ــ معنى "التفسير"
و"التأويل":
ــ "التفسير" لغةً:
الإيضاح والتّبيِين، مِن: "الفَسْر" وهو: الإبانة، وكشف المُغطّى.
وقيل: هو مقلوب: "السّفْر"؛
يقال: أسفر الصبح، إذا أضاء إضاءة لا شُبهة فيه، وسفَرت المرأة عن وجهها، إذا كشفت
نقابها؛ ولهذا سُمِّي السَّفَر "سفرًا" لأنه يُسفر عن أخلاق الرِّجال.
وقيل: مأخوذ مِن: "التّفسرة"
وهو: اسم لما يعرف به الطبيب المَرض، وبُني على التفعيل للمبالغة؛ ذكرهما الكافييجي.
وقال أبو حيّان: يُطلق
"التفسير" أيضًا على: التّعرية للانطلاق. قال ثعلب: "تقول فَسرت الفرس:
عرّيته لينطلق في حصره، وهو راجع لمعنى الكشف؛
فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه
مِن الجرْي".
ــ والتفسير اصطلاحًا:
"علْم يُفهم به كتابُ الله المنزل على نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبيان
معانيه، واستخراج أحكامه وحِكمه"؛ وهو تعريف الزّركشي له.
وقال الكافييجي: "هو:
كشف معاني القرآن، وبيان المراد".
وقيل: هو علْم نزول الآية،
وسُورَتها، وأقاصيصها، والإشارات النّازلة فيها، ثم ترتيب مَكِّيِّها ومدنيِّها، ومُحكَمها
ومتشابِهها، وناسخها ومنسوخها، وخاصّها وعامّها، ومطلقها ومقيّدها، ومُجملها ومفسّرها.
وزاد بعضهم: حلالها وحرامها، ووعْدها ووعيدها، وأمْرها ونهْيها، وعِبرها وأمثالها.
وعرّفه بعض المتأخِّرين بأنه:
علْم يبحث عن أحوال القرآن المجيـد، مِن حيث دلالته على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة
البشرية.
والتعريف الأوّل شامل لِما
بعْده، وسوق أنواع علوم القرآن في تعريف التّفسير إطالة في محلّ الإيجاز. والتعريف
يشمل في مضمونه: علْم القراءات والرَّسْم، لارتباط بيان المعنى بهما؛ وقد نصّ على ذلك
أبو حيان، حيث عرّف التفسير بقوله: "علْم يُبحث فيه عن كيفية النّطق بألفاظ القرآن،
ومدلولاتها، وأحكامها الإفراديّة والتركيبيّة، ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب،
وتتمّات لذلك".
هذا؛ ويكثر في كلام المفسِّرين
التّعبير بلفظ: "التأويل"، قاصدين به "التفسير" أو ما يقاربه.
ــ والتأويل في اللغة مأخوذ
مِن: "الأَوْل"، وهو: الرجوع، يقال: أوّل الكلام وتأوّله: دبّره وقدّره،
وأوّله وتأوّله: فسّره.
وقيل: مأخوذ مِن "الإيالة"،
وهي: السياسة؛ فكأن المؤوِّل يسوس الكلام، ويضعُه في موضعه.
ــ والتّأويل اصطلاحًا عند
السلف: مرادف للتفسير في الأغلب؛ وبه قال أبو عبيدة، وغيره. وقد فرّق بينهما جماعة.
وعرّفه المتأخِّرون بتعريفات
عديدة، منها:
قول الكافييجي: "صرْف
اللفظ إلى بعض الوجوه، ليكون ذلك موافِقًا للأصول".
والفروق التي فرّق بينهما
بها كثيرة، وأقرب الفروق هو ما قيل:
أنّ التفسير إنما هو: كشف
المعنى بحسب الطاقة البشريّة.
وأمّا التأويل فهو: معرفة
ما يَؤول إليه المعنى على وجْه الحقيقة ومُراد الله.
وهذا الفرْق يدل عليه الأدلّة
مِن الكتاب والسُّنّة، التي استُخدمت فيها مادة التأويل -والله أعلم-.
إرسال تعليق