موقف الإسلام من الأدب:
إن الناظر في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله يجد أنَّ جُلَّ ما ورد فيهما هو في شأن الشعر والشعراء ؛ ولذلك فسوف نتناول بعض ما ورد في شأن الشعر وهو أحد فنون الأدب ثم ليُقَسْ غيره عليه وذلك على النحو الآتي
أولاً: ما جاء عن الشعر والشعراء في القرآن الكريم
ثانياً : ما ورد عن رسول الله في الشعر والشعراء


أولاً: ما جاء عن الشعر والشعراء في القرآن الكريم
س21- جاء عن الشعر والشعراء في القرآن الكريم , اذكر المعنيين الذين ذكرا بخصوص هذا الشأن؟ مع الأدلة؟
ج21- أولهما: في معرض الذب عن المصطفى عليه الصلاة والسلام ونفي الشعر عَمَّا أوحاه الله إليه من قرآن وحكمة ، وهي تهمة أطلقها المشركون عليه عليه الصلاة والسلام دفعاً لدعوته وصداً لانتشارها
 الدليل: ومن ذلك قوله تعالى ]بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ [
 وقوله تعالى ]وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ[
وقوله تعالى ] وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ[  
ثانيهما: بيان حال شعراء الكفار وذكر نعوتهم ثم ذكر أوصاف شعراء المؤمنين وتحديد سماتهم وهذا ما جاء واضحاً في آخر سورة الشعراء
الدليل: فيها يقول الله عز وجل ] وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ *  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ  [

س22- ما تفسير قول أبي السّعود لهذه الآية : قال تعالى: ]وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ [؟
ج22- استئناف مسوق لإبطال ما قالوا في حق القرآن الكريم من أنه من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة من الأباطيل بما مَرّ عن أحوالهم المضادة لأحواله e
والمعنى أن الشعراء يتبعهم – أي يجاريهم ويسلك مسلكهم ويكون من جملتهم – الغاوون   الضالون عن السنن، الحائرون بما يأتون وما يذرون، لا يستمرون على وتيرة واحدة من الأفعال والأقوال والأحوال، لا غيرهم من أهل الرشد المهتدين على طريق الحق الثابتين عليه.

س23- ما قول الشوكاني عن انتصار الشعراء من الظالمين؟
ج23- كلاماً فيه شمول ودقة فقه وقد جاء فيه ما نصه : ( وانتصروا من بعد ما ظلموا كمن يهجو منهم من هجاه ، أو ينتصر لعالم أو فاضل كما كان يقع من شعراء النبي e فإنهم كانوا يهجون من يهجوه ويحمون عنه ويذبّون عن عرضه ، ويكافحون شعراء المشركين وينافحونهم ، ويدخل في هذا من انتصر في شعره لأهل السُّنة وكافح أهل البدعة وزَيّف ما يقوله شعراؤهم من مدح بدعتهم وهجو السنة المطهرة ، كما يقع ذلك كثيراً من شعراء الرافضة ونحوهم ، فإن الانتصار للحق بالشعر وتزييف الباطل به من أعظم المجاهدة ، وفاعله من المجاهدين في  سبيل الله المنتصرين لدينه ، القائمين بما أمر الله بالقيام به ).

س24-  أشار الإمام الشوكاني إلى أقسام الشعر من جهة الحِلِّ والحرمة اذكر قوله؟
ج24- ( واعلم أن الشعر في نفسه ينقسم إلى أقسام : فقد يبلغ ما لا خير فيه إلى قسم الحرام ، وقد يبلغ ما فيه خيرٌ منه إلى قسم الواجب).

س25- ما معنى في قوله عز وجل ] وما علمناه الشعر [؟
ج25- وما علمناه أن يَشْعُر أي ما جعلناه شاعراً. وهذا لا يمنع أن ينشد شيئاً من الشعر.


ثانياً : ما ورد عن رسول الله e في الشعر والشعراء

س26- أذكر دليل ذم الشعر؟
ج26- ذم الشعر حديثاً صحيحاً ورد عند البخاري ومسلم ولفظه في صحيح مسلم
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( بينا نحن نسير بالعرج إذ عرض شاعرٌ يُنشد فقال رسول الله e خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لَـأَنْ يمتلئ  جوف رجل ٍ قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً ).

س27- ما قول الامام النووي عن الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ( بينا نحن نسير بالعرج إذ عرض شاعرٌ يُنشد فقال رسول الله e خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان لَـأَنْ يمتلئ  جوف رجل ٍ قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً ).
ج27- (استدل بعض العلماء بهذا الحديث على كراهة الشعر مطلقاً قليله أو كثيره. وإن كان لا فحش فيه وتعلق بقوله e خذوا الشيطان . وقال العلماء: هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه)
 ثم قال: " وهو كلامٌ حسنه حسن وقبيحه قبيح ، وهذا هو الصواب ؛ فقد سمع النبي e الشعر واستنشده وأمر به حسان في هجاء المشركين وأنشده أصحابه بحضرته  في الأسفار وغيرها، واستنشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف ، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقة ، وإنما أنكروا المذموم منه وشعر الفحش ونحوه ،
وأمَّا تسمية هذا الرجل الذي سمعه ينشد ( شيطاناً ) فلعله كان كافراً أو كان الشعر هو الغالب عليه أو كان شعره من المذموم ، وبالجملة فتسميته شيطاناً إنما هو في قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها ولا عموم لها فلا يحتج به

س28- بوب البخاري لهذا الحديث باباً صار حكماً فقهياً ( بينا نحن نسير بالعرج إذ عرض شاعرٌ يُنشد فقال رسول الله e خذوا الشيطان ......) اذكر  نص هذا الباب؟
ج28- نصه ( باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن )

س29-  وقد وَجَّهَ ابن حجر العسقلاني تبويب البخاري المتقدم أذكر قوله؟
ج29- ( ووجهه أن الذم إذا كان للامتلاء وهو الذي لا بقية لغيره معه دل على أن ما دون ذلك لا يدخله الذم )

س30- قد استمع النبي e للشعر وطلبه , أذكر الدليل على ذلك؟
ج30- ما رواه عمرو بن الشريد عن أبيه قال : ( ردفت رسول الله e يوماً فقال : هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء فقلت نعم فقال : هيهِ فأنشدته بيتاًً فقال : هيهِ ثم أنشدته بيتاً فقال : هيهِ حتى أنشدته مائة بيت ).
وفي رواية قال ( استنشدني رسول الله e وذكر نحوه وزاد فقال : إن كاد ليسلم وفي رواية فلقد كاد يسلم في شعره ).

س31- ما فوائد الحديث السابق (( ردفت رسول الله e يوماً فقال ........) أو الرواية الثانية؟
ج31- أولاً: أن النبي e كان يعرف بعض شعراء زمانه ويميز بين أشعارهم فما حسن طلبه واستنشده وما قبح تركه وأعرض عنه كما فعل مع أشعار أمية التي كثر فيها ذكر الله والثناء عليه وذكر الآخرة .
ثانياً: عناية بعض الصحابة بالشعر وحفظهم له وإقرار الرسول e لذلك وتأييدهم عليه؛ باستنشاده منهم .
ثالثاً: أن الذي يقدم الشعر ما فيه من معانٍ حسنة مستطابة بغض النظر عن ناظمه فقد يكون كافراً كحال أمية الذي أدرك الإسلام ومات على الكفر ومع ذلك فقد استنشد الرسول من أشعاره ؛ لأن وِزْر الكفر يعود على صاحبه كما قال عز وجل  ] وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [

مهــــــــــــــــم
أما الحق والحكمة من الأقوال والأعمال فإنها ضالة المؤمن يحرص عليها فإذا صدرت عن مسلم فإن ذلك نورٌ على نور ؛ وصاحبها عليها مأجور ، وإذا صدرت من غيره فتطلب ويستفاد منها قولاً أو فعلاً أو صناعة وما في حكم ذلك مما هو مفيد ونافع.
هذا وقد اتخذ الرسول من الشعر سلاحاً يدافع به عن الإسلام والمسلمين ويرمي به الشرك والمشركين فقد صح عنه قوله ( اهجوا قريشاً فإنه أشد عليهم من رشق النَّبل ).
ومن كل ما تقدم نلمح سمة من سمات الإسلام في معاملة الملكات البشرية الأدبية وغيرها ؛ فإنه لا يكبتها ولا يحارب أهلها وإنما يحتضنها ؛ فيربيها على عقيدته ويؤدبها ثم يبعثها بعد ذلك لتصيب غرضها في توازن ؛ لتحقّق غايتها في اتزان بعد أن يأمن طيشان سهامها أو تجاوز حدودها ، ويطمئن على تحقيق مقاصدها العالية وإصابة أغراضها السامية.

العصور الأدبية وأبرز الفروق بينها
اعتاد مؤرخو الأدب العربي أن يقسموا الأدب إلى عصور عدة ، وذلك بحسب الأحداث السياسية على الأغلب

Post a Comment

Previous Post Next Post