1- اقتصاد البيئة الجزئي (على مستوى المنشأة):
يمثل اقتصاد البيئة الجزئي جزءاً من اقتصاد المنشأة الذي يهتم ويحلل علاقة المنشأة بالبيئة الطبيعية والتطور النوعي للبيئة المحيطة وأثر السياسات البيئية على المنشأة. ولاقتصاد البيئة على مستوى المنشأة المهام التالية:
1. دراسة وتحليل إجراءات حماية البيئة على المنشأة وأهدافها وعلى تعظيم الربح فيها.
2. تقديم المشورات والنصائح للمنشأة المناسبة والمنسجمة مع متطلبات حماية البيئة .
3. المساهمة في توجيه الإنتاج بما تقتضيه التوجهات والتعليمات واللوائح البيئية.
4. ددراسة الاستثمارات البيئية التي تحد من الأخطار البيئية.
5. إعطاء المعلومات حول تكاليف حماية البيئة ونفقات الاستثمار وتأثير حماية البيئة على حسابات الأرباح والخسائر وتحليل الجدوى البيئية للمشاريع.
6. إعطاء النصائح وتحليل المشاكل ودراسة آفاق المستقبل لبعض فروع الاقتصاد الوطني في ضوء التطورات البيئية كمنشآت الخدمات والنقل وصناعة حماية البيئة والتجارة والتأمين.
7. إن اقتصاد البيئة الجزئي على مستوى المنشأة لا يحظى بأهمية كبيرة بالمقارنة مع اقتصاد البيئة الكلي.
2- اقتصاد البيئة الكلي:
يتناول اقتصاد البيئة الكلي مشاكل البيئة على مستوى الاقتصاد ككل.. من أهدافه الوصول إلى مستويات أعلى من الرفاه الاجتماعي المستديم الذي يأخذ بالاعتبار المحافظة على نوعية البيئة عند مستويات عليا. ويعالج اقتصاد البيئة الكلي الموضوعات التالية:
1. التقويم المادي والنقدي للأضرار البيئية وكذلك تقويم التحسين البيئي الناجم عن السياسة البيئية في النشاطات الحكومية والخاصة.
2. تحديد ودراسة الصلات القائمة بين البيئة والأهداف الاقتصادية الكلية وكذلك الصلات القائمة بين السياسات الاقتصادية والسياسات البيئية.
ولاقتصاد البيئة الكلي مجموعة من الوظائف يجب أن يقوم بها:
1. اقتصاد البيئة كجزء من العلوم الاقتصادية الكلية، أي ليس فقط تخصيص التكاليف على مستوى المنشأة وإنما التكلفة على مستوى المجتمع وعلى مستوى الاقتصاد ككل.
2. تقديم المعلومات والاستشارات التي يمكن على أساسها اتخاذ القرارات وذلك من خلال:
· تقويم الأضرار البيئية وإجراءات حماية البيئة ونتائج تلك الإجراءات.
· تقويم تطور أدوات السياسة البيئية سواء المحلية منها أو العالمية وتحديد إلى أي مدى تم حل المشاكل
· الموجودة.
· تقويم تأثير حماية البيئة على الأهداف الاقتصادية الكلية وتحديداً على العمالة والنمو الاقتصادي.
· تقويم العلاقات بين السياسات البيئية والاقتصادية ذات الصلة فالسياسة البيئية تؤثر في السياسات الأخرى؛ كالسياسات الإقليمية وسياسة النقل والمواصلات وسياسة الطاقة والموارد.
·
3- أسباب المشكلة البيئية: هناك جملة من الأسباب جعلت مشكلة البيئة تتفاقم بشكل متسارع، من هذه الأسباب:
أولاً: أسباب تتعلق بالنمو والتطور عموماً:
1. الزيادات السكانية الكبيرة على الكرة الأرضية وتجمع البشر في تجمعات سكانية كبيرة تصل في العديد من مدن العالم إلى أكثر من عشرة ملايين نسمة.
2. النمو الاقتصادي الذي يترافق مع استنزاف الموارد الطبيعية ، وإثقال البيئة.
3. التحولات التقنية الاقتصادية الضارة بالبيئة.
ثانياً: أسباب اقتصادية اجتماعية: تتمثل الأسباب الاقتصادية الاجتماعية في النقاط التالية:
1- النظر إلى البيئة كملكية عامة مشاعة للجميع؛ إن أهم أسباب التدمير البيئي هو كون البيئة الطبيعية ملكية عامة مشاعة مفتوحة أمام الجميع، أي عدم وجود مالك محدود لموجودات البيئة. ونظراً لأن البيئة تعتبر ملك مشاع فإن قيمة موجوداتها تحسب عند مستوى التعرفة صفر. والقسم الأعظم من السلع البيئية التي تعتبر سلعاً عامة تتمتع - بخلاف الأملاك الخاصة - بسمتين أساسيتين:
الأولى: هي أن القسم الأعظم من هذه السلع يصعب تجزئته ولا يمكن أن يباع.
الثانية: إن أي فرد يستطيع وبحرية أن يستخدم هذه السلع، وباعتبار أن أي شخص يستطيع أن يستهلك السلع البيئية بشكل مجاني فإنه سوف يستهلك من هذه السلع بقدر ما يستطيع ما دام غير ملزم بدفع أي تكلفة، وبالتالي لا يوجد سوق لمثل هذه السلع. ومن هنا تنشأ مشكلة الراكب المجاني.
2- وجود ما يسمى بالتكاليف البيئية الخارجية؛ وتعني التكاليف الخارجية تلك التكاليف التي يتحملها المجتمع دون أن تظهر أو يشار إليها في حسابات المنشأة أو في الحسابات الاقتصادية الوطنية. تعتبر التكاليف الخارجية الناجمة عن الآثار الجانبية (الخارجية) للنشاط الاقتصادي من أهم مظاهر التدمير البيئي، والآثار الخارجية هي تلك الآثار المتبادلة بين الفعاليات الاقتصادية والتي لا تقوّم في السوق. وتتمثل تلك الآثار في التأثيرات الكيميائية والفيزيائية والتأثيرات الأخرى التي لا تقيم تقييماً نقدياً. وكأمثلة على الآثار الخارجية نذكر:
- موت النباتات أو الحد من نموها.
- أضرار صحية ناجمة عن تلوث الهواء أو غيره.
- أضرار في الموجودات المادية.
- انخفاض قيمة وإيجار المساكن بسبب التلوث والضوضاء.
- الإضرار بنوعية المياه.
- الإضرار بالثروة السمكية وتناقص حصيلة الصيد السمكي.
ولا يزال حصر هذه التأثيرات الجانبية صعباً كما أن إمكانية التقويم النقدي لهذه الآثار، أي حساب التكاليف الخارجية، والفرق بين التكاليف الإجمالية (التكاليف الخاصة + التكاليف الاجتماعية) وبين التكاليف الخاصة. وهذه التكاليف الخارجية ما هي في الحقيقة إلا تكاليف اجتماعية إضافية، إن وجود التكاليف الخارجية (التكاليف الاجتماعية الإضافية) يؤدي إلى الأضرار الاقتصادية والبيئية التالية:
· إن الاستخدام الإنتاجي للبيئة سوف يصبح أكثر تكلفة وأعلى ثمناً نظراً لأن ذلك يتطلب تنقية المياه الملوثة وتصفية الهواء المحمّل بالأكاسيد وتحسين التربة المجهدة والوقاية من الضوضاء.
· غالباً ما تكون السلع التي تؤدي إلى تخريب في البيئة عند إنتاجها أو استهلاكها ذات أسعار متدنية مقارنة بالسلع الأخرى الأكثر ملاءمة للبيئة والتي تتطلب تكاليف إضافية لتصبح غير ضارة بيئياً. وهذا يؤدي إلى زيادة إنتاج واستهلاك السلع الضارة بيئياً في ظل نظام الأسعار السائد.
· إن التأثيرات الجانبية والتكاليف الاجتماعية الإضافية تؤدي إلى آثار بيئية سلبية تتطلب القيام بالصيانة والإصلاح والإنفاق لمعالجة الأضرار البيئية المختلفة.
مما سبق يتضح أن سبب نشوء التكاليف الخارجية يكمن في أن الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة تستطيع أن تحسن وضعها وتزيد من أرباحها على حساب إجهاد البيئة، حيث تأخذ التأثيرات الخارجية شكل التكلفة الاجتماعية الإضافية (التكلفة الخارجية) التي لا تظهر في الحسابات الاقتصادية.
3- أسباب تتعلق بالسلوك البشري: في البلدان النامية: نظراً لأن هذه البلدان تعطي الأولوية لإشباع الحاجات الأساسية للسكان، فإن تخريب البيئة لا يعطى إلا قليلاً من الاهتمام؛ إذ يكون الاهتمام منصبّاً على تأمين متطلبات الحياة الأساسية من الغذاء والسكن والكساء ولو كان ذلك على حساب البيئة. في البلدان الصناعية المتقدمة ذات مستوى المعيشة المادي المرتفع وصل السكان إلى مستوى من التربية والتكوين بحيث أنهم غير مستعدين للتخلي عن مستوى المعيشة المادي المتنامي الذي وصلوا إليه مقابل تحسين نوعية البيئة، والفرد الواحد في البلدان الصناعية المتقدمة، حسب التقديرات، هو أخطر على البيئة وعلى الموارد البيئية الطبيعية بمقدار أربعة أمثال نظيره في البلدان النامية، نظراً لما يستهلكه الفرد في البلدان المتقدمة وما يحتاجه من متطلبات تفوق كثيراً ما يحتاجه الفرد في البلدان النامية.
4- أزمة البيئة والنظم الاقتصادية: قد تختلف أسباب المشكلة البيئية بين بلدان اقتصاد السوق وبلدان اقتصاديات التخطيط المركزي، ولكن النتيجة واحدة وهي إضرار وتدمير بيئي في كلا المجموعتين.
- في نظم اقتصاديات السوق: إن أسباب المشكلة البيئية في بلدان اقتصاد السوق هي سعي المنشآت الخاصة للاستغلال الأوسع للموارد ولتعظيم الربح إلى أقصى حد ممكن، فأصحاب الأعمال يسعون لتخفيض التكلفة وتعظيم الربح وذلك باستغلال البيئة إلى أقصى حد ممكن. ومن هنا تنشأ التكاليف الخارجية التي يتحملها المجتمع ككل والتي تأخذ شكل تخريب بيئي.
- وفي نظم الاقتصاديات المخططة مركزياً: يفترض نظرياً أن تكون مشكلة البيئة في بلدان الاقتصاديات المخططة مركزياً أقل حدة نظراً لأن الدولة تسيطر على الإنتاج وتؤثر بشكل كبير في الاستهلاك وبالتالي يمكن أن تؤخذ البيئة بالاعتبار من خلال حسابات التكلفة والتسعير وإجراءات الحماية، وذلك باعتبار أن لا يعتبر هدفاً بحد ذاته في هذه البلدان، ولكن الواقع هو أن هذه البلدان تسعى جاهدة لجعل معدل نمو الناتج الاجتماعي الإجمالي أعلى ما يمكن وباعتبار أن معدل النمو في الناتج هو مقياس لنجاح الخطة، فإنها تسعى لتحسين المستوى المادي لمعيشة مواطنيها ولو كان ذلك على حساب البيئة أحياناً.. والمنشآت في هذه البلدان لا يكون هدفها الأساسي هو تحقيق الربح وإنما هدفها هو تنفيذ أرقام الخطة وبالتالي تنصب اهتمامات الإدارة على تحقيق هذا الهدف.
إرسال تعليق