اختلف العلماء في تعلق
الإيجاب في الواجب المخير على جملة
من
الأقوال أوصلها بعضهم إلى ثلاثة ,أذكر القول الثالث؟
ج100- القول
الثالث في المسألة هو قول لبعض المعتزلة: قالوا إن الإيجاب في الواجب المخير متعلق بواحد معين عند الله
مبهم عندنا والعلماء يطلقون على هذا القول قول التراجُم لأن الأشاعرة ينسبون هذا
القول إلى المعتزلة والمعتزلة
ينسبون هذا
القول إلى الأشاعرة فكل طرف منهم يرجم الطرف الآخر بهذا القول ويتبرأ منه الآخر في المقابل هذا القول قال
الإمام السبكي عنه عندي أنه لم يقل به أحد وإنما نشأ من مبالغة المعتزلة بالرد
علينا يقصد بذلك الأشاعرة في أسباب تعلق الوجوب بالجميع وأما رأي أصحابنا -يقصد
الأشاعرة- له عن المعتزلة فلا وجه له لمنافاته لقواعدهم
ويقصد بمنافاته قواعدهم منها مثلا ً إيجاب الأصلح على الله تعالى وعدم تكليف مالا يطاق ونحو ذلك وإنما قال ابن السبكي ذلك لأن الطرفين اتفقا على أن المكلف به
يجب أن يكون معلوما ً للمكلف الجواب عن هذا المذهب الذي يقول أن الواجب المخير متعلق بواحد معين عند الله تعالى وهذا القول قول ٌ ظاهر الفساد نقول فيه إن الواجب
معين عند الله وليس معين عند المكلفين يجعل الواجب غير معلوم عند المكلف فلا يمكنه فعله لجهله به فإذا كُلف به مع ذلك كان تكليفا ً بما لا يطاق
وقد أتفق العلماء على أن التكليف بما
لا يطاق غير واقع.
هذا فيما يتعلق الأقوال في
المسألة
هناك أدله لجمهور العلماء وأدله لجمهور المعتزلة
فجمهور
العلماء يقولون إن الإيجاب في
الواجب المخير يتعلق بواحد مبهم من الأمور المخير بينها استدلوا على هذا بأدلة منها دليل يتعلق بالجواز العقلي ودليل يتعلق بالوقوع الشرعي أما دليل الجواز
العقلي فقالوا أن السيد مثلا
ً لو قال لعبده أوجبت عليك خياطة هذا القميص أو بناء هذا
الحائط في هذا اليوم أيها فعلت اكتفيتُ به وأثبتُك عليه وإن تركت الجميع عاقبتك ولستُ أوجب الجميع وإنما أوجب واحدا ً لا بعينه فأي واحدٍ
أردت
فإن هذا الكلام
الصادر من السيد لعبده يعد كلاما ً معقولا ً لا يمكن أن يقال فيه أنه لم يوجب عليه
شيء لأنه عرضه للعقاب بترك الكل ولا يمكن أن يقال أوجب الجميع عليه لتصريحه بنقيضه
ولا يمكن أن يقال أوجب عليه واحدا ً بعينه لتصريحه بالتخيير فلا يبقى إلا أن يقال أوجب عليه واحدا ً لا بعينه هذا فيما يتعلق بدليل
الجواز العقلي الذي استدل به الجمهور بهذه المسألة دليل الوقوع الشرعي قالوا ورد في كفارة اليمين
وجزاء الصيد على المحرم وعقد الإمامة لأحد الإمامين الصالحين لها وغير ذلك مما هو كثير في الأمور الشرعية ولا يمكن أن يقال في هذه الأمور
المراد وجوبها جميعا فالجمع
بين الإمامين معاً حرام كما أن الأمة
أجمعت أن خصال الكفارة غير واجبة كلها
جمهور المعتزلة استدلوا بدليلين نعرض لهما ومناقشتهما .
الدليل الأول : قالوا إننا نقول بوجوب الجميع بالواجب المخير قياسا ً على الواجب
الكفائي فكما أن الوجوب
بالواجب الكفائي على الجميع ويسقط بفعل بعضهم فكذا هنا في الواجب المخير. الجمهور أجابوا أن
حاصله قياس فاسد لأنه وقع في مقابلة النصوص الشرعية التي تفيد وجوب واحد من عدة
أمور كما أنه قياسٌ مع الفارق لأن تأثيم الواحد المبهم في الواجب الكفائي غير
معقول أما التأثيم بترك واحد مبهم في الواجب المخير فهو أمر معقول
ومن هنا تحقق الفارق بين الواجب الكفائي والواجب المخير فلا يصح قياس أحدهما على
الآخر .
الدليل الثاني : قالوا أنه يستحيل التكليف بواحد مبهم لأنه مجهول والتكليف بالمجهول محال فلا بد إلا أن يجعل التكليف بكل واحد من هذه
الأمور .
أجاب الجمهور : عن هذا بأننا
لا نُسلم هنا بجهالة الواحد المبهم
إذ الواجب المخير هو القدر المشترك الذي يتحقق
حصوله بحصول جزء ٍ من جزئيات المخير فيه ولا جهالة في هذه
الحالة ومن هنا يظهر من مناقشة
الأدلة أن دليل الجمهور هو الحق في هذا الجانب وبناءً عليه يترجح قول الجمهور
القائلين بأن الإيجاب في الواجب المخير متعلق
بواحد مبهم من أفراد الواجبات المخير بينها وذلك لأن ظاهر النصوص الشرعية في الواجبات المخيرة تؤيد قولهم فإن لسان العرب يقتضي إذا خير الإنسان
بين أمور متعددة فيجب
عليه أحدها ويخير بأداء أي منها فإن كلمة (أو) في اللغة العربية لأحد الشيئين أو الأشياء سواء وقعت في الخبر أو الإنشاء , هذا هو وجه الترجيح
للجمهور في هذه المسألة .
س------ ما نوع الخلاف في متعلق الإيجاب في الواجب المخير؟
ج------ وأما نوع الخلاف في متعلق
الإيجاب في الواجب المخير
فقد حصل خلاف بين
الأصوليين في هذا الجانب هل الخلاف لفظي أو أنه خلاف معنوي فمنهم من قال أن الخلاف لفظي لا ثمرة له ولا يترتب عليه أي أثر لأن الفريقين قد اتفقا على أنه
لا يجب الإتيان بكل واحد من الأمور
المخير بينها ولا يجوز تركها كلها كذلك واتفقوا أيضاً على أنه إذا أتى بواحد منها
كفى ذلك في سقوط التكليف وإذا كان الأمر كذلك فلا فرق في العمل
Post a Comment