عندنا
مسألة وهي متعلقة بتضييق الواجب الموسع, ذكرنا أن الواجب الموسع وقته واسع يتسع لهذا
الواجب ويتسع لغيره من
جنسه لكن هل يمكن أن يتضيق فيجب على المكلف أن يفعله في هذا الوقت المحدد فقط ولا يجوز له أن يؤخره إلى وقت آخر؟
الحقيقة أن الواجب الموسع قد يتضيق فيصبح الواجب الموسع واجبا ً مضيقا ً وذلك في حالات,
أذكر الحالتين؟
الحالة الأولى : أن يترك المكلف
الواجب إلى آخر الوقت فإذا تركه إلى آخر الوقت بحيث لن يبقى إلا زمن يسير لا يمكن
إلا أداء الواجب فيه فإنه حينئذ ٍيتضيق هذا الواجب الموسع فيصبح واجباً ضيقا ً
وإذا خرج هذا الوقت ولم يؤده المكلف يكون عاصيا بخروج وقته .
|
|
س120- ما
عناصر هذه الحلقة؟
120-
عدد
|
|
1.
|
من
مسائل الواجب
|
2.
|
مالا
يتم الواجب إلا به
|
3.
|
خلاف
العلماء في هذه المسألة وتحرير الخلاف
|
4.
|
تحقيق
هذا اللفظ وما يصدق عليه
|
يعبر عنها بعض الأصوليين بقولهم مسألة مقدمة الواجب وبعضهم يعبر عنها
بمسألة وسيلة الواجب وبعضهم يعبر عنها بعبارات أعم من مسألة الواجب فيقول مالا
يتم الشيء إلا به معنى هذا أن
الشيء يشمل الواجب
ويشمل غيره كمسائل المستحب وغيره ومنهم من يعبر بقوله مالا يتم الأمر إلا به يكون مأمورا ً به وهذا لاشك لفظ عام يشمل الواجب ويشمل غيره من
الألفاظ ومن الأحكام كالمندوب
والمباح وغيرها هناك من
يذكر فيها خلافا ً بين الأصوليين وحتى نحرر
الكلام فيها نحتاج إلى ضبط هذه المسألة ولكي نضبطها لابد أن نذكر أن العلماء نهج كل ٌ منهم طريقين طريقا ً لضبط بحث هذه المسألة
.
الطريقة الأولى : يقسمون مالا يتم الواجب إلا به إلى قسمين
س122- أذكر
القسمين؟
ج122- القسم الأول : أن يكون مالا يتم الواجب إلا
به غير مقدور للمكلف يعني ليس بقدرته ولا باستطاعته ولا بوسعه عمله ولا تحصيله ولا يقع
تحت اختياره وهذا القسم حكمه أنه
غير واجب فيقولون أن مالا يتم الواجب
إلا به إذا كان غير مقدور للمكلف فهو غير واجب مثال ذلك : حضور الإمام في الجمعة وتمام العدد في الجمعة فهذا شرطان للصلاة الجمعة ومع ذلك
ليسا واجبين بمعنى أنه لا يطلب من أحد إحضار الإمام وخطيب الجامع ليصلي بالناس
الجمعة ولا إحضار آحاد الناس
ليكمل بهم العدد المطلوب حتى تجب الجمعة فهذا ليس واجبا بل أن عدمها يمنع الوجوب ومن
الأمثلة العقلية : القدرة
شرط لصحة الفعل ووجود اليد شرط لصحة الكتابة
لأنه لا يتم الواجب إلا به فلا يتم الفعل إلا بالقدرة ولا تتم الكتابة إلا بوجود اليد.
القسم الثاني : أن يكون مالا يتم الواجب إلا به مقدورا ً للمكلف ومعنى هذا أنه يقع تحت اختيار المكلف وفي قدرته وفي استطاعته أن يفعله
فهذا محل نزاع ومحل خلاف بين العلماء هذه الطريقة اتبعها أبو حامد الغزالي في كتابه )المستصفى ) وتبعه ابن قدامه الحنبلي
الطريقة الثانية : قالوا أن مقدمة الواجب أو مالا يتم الواجب إلا به تنقسم قسمين
س123-
أذكر القسمين ؟
ج123-
القسم الأول : ما يتوقف عليه وجوب الواجب .
القسم الثاني : ما يتوقف عليه وقوع الواجب أو وجوده
.
س124-
تكلم عن القسم الأول ((ما يتوقف عليه وجوب الواجب))؟
ج124-
حكمه أنه لا يجب بالإجماع سواء كان سببا ً أو شرطا ً أو
انتفاء مانع مثلا ً
: بلوغ النصاب سبب يتوقف عليه وجوب الزكاة ومع ذلك لا
يجب على أحد تحصيله حتى تجب عليه الزكاة لأنه من قبيل ما يتوقف عليه وجوب الواجب
كذلك الزوجات والمماليك والدواب سبب في وجوب
النفقة ومع ذلك لا يجب تحصيلها حتى تجب تلك النفقات لأنه من قبيل ما يتوقف عليه وجوب الواجب وهو ليس بواجب أيضا
الإقامة شرط في وجوب
الصوم ولا يجب على أحد أن يقيم ويترك السفر حتى يجب عليه الصوم لأن هذا من قبيل ما يتوقف عليه وجوب الواجب وهو غير واجب
س125-
تكلم عن القسم الثاني ((ما يتوقف عليه وقوع الواجب أو
وجوده))؟
ج125-
وهو ما يتوقف عليه وقوع الواجب أو وجوده بعد تقرر وجوبه
فهذا يتنوع إلى نوعين
س----- ما هما النوعان؟
ج-----
النوع الأول : أن
يكون غير مقدور للمكلف بمعنى أن يكون مالا يتم الواجب إلا به ليس في قدرة المكلف فعله ولا تحصيله مثلا ً: حضور الأمام والعدد الكامل لصلاة
الجمعة فهذا النوع لا
يجب إجماعا ً لأنه ليس بقدرة المكلف ولا طاقته تحصيل ذلك كما مر معنا .
النوع الثاني : ما يكون مقدورا ً للمكلف أي أن يكون مالا يتم الواجب
إلا به مقدورا ً للمكلف وتحت اختياره
واستطاعته وكما قلنا هذا النوع يدخل في القسم الثاني وهو ما
يتوقف عليه وقوع الواجب هذا النوع له
حالات :
س---- أذكر الحالات ؟
ج---- الحالة الأولى : أن يصرح الشارع بوجوبه بنص مستقل فهذا
يجب لأجل وجود هذا النص مثلا ً : الطهارة أو الوضوء
للصلاة
والنية للصلاة فهذه أمور ثبتت بنصوص فالصلاة لا تتم إلا بالطهارة والطهارة أو الوضوء واجبه بنص آخر كما في قوله تعالى {يا أيها الذين أمنوا
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا
وجوهكم} إلى آخر الآية فهذا واجب بنص وأيضا ً النية للصلاة واجبه والنية مما لا تتم الصلاة إلا به فتكون واجبة لأنه قد ورد نص بخصوصها كما
في قوله صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات" .
الحالة الثانية : أن يأتي اللفظ مطلقا ًلم يقيده الشارع بشيء ولم يصرح بإيجابه ولا عدم إيجابه فهذا هو محل
الخلاف والنزاع بين العلماء وبين الأصوليين في هذا الأمر فجمهور
العلماء يقولون فيه أن مالا يتم الواجب
إلا به في هذه الحالة يكون واجبا ً ويقصدون بذلك الواجب الذي يتوقف عليه وقوع الواجب أو وجوده وكان مقدورا ً للمكلف ولم يصرح الشارع بإيجابه
فيكون واجباً واستدلوا على هذا بدليل حاصلة أن مالا يتم الواجب إلا به لابد منه في
الواجب ومالا بد منه في
الواجب يكون واجبا ً فعندنا الآن مقدمتان
س--- ما المقدمتان؟
ج----
المقدمه الأولى :
أن مالا يتم الواجب إلا به لابد
منه في الواجب .
المقدمه الثانية : أن مالا بد منه في الواجب يكون واجباً.
والمقدمة الأولى دليلها كما تقدم معنا في وجوب الوضوء في الصلاة ونحو ذلك إنه لابد من الوضوء في هذه الحالة .
والمقدمة الثانية دليلها أن الواجب
هو اللازم ومالا بد منه لازم ٌ فمالا بد منه يكون واجبا .
س126-
ماذا ينتج من
الجمع بين المقدمتين؟
ج126-
وهي
: أن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
س127-
هناك خلاف آخر بين العلماء في هذه المسألة , أذكرها؟
ج127-
فهناك من يقول إن مالا يتم الواجب إلا به ليس بواجب
وهناك من يقتصر في إيجاب مالا يتم الواجب إلا به على بعض الأنواع
فيقول مثلاً: يقصره على
السبب وعلى الشرط فيقول إن السبب مالا يتم الواجب إلا به فيكون واجبا وغيره ليس بواجب وهناك من يقول نقصره فقط على الشرط فمالا يتم
الواجب إلا به إذا كان
شرطا ً فأنه يكون واجبا وما عدا ذلك لا يكون واجبا والحقيقة
أن الخلاف في هذه القاعدة ضعيف
س----- ما الراجح من هذه المسألة؟
ج----- ما ذكرناه في مذهب الجمهور وهو أن مالا يتم الواجب إلا به يكون واجبا
كما قلنا إذا كان مما
يتوقف عليه وقوع الواجب أو وجود الواجب وكان مقدورا ً
للمكلف وقد سكت الشرع عنه ولم يصرح بإيجابه ولا عدم إيجابه فالراجح أنه واجب بناء ً على أنه مذهب الجمهور في هذه المسألة وما ذكر من خلاف في
هذه القاعدة على نقيض
ما ذكره الجمهور فهو خلاف ضعيف فالظاهر أن القاعدة معمول بها عند جميع الأئمة ومن نقل الخلاف فيها فإنما هو في التسمية وفي استحقاق هذه
الزيادة ثوابا مستقلا
وإنما قال الجمهور تسمى هذه الزيادة واجبا لأنها لا يجوز تركها أبدا ً إلا بترك الواجب وترك الواجب يذم عليه المكلف فكذلك ما لازمه الجمهور حينما قالوا بأن
مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب إنما قصدهم بذلك أنه لا يجوز ترك هذا الشيء الذي لا يتم الواجب إلا به لأنه لو ترك لترتب على ذلك ترك
الواجب نفسه وترك الواجب يذم
عليه المكلف فكذلك ما كان ممالا يتم إلا به فإن كان لابد منه للواجب فحينئذ ٍ يكون واجبا ً لأنه يترتب على تركه الذم وهناك أيضا ً من حمل الخلاف في هذه
المسألة على أمر آخر فهناك من قال أنه لا خلاف أصلا في المسألة فالذين يقولون: إن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب يقصدون بذلك أنه يستحق على هذه
الزيادة التي لايتم الواجب
إلا بها الثواب ويستحق على تركها العقاب ومن يقول بأنها ليست واجبه فيقصد بذلك أنه
لا يحكم بثواب ولا عقاب لمن ترك مالا يتم الواجب إلا به فالخلاف حينئذٍ يعود إلى تفسير الواجب هنا فإذا قلنا إن الواجب المقصود به ما طلبه
الشارع طلبا ً جازما ً
فإنه يمكن أن يدخل في هذا التعريف مالا يتم الواجب إلا به ويكون مالا يتم الواجب إلا به من قبيل الواجب بمعنى قد طلبه الشارع طلبا ً جازما ً
بطريق المعنى ولو لم
يكن بطريق الدلالة أو بطريق الصيغة
وإن فسرنا الواجب بأنه ما يمدح فاعله ويذم تاركه فحينئذ ٍ يحمل على هذا التفسير قول بأن مالا يتم الواجب إلا به ليس واجبا ًبمعنى أنه لا يذم تارك مالا يتم الواجب إلا به ولا يمدح فاعله لان هذا من مقتضيات الواجب .
وإن فسرنا الواجب بأنه ما يمدح فاعله ويذم تاركه فحينئذ ٍ يحمل على هذا التفسير قول بأن مالا يتم الواجب إلا به ليس واجبا ًبمعنى أنه لا يذم تارك مالا يتم الواجب إلا به ولا يمدح فاعله لان هذا من مقتضيات الواجب .
Post a Comment