النظام المختلط ( الأوبراني)
  Régime mixte ou Auburnien

1-                   أولاً : مضمون النظام ونشأته :
     يهدف النظام المختلط إلي محاولة التوفيق بين النظامين السابقين الانفرادي والجمعي من أجل الاستفادة من مزاياهما والحد من أثارهما السلبية. فيقرر هذا النظام الجمع بين المحكوم عليهم نهاراً في أماكن العمل والترفيه والراحة والفصل بينهم ليلاً أثناء النوم. وتجنيباً لأثار الاختلاط النهاري يتم فرض الالتزام بالصمت مع كافة المحكوم عليهم , لذا يطلق علي هذا النظام أحياناً اسم النظام الصامت Régime de silence.

وقد بدأت تجربة هذا النظام في سجن مدينة أوبرين  Auburin في ولاية نيويورك عام 1818، لذا يسمي هذا النظام بالنظام الأوبراني. ووفقا لنظام هذا السجن يجلس كل محكوم عليه في ظهر زميله وعين كل منهم منكفئة إلى أسفل. ويمكن للأقارب المحكوم عليه زيارته أثناء العمل دون أن يكون للمحكوم عليه الحق في رؤيتهم. كما يحرم المحكوم عليه من حق القراءة والكتابة أو متابعة البرامج التدريبية.
2-                  ثانياً : تقييم النظام المختلط :
     لا شك أن النظام المختلط يتفادى عيوب النظامين الجمعي والانفرادي ويجمع بين الكثير من مزاياهما. فهو لاشك يتجاوب مع حقائق النفس البشرية التي تسعى إلى الاجتماع بالآخرين مما يعطي للمحكوم عليه حياه أقرب للحياة الطبيعية. كما أن هذا النظام يهيئ السبيل إلي تنظيم العمل الجماعي والاستفادة من أساليب الإنتاج.

ومن ناحية أخرى يتلافى هذا النظام مضار الاختلاط السيئ , إذ أن فرض الصمت الكامل نهاراً والعزل بين المحكوم عليهم ليلاً لا يعطي فرصة للاتفاقات الإجرامية والأحاديث المخلة. كما أن هذا النظام يجنب المحكوم عليه مخاطر التعرض للمشاكل النفسية والعصبية التي كانت تنشأ عن تطبيق النظام للانفرادي.

وأخيراً فإن هذا النظـام قليل التكاليف إذا ما قورن بالنظام الانفرادي علي الرغم مما يتطلبه النظـام المختلط من إنشاء زنازين بعدد المحكوم عليهم , إلا أن تلك الزنازين لا تكون معدة إلا للنوم فقط ، وبالتالي تكون أقل تكلفة فيما لو جهزت بغرض ممارسـة كافة مظاهر الحياة اليومية.

غير أنه يعيب هذا النظام أنه يفرض نظام قاسي في العمل أثناء النهار بإلزام المحكوم عليهم بالصمت ، وهو أمر يصعب تنفيذه من الناحية العملية. لذا بدأت بعض الدول من التخفيف من قاعدة الصمت أثناء اجتماع المحكوم عليهم في العمل وأماكن الطعام والترفية ، مما يجعل لهذا النظام الكثير من المزايا التي تفوق النظامين الجمعي والانفرادي ، الأمر الذي حدا بالكثير من الدول إلى الأخذ به ، بل وجعله أحياناً مرحلة من مراحل النظام التدريجي في الدول التي تأخذ بهذا النظام الأخير[1].


[1] د. محمود نجيب حسني , المرجع السابق , ص170 وما بعدها , د. أحمد عوض بلال , المرجع السابق , ص285 وما بعدها
 B. Bouloc, op. cit., p. 121 et s.  

Post a Comment

Previous Post Next Post