المشكلة الاقتصادية تحتوي على شقين الحاجات و الموارد فيما يلي.
اً- الحاجات الإنسانية
إن الحاجات الإنسانية Human Needs تتمثل في شعور بالحرمان مصحوب برغبة Desire معينة لدى الفرد في الحصول على وسائل الإشباع المختلفة لإزالة هذا الحرمان، وعندما تتضح هذه الحاجة تصبح رغبة. وعليه فإنه للتفرقة بين الحاجة والرغبة، يمكن القول بأن الإنسان يحتاج من وجهة النظر البيولوجية إلى نوع معين من التغذية لتمد جسمه بوحدات من السعرات الحرارية، كما يحتاج من وجهة النظر الصحية إلى سكن صحي مريح، ومن وجهة النظر الأدبية يحتاج إلى قدر من التعليم والتثقيف. وكل هذه الحاجات وغيرها لا تتحدد بمعايير موضوعية، وقد لا تتمشى في طبيعتها مع الرغبات التي يشعر بها الإنسان. لذلك فإن كلمة رغبة تستخدم للتعبير عن الشعور بالنقص في إشباع معين لدى الإنسان يفضي به إلى نوع من السلوك الموجه لتحقيق هذا الإشباع.
والحاجات الإنسانية إما فطرية يولد بها الإنسان ويحتاجها تلقائياً، كالحاجة إلى الغذاء والمأوى والملبس. وإما مكتسبة تتطور وتختلف مع نمو الإنسان وتغير ظروفه، كالحاجة إلى مختلف السلع الكمالية والخدمات. ويقوم الفرد باستهلاك تلك السلع والخدمات التي تشبع لديه رغبة أو حاجة معينة والتي تحقق له منفعة اقتصادية. ويقصد بالمنفعة Utility من الناحية الاقتصادية "تلك القوة الكامنة في السلعة والخدمة والتي تشبع رغبة إنسانية معينة" .
ب-الموارد
يتضح لنا أن هناك حاجة إنسانية تتحول إلى رغبة تتطلب الإشباع، وهناك وسائل كفيلة بإشباع الرغبات. هذه الوسائل هي الموارد الاقتصادية Economic Resources والمتمثلة في الموارد الطبيعية والبشرية والرأسمالية التي تستخدم في إنتاج السلع Goods والخدماتServices. وتتميز الموارد بأنها نادرة بالنسبة لكثرة الحاجات، ومعيار الندرة هو وجود ثمن لتلك الموارد، وعليه تسمى موارد اقتصادية تمييزاً لها عن الموارد الحرةFree Resources  التي لا ثمن لها والتي توجد في الطبيعة بكميات كبيرة، ولا يبذل الإنسان جهد للحصول عليها، كالشمس والهواء ومياه البحر. ويفضل الاقتصاديون تقسيم الموارد حسب دورها في العملية الإنتاجية، ويطلق عليها عناصر الإنتاج وهي: الأرض أو الطبيعة، العمل، رأس المال، والتنظيم.
إن الموارد الاقتصادية في المجتمع من موارد طبيعية وبشرية ورأسمالية هي مصدر عناصر الإنتاج أو عوامل الإنتاج التي تستخدم في إنتاج السلع والخدمات اللازمة لإشباع الحاجات الإنسانية، وهذا الإنتاج من السلع والخدمات يندرج تحت قسمين:-
1-    الإنتاج المادي أو الملموس الذي نطلق عليه عموماً "السلع"، كالمواد الغذائية والملابس والأدوات.. إلخ.
2-     الإنتاج غير المادي أو غير الملموس ، ويعرف بـ"الخدمات"، كالتعليم والصحة وخلافه.
وكلا من الإنتاج المادي وغير المادي يسهم في إشباع الحاجات الإنسانية، هذا مع الإشارة إلى أن كل شيء له القدرة على الإشباع يمكن أن يطلق عليه في العرف الاقتصادي "سلعة" بغض النظر عن نوعها. ويمكن تقسيم السلع التي تشبع الحاجات الإنسانية إلى عدة تقسيمات، كتقسيمها إلى سلع ضرورية وأخرى كمالية، أو سلع عادية وسلع دنيا، سلع استهلاكية وسلع إنتاجية، سلع بديلة وسلع مكملة وما إلى ذلك.
وبالعودة إلى المشكلة الاقتصادية، نقول بأنه إذا كانت الحاجات الإنسانية متعددة وغير محدودة في حين أن الموارد المتاحة لإشباع هذه الحاجات محدودة مقارنة بالحاجة إليها، فإن المشكلة الاقتصادية تكون مشكلة "ندرة"Scarcity و مشكلة "اختيار" Choice.

المشكلة الاقتصادية مشكلة ندرة و مشكلة اختيار:-

يقصد بالندرة هنا الندرة النسبيةProportional  وليست الندرة المطلقةAbsolute فالموارد متوفرة و ليست نادرة الوجود، ولكن نظراً لزيادة الحاجات فإن هذه الموارد تصبح نادرة بالنسبة للحاجة إليها،
كما وأن تزايد الحاجات و تعددها مع محدودية الموارد يضع حدوداً أمام ما يمكن للفرد الحصول عليه من سلع و خدمات مما يجعل عملية الاختيار أمراً لا مفر منه. و ربما يلاحظ الفرد أنه يتعرض لمشكلة الاختيار أكثر من مرة، بل و باستمرار و في مختلف نواحي حياته اليومية. هل يختار دخول الجامعة أم يعمل بشهادته الثانوية ؟ وإن أراد العمل، فهل يختار القطاع الخاص أم القطاع العام؟ وإذا التحق بالجامعة، فأي كلية يختار منها؟ هل هي كلية الاقتصاد و الإدارة أم العلوم أم غيرها؟. وعندما يستيقظ ماذا يرتدي؟ و ماذا يأكل؟ و كيف يذهب إلى الجامعة ؟ و متى؟ ... اختيارات وبدائل كثيرة.  فإذا واجهت الفرد مشكلة الاختيار، وتمكن من اختيار أحد البدائل المتاحة، فقد اتخذ قراراً اقتصادياً.    
وعلى ذلك نقول بأن حل المشكلة الاقتصادية يستوجب على المجتمع أن يقوم بعملية اختيار، ويقرر أمرين:-
الأمر الأول: اختيار الحاجات التي سيتم إشباعها باستخدام الموارد المتاحة.
الأمر الثاني: الاختيار بين الاستخدامات العديدة للموارد والاستغلال الأمثل لها، وتحقيق الكفاءة من استخدامها بحيث تستخدم في إنتاج أكبر قدر ممكن من السلع والخدمات وبأقل تكلفة ممكنة لإشباع أكبر قدر من الحاجات.
ويتبين من ذلك أن التساؤلات الأساسية التي تواجه أي مجتمع كان، و تتطلب الإجابة تتمثل في ثلاثة أسئلة هي:-
1-ماذا ننتج ؟ ويقصد بهذا السؤال التعرف على رغبات أفراد المجتمع من السلع والخدمات المراد إنتاجها وتحديدها نوعياً وكمياً. أي تحديد ما هي السلع التي يتعين على المجتمع إنتاجها؟ ..هل هي الملابس؟ أم المواد الغذائية؟ أم الآلات ؟ وما هي كميات كل منها. ومما لا شك فيه أن المجتمع لن يتمكن من تلبية جميع رغبات أفراده، وإلا لانتفت المشكلة الاقتصادية، بل عليه القيام بعملية موازنة واختيار لأفضل البدائل والمفاضلة بينها وإنتاجها في حدود الإمكانيات المتاحة.
2-كيف ننتج ؟ هنا لابد للمجتمع أن يحدد الكيفية التي ينتج بها تلك السلع، أي يحاول ترجمة رغبات الأفراد وتفضيلاتهم إلى سلع وخدمات منتجة تشبع تلك الرغبات. وهذه العملية إنما تتطلب حصر كل الموارد المتاحة للإنتاج وتخصيصها على الاستخدامات المختلفة بحيث نحقق من خلال ذلك أقصى استغلال ممكن، وتحديد الأسلوب الفني والتقني الأمثل لإنتاج السلع والخدمات المطلوبة.
3-لمن ننتج ؟ هذا السؤال يتطلب التوصل إلى الكيفية التي يتم بها توزيع الإنتاج على أفراد المجتمع وتحديد المنتفعين منه. وعدالة توزيع الناتج لا تعني أن يتساوى نصيب كل فرد من السلع والخدمات المنتجة، إنما أن يتناسب هذا النصيب مع مدى مساهمة الفرد في عملية الإنتاج نفسها.


Post a Comment

أحدث أقدم