الرياضة في لبنان بعيداً كل البعد عن
الاحتراف والصناعة وحتى عن الهواية! فباستثناء كرة السلة التي كانت فيها محاولات
احترافية، يخلو السجل الصناعي اللبناني من الرياضة. فلا منشآت رياضية ترتقي إلى
المستوى المطلوب، بل صروح خالية وخاوية. فمدينة الرئيس كميل شمعون أُعيد بناؤها
بعد الحرب واستقبلت دورة الألعاب العربية في عام 1997، وبطولة آسيا في كرة القدم
في عام 2000 إلى جانب ملعبين آخرين بنيا في صيدا وطرابلس، فضلاً عن دورة الألعاب
الفرنكوفونية أخيراً. لكن في ما عدا ذلك، يبدو هذا الصرح كمدينة أشباح وكالأطلال
رغم أنه ما زال قائماً ولم يتهدم!
أما ملاعب كرة القدم فخالية منذ سنوات، ونوادي
اللعبة الشعبية الأولى في العالم تنام على خيبة وتستفيق على أخرى. فلا تخطيط ولا
إعداد، ومنتخبنا الوطني يشارك لمجرد المشاركة، وسجله يفيض بالهزائم، لدرجة يمكن
معها القول إنه لو كان هناك جائزة لأفضل فريق خاسر،
لفاز به لبنان عن جدارة!
أما رياضة السيارات، فبعدما عرفت عصراً ذهبياً
مع أبطال من مثل الراحلين جوني موقدية وعادل متني، وآخرين من مثل نبيل كرم وجان
بيار نصرالله والأخوين عبدو وروجيه فغالي، تراجعت لعبة السرعة في السنوات الأخيرة
وخفّ وهجها. والسبب الأول هو تراجع الدعم المادي نتيجة غياب الجهات الراعية والأفق
الضيق لهذه الرياضة في لبنان. وبعدما كان رالي لبنان الدولي الذي يُقام مطلع كل
صيف قبلة أنظار السائقين والجمهور، بات سباقاً عادياً تكاد قائمة المشاركين فيه
تخلو من الأسماء البارزة، باستثناء قلة قليلة.
وقد حاول القيمون على رياضة السيارات في لبنان
إطلاق مشاريع لتطوير القطاع، منها محاولة استضافة جولة من بطولة العالم للراليات، وبناء
حلبة لسباقات الفورمولا واحد. لكن هذان المشروعان لم يبصرا النور، شأنهما بذلك شأن
الكثير من المشاريع الأخرى. فحلم استضافة جولة من بطولة العالم تبخر لأسباب هي
الأرجح سياسية. أما مشروع حلبة السرعة فبقي حبراً على ورق وسبقنا جيراننا إليه.
أما في السباحة، فيكفي أن نمر في منطقة أنطلياس
من جهة البحر، أو ما يُعرف بالـ"مارينا" حتى نشاهد مثلاً حياً على واقع
هذه الرياضة. هناك نشاهد هيكلاً لحوض أولمبي توقف العمل به لأسباب سياسية ولغايات
في أنفس أكثر من يعقوب!
أما الاتحادات الرياضية فواقعها مذرٍ بكل ما في
للكلمة من معنى. فإما هي معطلة بفعل الخلافات بين أعضائها، أو أنها تعمل من ضمن
إمكانات يُقال إنها قليلة. لكن في المشاركات الخارجية، نرى بأن عدد الإداريين يكون
غالباً أكبر من عدد الرياضيين. فكيف يكون ذلك؟ الإجابة في قلب كل رياضي لبناني سئم
هذه الحال وابتعد صوناً لما تبقى من الروح الرياضية!
وحدها كرة السلة تمكنت من اختراق حواجز الوهن
والخسارة، فرفع أبطالها اسم وطنهم عالياً في سماء الكرة البرتقالية. لكن حتى في
هذه اللعبة التي كانت ناجحة، لا تسير الأمور على ما يرام في الوقت الراهن. فقد
تراجع مستوى البطولة المحلية، والعديد من النوادي انسحب بعدما تكبدت الجهات
الممولة لها الخسائر بدلاً من تحقيق الأرباح من الرعاية.
باختصار، ليست صحة الرياضة اللبنانية على ما
يرام وجسمها مصاب بالكثير من الأمراض العضوية التي تبقيها بعيدة عن الصناعة
الرياضية. بيد أن الدواء موجود والعلاج بسيط: النية الحسنة والتخطيط الهادف،
والباقي على الشباب وعلى الله!
إرسال تعليق