الكمبيوتر
والإنترنت وكيفية الاستفادة منهما
من المسلم به أن المكتبة رغم أهميتها
البالغة، إلا أنها لم تعد هي المصدر الوحيد والأساسي للحصول على المعلومات
والبيانات. فقد أدى ظهور الحاسب الآلي بشكله الحالي إلى ثروة هائلة وقدرة كبيرة في
ترتيب وتنظيم المعلومات، ذلك أن وجود الحاسب الآلي يعد أحد ملامح وسمات القرن
الماضي، وخلال فترة زمنية قصيرة أثر هذا الجهاز بشكل واضح في العديد من الأنشطة
والفعاليات الإنسانية.
فمثلاً أسهم الحاسب في التحكم
بالطائرات والآليات الأخرى، واستخدم كأداة لفحص المرضى والتنبؤ بالأحوال الجوية،
وفي عرض وتمثيل وتحليل البيانات والمعلومات بمختلف أشكالها. ولذلك أصبحت المكتبات
الحديثة تعتمد بصفة أساسية على الكمبيوتر، في حفظ وتخزين المعلومات والبيانات التي
يمكن أن يرجع إليها بسهولة. فالكمبيوتر يمثل بنكاً للمعلومات التي يمكن الرجوع
إليها بسهولة ويسر عن طرق مفاتيح معينة لا تخرج عن كونها كلمات أو أرقام أو
مصطلحات محددة.
ولقد مهد جهاز الكمبيوتر الطريق نحو
تطور أكبر، وقد تمثل هذا التطور في الانترنت الذي أصبحت معه وسائل الاتصال أكثر
يسراً وسهولة. فعن طريقه يستطيع الباحث أن يزور أي مكتبة في العالم ويطلع على ما
فيها من مصادر ومراجع وهو جالس في مكتبه أو منزله.
وسوف نقوم بدراسة هذا المطلب من خلال تناول
أمرين أساسيين كمايلي:
أولاً ـ الحاسب الآلي ( الكمبيوتر ):
مثل اختراع الحاسب
الآلي ثورة حقيقية في المعلومات والبيانات سواء في طريقة تخزينها أم في استرجاعها
للانتفاع بها. وأصبح هذا الجهاز الصغير يستطيع تخزين معلومات وبيانات لا حصر لها،
وقد أفاد العلوم جميعاً سواءً كانت نظرية أم تطبيقية.
وتتعدد استخدامات الكمبيوتر في خدمة البحث
العلمي:
فمن
ناحية أولى: أصبحت المكتبات تستخدم الفهرسة بالكمبيوتر،
وفي هذه الحالة يسهل الرجوع إلى المراجع والكتب التي تحتويها المكتبة. ولا شك أن
الفهرسة عن طريق الكمبيوتر تسهل مهمة الباحث وتوفر الوقت والجهد فضلاً عن سهولة
حفظها.
ومن ناحية ثانية:
فإن الكمبيوتر يستطيع تخزين مجموعة هائلة من المعلومات والبيانات، بحيث أنه يحتوي
مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع عن طريق التخزين. ولذلك أطلق عليه بنك للمعلومات.
ولقد
سهلت أجهزة الكمبيوتر عملية البحث العلمي ووفرت الوقت والجهد على الباحثين في جمع
المادة العلمية، سواء تعلقت بأمهات الكتب والمراجع، أم بالأحكام القضائية في كل
التخصصات، أم بحصر القوانين والتشريعات التي صدرت في الدولة وفي كل المجالات.
وقد حرصت المكتبات العامة على إدخال الكمبيوتر
فيها، ومنها مكتبة الأسد بدمشق، ومكتبة كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ومكتبة مجلس
الشعب المصري، وتتضمن هذه المكتبات بنوك معلومات وفهارس على الكمبيوتر لمحتويات
المكتبة([1]).
وتتميز شبكة المعلومات على الكمبيوتر بوجود
قاعدة بيانات مفصلة بحيث يستطيع الباحث أن يصل إلى طلبه بسرعة وفي وقت قياسي. وعن
طريق قاعدة البيانات هذه يستطيع الباحث أن يحدد طلبه، كأن يطلب الأحكام التي صدرت
عن المحكمة الدستورية العليا بخصوص الرقابة على دستورية القوانين، أو في الطعون
الانتخابية وغيرها.
وتتميز الفهرسة عن طريق الحاسب الآلي بسهولة
الرجوع إليها، فضلاً عن احتوائها لكافة بيانات الكتاب بصورة لا يمكن أن توفرها
الفهرسة التقليدية، على أن ذلك لا يعني أن الفهرسة عن طريق الحاسب تغني عن الفهرسة
التقليدية، بل يجب الجمع بينهما في المكتبة الواحدة.
وتتكون الفهرسة عن طريق الكمبيوتر من مجموعة
بيانات تشمل رقم للكتاب أو مجموعة أرقام إن كان يوجد له نسخ متعددة، ثم رقم
التصنيف، وتاريخ دخول الكتاب إلى المكتبة، واسم المكتبة، والرقم الدولي، وعنوان
الكتاب الرئيسي وعناوينه الفرعية، واسم مؤلفه. ثم رؤوس الموضوعات التي يحتويها وكل
البيانات الخاصة بنشر الكتاب وطبعه وكيفية التعامل معه داخل المكتبة، وهل يسمح
بإعارته أم لا؟ وهل يسمح بتصويره أم لا؟
ومن
ناحية ثالثة: فإن الكمبيوتر قد مثل تطوراً مهماً في
كتابة الرسائل والأطروحات الجامعية، سواء من حيث توفير الوقت والجهد، أم من حيث
الجودة وتنسيق الكتابة وشكلها. فقد مكن الكمبيوتر من الكتابة باختيار نوع الخط الذي
نرغب به مع توفير التشكيل اللازم ضبطاً للمعنى، فضلاً عن تمكين الباحث من إجراء
التعديلات الضرورية بيسر وسهولة، وكذلك حفظ البحث ضمن جهاز الكمبيوتر من أجل سهولة
الإطلاع عليه في أي لحظة([2]).
ثانياً ـ الانترنت:
الانترنت
أو شبكة المعلومات الدولية هي شبكة للاتصالات الدولية عبر الكمبيوتر، يتداول فيها
معلومات وبيانات لا حصر لها. وقد أدت هذه الشبكة إلى توفير وقت وجهد الباحثين، حيث
يستطيع الباحث أن يذهب إلى أقصى مكان في العالم وهو جالس في بيته، يتلقى المعلومات
ويشارك في صنعها ويتداولها مع الآخرين في شتى بقاع المعمورة في دقائق معدودة.
وعلى ذلك فإن شبكة الانترنت أصبحت وسيلة
من أفضل الوسائل الحديثة للتعلم الذاتي حيث يمكن عن طريقه الإطلاع على أحدث ما وصل
إليه العلم في مختلف المجالات، كما يمكن أن تستخدم في التعليم وبصفة خاصة التعليم
عن بعد، ويستخدم كذلك في البحث العلمي([3]).
وقد نشأت هذه الشبكة أساساً في الولايات المتحدة
الأمريكية في الستينات من القرن الماضي، لخدمة عمليات القوات المسلحة الأمريكية
أثناء الحرب الباردة. ولما انهار الإتحاد السوفييتي وزال خطره عن الولايات المتحدة
وحلفائها في أوروبا، انفتحت هذه الشبكة على الأغراض المدنية واتسع مجالها بصورة
كبيرة، وأصبح يشارك فيها الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات الخاصة، وتم ربطها بعدد
هائل من أجهزة الحاسب الآلي في جميع أنحاء العالم. وعن طريقها يستطيع الإنسان أن
يتبادل المعلومات والبيانات بلغات متعددة وفي أي وقت([4]).
وتجدر
الإشارة إلى أن الدخول إلى الانترنت والاستفادة من خدماته في جمهورية مصر العربية،
كان يتطلب اشتراكاً شهرياً أو سنوياً حسب الأحوال، لدى إحدى الشركات المتخصصة في
بيع هذه الخدمات. إلا أنه منذ مطلع عام 2002 أصبح الدخول إلى الانترنت مجانياً
ومتاحاً، لكل فرد عبر جهاز الكمبيوتر وخط التلفون العادي([5]).
وتتعدد
المواقع التي تزخر بكنوز من المعلومات السياسية والاقتصادية والقانونية اللازمة
للباحث لإعداد وإتمام بحثه. وتتميز هذه المعلومات والبيانات بالدقة والحداثة، مما
يشكل إسهاماً مهماً في ثراء البحوث التي تكتب بالاستناد إليها.
ويتم تجديد المعلومات الواردة في المواقع
الالكترونية دورياً، حتى تتماشى مع آخر ما توصل إليه العلم الحديث من نتائج
ونظريات، وحتى تتحقق الفائدة العلمية المرجوة منها.
(2) ينصح كل باحث أن يتعلم كيفية
التعامل مع جهاز الكمبيوتر، لأنه سيحتاج هذا الجهاز طيلة مشواره البحثي منذ اختيار
الموضوع وحتى إخراج البحث في صورته النهائية. ويستطيع الباحث المبتدئ أن يتبع
دورات تدريبية للتعامل مع الحاسب الآلي وبرامجه المختلفة، لأن هذا الأمر سيسهل له
مهمته البحثية ويساعده على إنجازها في الوقت المحدد ويوفر عليه الوقت والجهد ومن
الأفضل أن يقوم الباحث بكتابة بحثه بنفسه ويحفظه على جهازه الشخصي، كي يستطيع
الرجوع إليه كلما أراد وأن يجري ما يراه ضرورياً من تعديلات سواءً بالإضافة أو
الحذف. ويجب أن يحفظ البحث على قرص الكتروني ـ كإجراء احتياطي ـ خوفاً من حدوث أي
خلل في جهاز الكمبيوتر يتسبب في ضياع نسخة البحث المحفوظة على الحاسب.
ولمزيد
من التفاصيل حول شبكة الانترنت انظر: جمال أبو طالب، تعلم الانترنت، مؤسسة
الأهرام، القاهرة، 2001، ص 115 وما بعدها.
(3) تجدر الإشارة هنا إلى بادرة
طيبة قامت بها جامعة دمشق، حيث قامت بمنح أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة، خطوط
انترنت مجانية، عن طريق الجمعية السورية للمعلوماتية، حيث يستطيع عضو الهيئة
التدريسية الدخول إلى الشبكة الدولية عن طريق جهاز الكمبيوتر وخط التلفون العادي
ودون اشتراك شهري أو سنوي، وذلك حرصاً من إدارة الجامعة على تشجيع البحث العلمي
وضرورة مواكبة كل التطورات والمستجدات على الساحة العلمية. وهنا نأمل من الحكومة
السورية جعل خدمة الانترنت مجانية لكافة المواطنين، لا سيما أنها أصبحت مهمة وضرورية في عصرنا الراهن ولا يمكن
الاستغناء عنها.
Post a Comment