوابط ثقافية خاصة بموضوع أو قضية ما، فإن الإعلام الجماهيري يمارس إذن تأثيراً غير
مباشر على السلوك)(51) .
ترتيب الأولويات بين الجمهور ووسائل الاتصال الجماهيري :
تتدخل وسائل الاتصال الجماهيري تقريباً في كل مجالات حياتنا اليومية وواقعنا
إلى درجة إننا لا نشعر بوجودها ناهيك عن تأثيرها علينا وعلى حياتنا، فنحن محاطون بوسائل
الاتصال الجماهيري من كل جانب، وهي تقوم بتزويدنا بالمعلومة وتسلينا وتحرك مشاعرنا،
كما إن هذه الوسائل تساعدنا في معرفة أنفسنا كما أنها تشكل وتصنع واقعنا وحياتنا.
ومن الموضوعات التي شغلت الباحثين في مجال الرأي العام والاتصال الجماهيري لمدة
تزيد عن نصف قرن، تلك العلاقة الحميمة والجدلية بين الموضوعات التي تبرزها وسائل الإعلام
وبين تصاعد أهتمام الرأي العام تجاه تلك الموضوعات وهذا يعني أن وسائل الإعلام تؤدي
دوراً في لفت انتباه الرأي العام عن طريق تركيزها على موضوعات بذاتها في إطار دور وسائل
الإعلام التي تعمل على إبراز وعرض وقائع الحياة والقضايا والموضوعات التي تهم الرأي
العام(52)؛ إذ إن لوسائل الإعلام الجماهيري أثراً كبيراً في تشكيل وجهة نظر الرأي العام
ورؤيته للقضايا التي تواجه المجتمع، فعن طريق التركيز على قضايا معينة وتجاهل أخرى
تحدد وسائل الإعلام أولويات أفراد المجتمع في الأهتمام بالقضايا المتعلقة بقطاعات متعددة
ومتنوعة في المجتمع(53).
فعندما تُعلِق وسائل الإعلام على ما يقوله المرشحون السياسيون ويرددونه في حملاتهم
الإنتخابية، تقوم بذلك بتحديد القضايا المهمة التي وردت في أحاديثهم أثناء هذا النوع
من النشاط السياسي، ومن ثم فأن وسائل الإعلام تحدد أولويات هذه الحملات الإنتخابية،
إذ تُسهم هذه الوسائل إسهاماً كبيراً في ترتيب أهتمامات الجماهير وتحدد القضايا التي
تستحق أن تصور هموم الناس إما في موجز أهم الأنباء الذي يُقدِم القضايا في الصفحات
الأولى من الصحف أو في موجز أهم الأنباء الذي تقدمه محطات التلفاز أو في التغطيات الصحفية
والإذاعية والتلفازية المستمرة التي تركز على قضايا دون أخرى من أجل أضفاء مزيد من
الأهمية عليها(54).
ومع أن الدلائل والبراهين البحثية توضح بشكل مؤكد وجود نوع من التوافق بين طبيعة
الأولويات التي تخصصها وسائل الإعلام للقضايا والموضوعات وبين أولويات الجماهير والسياسيين
وهو ما يمثل جوهر نظرية ترتيب الأولويات، غير أن الأدلة العلمية المتوافرة لا توضح
بشكل قاطع إن كانت هذه العلاقة التي تربط بين هذه الأجندات هي علاقة سببية (أي وجود
إحداهما سبب لوجود الأخرى) أم أنها مجرد علاقة توافق(55)، كما أن معظم البحوث التي
اهتمت بالعلاقة السببية في ترتيب الأولويات لم تُثبت بشكل مؤكد من الذي يؤثر في من؟(56)،
أي هل جدول أهتمامات وسائل الإعلام (أجندة الإعلام) هي التي تؤثر على جدول أهتمامات
الجمهور كما تقول بذلك النظرية أم أن العكس صحيح؟، إذ من الناحية النظرية يكون رسم
السياسة الإعلامية وتنفيذها مرتبطاً بحاجات وسائل الإعلام ومن ثمَّ فإن الرسائل يجب
أن تكون ملبية لهذه الحاجات، وهذا يقود إلى أن جدول أعمال (أجندة) وسائل الإعلام يجب
أن تكون متفقة وجدول أهتمامات وأحتياجات الجمهور، وبهذا المعنى فإن الجمهور هو الذي
يرسم جدول أعمال وأهتمامات وسائل الإعلام وليس العكس كما تقول الفرضية التي تتبناها
نظرية الأولويات.
ويرى بعض الباحثين أنه من الأفضل تسمية ترتيب الأولويات بتدعيم الأولويات، نظراً
لكون الوسائل الاتصالية ليست مصادر مستقلة بل مرتبطة بجهات علنية تارة وخفية تارةٍ
أخرى أو بأفكار وإتجاهات معينة، والتي تكون مسؤولة في الغالب عن تحديد القسط الأوفر
من سياستها الاتصالية ومذهبها الاتصالي، أي أنها ليست لوحدها أثناء تعاملها مع الجمهور
وأولوياتها(57)، بمعنى أنها تتسلم تلك الأولويات من محيطها الخارجي المتجسد في عناصره
الفعّالة، كمادة خام، والتي حددها العديد من المتخصصين في علوم الاتصال والإجتماع والسياسة،
في الآتي(58):
1- ملكية وسائل الاتصال: تعد عملية التنافس على التأثير في المتلقي من قِبل
وسائل الاتصال الجماهيري ومحاولة الإستحواذ على عقلية الفرد وتفكيره وجذب إنتباهه للتأثير
فيه وكسب إستجابته عملية ليست بجديدة، وإنما ترجع لبدايات ظهور الطباعة، ولكنها إشتدت
وزادت أهميتها مع التطورات التقنية والتأثيرية الحاصلة في ميادين وسائل الاتصال المتنوعة
التي أدت إلى ظهور مشكلة الملكية لتلك الوسائل، والتي لم تكن أبداً مشكلة ملكية جهاز
أو وسيلة في حد ذاتها فحسب، وإنما كانت وستكون مشكلة ملكية تأثيره، ذلك لأن من يمتلكها
بغض النظر عن هويته هو الذي يرتب القسط الأوفر من الأولويات وهو الذي يقود الجمهور
والرأي العام عملياً.
2- الصفوة أو النخبة: المقصود بمفهوم النخبة أو الصفوة، إصطلاحاً، المجموعة
الأقوى مكانة وتأثيراً بين الناس في المجتمع، أي الذين يعتقدون أو يعتقدهم الآخرون
أنهم أفهم الناس وأعمقهم تفكيراً، فضلاً عن دورهم الأساس ومهمتهم المؤثرة في مجمل الحركات
المجتمعية، في جميع ميادين الحياة الإجتماعية بصورة عامة، وفي ميداني المعرفة والسياسة
خصوصاً، أي أنهم أيضاً يتم تصنيفهم من ضمن مرتبي الأولويات في المجتمع ولهم دور رئيسي
في ما ينبغي أن يجري على الساحة المجتمعية والقرارات التي تصدر بشأنه.
3- الجمهور نفسه: ويُقصد به المتلقون المستهدفون من قبل القائم بالاتصال والذين
يستنبط منهم القائم بالاتصال أولوياتهم الواقعية ومن ثم يعيدها إليهم بعدما ينظمها
ويرتبها وفق إمكانياتها المعرفية والتقنية.
وتأسيساً على هذا، فإن وسائل الاتصال الحديثة تؤثر في الرأي العام تأثيراً كبيراً
من جهة تشكيل وجهة نظره ورؤيته للقضايا التي تواجه المجتمع، إذ أن تركيزها على قضايا
معينة وتجاهل قضايا أخرى يوحي لأفراد المجتمع، إن لم نقل يحدد، أولويات هؤلاء الأفراد
في الأهتمام بالقضايا المرتبطة بالمجالات المتعددة والمختلفة في المجتمع(59).
وبهذا الفهم فإن الأمر الأكثر ضرورة، لأجل فهم تأثير الرأي العام في صياغة الرسالة
الإعلامية ومن ثمَّ الأداء الإعلامي، يتمثل في دراسة القائم بالاتصال، ذلك أن الرسائل
الإعلامية التي يقدمها تخضع، نوعاً ما، إلى توقعاته عن ردود فعل الجمهور، مما يعني
أن الجمهور يؤدي دوراً إيجابياً في العملية الاتصالية، إذ إن تصور القائم بالاتصال
عن الجمهور يؤثر في نوعية الأخبار والمعلومات التي يقدمها، فنوع الجمهور وتوجهاته،
الذي يعتقد القائم بالاتصال أنه يخاطبه له تأثير كبير على طريقة إختيار المحتوى وتنظيمه،
وبذلك يتوجب على وسائل الإعلام أن تُقدم ما يُرضي جمهورها(60)؛ خصوصاً أن الجمهور يعتنق
بعض الآراء حين يعلم أنها تتفق مع رأي الأغلبية، ونجاح الاتصال يتأثر بطبيعة الظروف
التي يتلقى فيها الفرد المعلومات، أي أن المعلومات التي تتفق مع الرأي السائد يزيد
إحتمال تأييد الآخرين لها(61)؛ مما يعني أن وسائل الإعلام تثير القضايا التي تعتقد
أنها مهمة للجماهير وتعرفهم بها، وقد تتعرض إلى النقد الحاد فيما لو حاولت ترتيب الأولويات
من وجهة نظرها وتجاهلت أهمية قضايا معينة هي ذات أهمية في نظر أفراد المجتمع، وهذا
كثيراً ما تشهده المجتمعات ذات الأنظمة الدكتاتورية(62).
وبسبب اعتماد أفراد الجمهور على وسائل الإعلام، أصبحت وسائل الإعلام الجماهيري
وخصوصاً التلفاز أهم الوسائل الإعلامية تأثيراً في تشكيل أفكار وآراء الجمهور، وتؤثر
من ثمَّ حتى في تحديد أولويات الجمهور وفيما يظنه مهماً أو غير مهم، وذلك بالتركيز
في موضوعات معينة أو التعتيم على موضوعات أخرى، مما يجعل الجمهور يتفاعل مع القضايا
المُثارة إعلامياً ويتناسى أو ينسى القضايا غير المُثارة إعلامياً؛ لكننا إذا أدركنا
أن أفراد الجمهور يضعون القضايا في تسلسل معين من الأهمية بناءاً على معطيات معرفية
سابقة كونت لديهم تصوراً معيناً عن القضايا المختلفة وهذه المعطيات غالباً ما يستمدونها
من وسائل الإعلام فضلاً عن المؤثرات الأخرى، بمعنى أن سلوك الرأي العام هو نتاج معرفة
سابقة وتصور سابق عن القضية موضوع السلوك والموقف ومجاله، مما يعني، أن ترتيب الأولويات
مسألة مشتركة بين الرأي العام ووسائل الاتصال؛ ورغم ذلك فإن قدرة وسائل الإعلام على
قراءة أجندة الجمهور والرأي العام، قبل أن تؤثر هي فيها وتعيد تشكيلها ما زالت ضعيفة
أو في الأقل لا تحظى بإهتمامٍ كافٍ، لأن وسائل الإعلام لا تبدأ الصراعات ولا تشكلها
وهي التي تتصدر عادة قائمة الأولويات، وقوة وسائل الإعلام في وضع جدول الأعمال أو ما
يسمى بالأولويات، تكمن في قدرتها على منح الذيوع والشهرة أو منعهما في مواقف الصراع(63).
الإنتقادات الموجهة للنظرية :
تعرضت هذه النظرية (ترتيب الأولويات) لإنتقادات عديدة، وقد تركزت في ما يأتي(64):
1- قلة مرجعياتها النظرية وضيق الفضاء الحركي لبحوثها، إذ ينبغي توسيعها لتشمل
مجمل جوانب المواضيع المطروحة، فضلاً عن كيفية ظهورها.
2- لابد من إحتوائها على مجمل الأساليب الموجودة في منهجيات البحوث الاتصالية
ومتغيراتها المختلفة والتي ينبغي تحديدها إذا ما أُريد الوصول إلى النتائج المقنعة.
3- إغفال بعض الأحداث السريعة التي قد تؤثر في صياغة أولويات الوسائل الاتصالية
والجمهور معاً.
4- التركيز على المواضيع المتخصصة والإبتعاد عن غيرها من المواضيع الموجهة لأغلبية
الناس عبر الوسائل الاتصالية المختلفة. وعلى الرغم من تلك الإنتقادات، إلا أن هذه النظرية
أدت دوراً مهماً في تطوير المستويات الإدراكية
لفعّالية وسائل الاتصال، فضلاً عن تعزيزها لمعرفة ماهية تأثيراتها الإجتماعية البعيدة
الأجل، والتي وضعتها في مصاف النظريات الممتلكة لمغزى قوي وأهمية بالغة للعلاقة الموجودة
بين وسائل الاتصال من جهة، والجماهير والنخب السياسية من جهة أُخرى(65).
مواضيع ذات صلة
نظرية ترتيب الأولويات
نظرية ترتيب الأولويات
مثال على نظرية ترتيب الأولويات
محمد عبد الحميد نظريات الإعلام واتجاهات التأثير
نظرية بناء الاجندة
agenda setting theory
نظرية الفجوة المعرفية
كيفية تحديد الاولويات
ترتيب الاولويات ستيفن كوفي
Post a Comment