مسائل متعلقة بالواجب الموسع هذه المسائل هي على النحو الأتي :
أولا : جزء الإيجاب في الواجب الموسع ويشمل ذلك ذكر اختلاف العلماء في الجزء الذي يتعلق به الإيجاب في الواجب الموسع مع بيان الراجح ونوع الخلاف وثمرته ومن المسائل التي نتكلم عنها في الواجب الموسع:
( حالات تأخير الفعل في الواجب الموسع) ومنها أيضا ( تضييق الواجب الموسع) ومنها (الآثار المنبنية على تقسيم الواجب باعتبار وقته)

هذه المسألة متعلقة بالتقسيم بصورة عامه أذكر المسألة الأولى؟
أما المسألة الأولى : وهي جزء الإيجاب في الواجب الموسع أو الجزء الذي يتعلق به الإيجاب في الواجب الموسع نحن قلنا إن الواجب الموسع هو عبارة عن واجب جعل له الشرع وقتا ًيتسع له ويتسع لغيره من جنسه مثل صلاة الظهر فوقتها واسع يتسع لصلاة الظهر ويتسع لغيرها من جنسها هذا الوقت الموسع

س----- هل يتعلق الإيجاب بأوله؟ أو يتعلق بوسطه؟ أو يتعلق بآخره؟ أو يتعلق به كله ؟
هذا محل خلاف بين العلماء اختلف العلماء في هذا فعندما نقول الجزء الذي يتعلق به الإيجاب في الواجب الموسع فنقصد جزء الوقت الذي يتعلق به الإيجاب؟ هل هو يتعلق بأول الوقت؟ هل الإيجاب مرتبط بآخر الوقت؟ أو هل الإيجاب مرتبط بكل الوقت؟ أو هناك شيء آخر غير هذه الأمور التي ذكرناها ؟
الحقيقة اختلف العلماء الأصوليون في جزء الوقت الذي يتعلق به الإيجاب في الواجب الموسع على مذاهب كثيرة منها ما يأتي أذكر القول الأول؟
ج-----
القول الأول : أن الإيجاب في الواجب الموسع يقتضي إيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء وقته بمعنى أنه ليس هناك وقت محدد لتعلق الإيجاب بالواجب الموسع بل هو متعلق بأي وقت منه سواء أوله أو وسطه أو آخره على السواء يستوي في هذا جميع أجزاء الوقت وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء ومن المتكلمين وغيرهم

س---- ما معنى القول السابق؟
ج-----  أن مقتضى التوسيع في الوقت يفيد تخيير المكلف في إيقاعه في أي جزء من أجزاء الوقت المحدد له ولا يكلف العزم على فعله في أي جزء من هذه الأجزاء وإنما يجزئه أدائه في أي جزء منه استدلوا على هذا بالحديث الوارد الذي تقدم ذكره في قصة جبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم حينما علمه أوقات الصلوات وأفعالها فأمه مرة في أول الوقت وأمه في الصلاة مرة في آخر الوقت وأمره أن يعلم أمته بقوله " الوقت مابين هذين " هذا الحديث استدل به أصحاب هذا القول في تخيير المكلف في أداء الصلاة في أي جزء من أجزاء وقتها والصلاة من قبيل الواجب الموسع فيكون هذا دليلا ً على أن الإيجاب في الواجب الموسع يتعلق بأي جزء ٍ من أجزاء الوقت أوله أو وسطه أو آخره بدلالة هذا الحديث .

هل يتعلق الإيجاب بأوله؟ أو يتعلق بوسطه؟ أو يتعلق بآخره؟ أو يتعلق به كله ؟ تكملة السؤال في السؤال السابق , أذكر القول الثاني؟
القول الثاني : وهو قول يتفق مع القول الأول فهو يشابه المذهب السابق مذهب الجمهور في أنهم يقولون إن الإيجاب في الواجب الموسع يقتضي إيقاع الفعل في أي جزء من أجزاء وقته إلا أنهم يزيدون على هذا بوجوب العزم من المكلف في الجزء الذي لم يؤدي فيه الواجب فيقولون يجب عليه إذا أراد أن يؤدي الواجب في الجزء الأخير أن يعزم على الفعل حتى يصل إلى الوقت الأخير فإذا وصل إليه تعين عليه الأداء فيه وهذا القول ذهب إليه القاضي أبو بكر الباقلاني وتابعه على ذلك جماعة من متكلمي الأشاعرة والمعتزلة .

س----- ما الأدلة التي استدلوا بها أصحاب القول الثاني؟
ج---- واستدلوا على قولهم هذا بالدليل السابق الوارد في أصحاب القول الأول في قصة تعليم جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم في أوقات الصلوات وأفعالها وزادوا على ذلك الاستدلال على وجوب العزم فاستدلوا على وجوب العزم بدليل عقلي وشرعي أما الدليل العقلي فقالوا : لو لم يلزم العزم على المكلف في الوقت الذي لم يؤد فيه الواجب لزم من ذلك ترك الواجب دون بدل عنه وترك الواجب دون بدل يخرجه عن كونه واجبا لأن الواجب لا يجوز تركه بلا بدل واستدلوا بدليل شرعي على وجوب العزم وهو قوله صلى الله عليه وسلم" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار...." الحديث فجاء به تعليل النبي صلى الله عليه وسلم لكون المقتول في النار لكونه حريصا ًعلى قتل صاحبه فهذا دليل على أن العزم يقوم مقام الفعل فدل ذلك على أن العزم معتبر فلا بد من اعتباره في الواجب الموسع .

الجمهور الذين قالوا بأنه لا يشترط العزم هنا أجابوا عن دليلهم هذا بأنه لا يلزم بترك الواجب الموسع بجزء من أجزاء وقته تركه مطلقا وإنما الذي ينافي الواجب الموسع إنما هو تركه في جميع وقته المحدد له كما أن جعل العزم بدلا ً عن الفعل لا يصلح لأن شأن البدل أن يقوم مقام المبدل عنه ولا يقوم العزم مقام الفعل .
يبقى الكلام بين الجمهور والباقلاني في هذه المسألة متقارب وعلى كل حال كأن هذا يعتبر من قبيل المذهب الواحد إنما الخلاف فقط في اشتراط العزم .

س114- هل يتعلق الإيجاب بأوله؟ أو يتعلق بوسطه؟ أو يتعلق بآخره؟ أو يتعلق به كله ؟ تكملة السؤال في السؤال السابق , أذكر القول الثالث؟
ج114- القول الثالث : أن الإيجاب في الواجب الموسع يقتضي إيقاع الفعل في الجزء الأول من أجزاء الوقت فإذا مضى من الوقت ما يسع الفعل ولم يفعله المكلف في ذلك الوقت كان فعله له في الباقي من الوقت قضاءً لا أداءً واختلفوا فيما بينهم في الإثم في هذا التأخير على قولين .
وهذا يتضح منه أنه يلزم منه إنكار الواجب الموسع من أصله وحقيقة أن هذا المذهب لا يعرف قائله على وجه التحقيق وإنما نقل عن بعض المتكلمين وبعض الشافعية إلا أن بعض الشافعية نفى هذه النسبة إليهم لعدم ثبوته عنهم لاشك أن هذا القول حقيقة قول مردود لثبوت الوجوب على من صار أهلا ً له في آخر الوقت باتفاق العلماء ولو كان الوجوب متعلقا ً بأول الوقت كما زعموا لم يجب عليه في آخره ,

س------ ما الأدلة التي استدلوا بها؟
ج----- واستدلوا في هذا القول حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الصلاة في أول الوقت رضوان الله وفي آخره عفو الله " وهذا يقتضي أن فعلها في آخر الوقت معصية ٌ تتطلب العفو ولو كان الوقت كله صالحا ً للأداء وكان المكلف مخيرا ً بأي جزء ٍ من أجزاء الوقت لما كان تأخيره للواجب عن أول الوقت موجبا ً للعفو والغفران الجمهور أجابوا عن هذا الحديث بجوابين :

س----- أذكر القولين ؟
ج----- أولهما : جواب من حيث الإسناد فقالوا إن في إسناده يعقوب ابن الوليد وهذا كذبه الأمام أحمد وسائر الحفاظ وقال أبن حبان ما رواه إلا يعقوب وكان يضع الحديث على الثقات فلا يصح هذا الحديث بهذا الإسناد .
ثانيهما : من حيث متنه أجابوا أنه يقتضي الترغيب في المبادرة لأداء الصلاة في أول وقتها والمراد بالعفو هنا العفو عن تقصير المكلف عن أداء الأفضل للواجب ويؤيد هذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها" وفي رواية "على وقتها" وفي رواية أخرى "في أول وقتها " فأثبت هذا الحديث أن الصلاة في أول وقتها أحب وأفضل ولا يقتضي هذا المعصية و الإثم بتأخيرها .

هذا بالنسبة للقول الثالث وهو قول في ثبوته نظر أصلا وفي نسبته إلى قائله نظر وهم بعض الشافعية.

س115- هل يتعلق الإيجاب بأوله؟ أو يتعلق بوسطه؟ أو يتعلق بآخره؟ أو يتعلق به كله ؟ تكملة السؤال في السؤال السابق , أذكر القول الرابع؟
ج115- القول الرابع : أن الإيجاب في الواجب الموسع يتعلق بآخر جزء من أجزاء الوقت وهذا القول نسب إلى بعض الحنفية وذكر السرخسي وهو من علماء الحنفية أنه منسوب إلى أكثر العراقيين من الحنفية ؛ هؤلاء أصحاب هذا القول اختلفوا في أدائه في أول الوقت هل يقع نفلا ً أو فرضا فقال بعضهم إن الأداء في أول الوقت يقع نفلا ً يمنع لزوم الفرض في آخر الوقت إذا بقي المكلف على صفة التكليف وقال بعضهم يقع فرضا إن بقي المكلف موصوفا بصفة التكليف إلى آخر الوقت وقال بعضهم إن المؤدى في أول الوقت موقوف على ما يظهر من حاله في آخر الوقت.

س----- ما أدلة أصحاب القول الرابع؟
ج----- هؤلاء أصحاب هذا القول استدلوا على مذهبهم على أن الوجوب في الواجب الموسع يتعلق بآخر الوقت بأن قالوا أنه لو وجب الفعل قبل الجزء الأخير من الوقت لما جاز تركه بالأجزاء السابقة إلا أن تركه بالأجزاء السابقة جائز باتفاق العلماء فدل على أن سبب الوجوب هو الجزء الأخير فقط .
الجمهور يجيبون عن هذا بأن ترك الواجب الموسع في أول الوقت لا يعتبر تركا وهذا مقتضى التوسع في وقت الواجب فالمكلف فيه مخير بإيقاعه بأي جزء من أجزاء وقته كما أنه في الواجب المخير كذلك إلا أن المكلف بالواجب المخير مخير ٌ بأن يوقع بين أي فرد من أفراد الواجب وأما في مسألة الواجب الموسع فالتخيير في الوقت فكما أن ترك أي فرد من أفراد الواجب المخير لا يعتبر تركا للواجب فكذلك ترك أي جزء من أجزاء الوقت في الواجب الموسع لا يعد تركا ً للواجب .

س116- هل يتعلق الإيجاب بأوله؟ أو يتعلق بوسطه؟ أو يتعلق بآخره؟ أو يتعلق به كله ؟ تكملة السؤال في السؤال السابق , أذكر القول الخامس؟
القول الخامس:في هذه المسألة أن الإيجاب في الواجب الموسع متعلق بالجزء الذي يليه أداء الفعل
السرخسي يقول: في حاصل هذا القول أنه يتعين للسببية الجزء الذي يتصل به الأداء من الوقت فإن اتصل بالجزء الأول كان هو السبب وإلا تنتقل السببية إلى آخر الجزء الثاني ثم إلى الثالث وهكذا ومعنى هذا القول أن الإيجاب بالواجب الموسع متعلق بفعل المكلف فإذا فعل في أول الوقت قلنا هو وقت الإيجاب وإذا فعل في وسط قلنا هو وقت الإيجاب وإذا فعل في آخر الوقت قلنا أنه وقت الإيجاب فجعلوا فعل المكلف هو المعرف للوقت وليس الوقت هو المعرف لفعل المكلف وهذا كما ذكر كمال الدين أبن الهمام أنه قول نسب للحنفية وهو قول مردود ؛

س-----  السرخسي أيَّد هذا القول وهو من علماء الحنفية وناقش قول الجمهور السابق وهو القول الأول نقف مع الخلاف في هذه المسألة عدة وقفات , أذكر الوقفة  الأول؟
ج----- الوقفة الأولى : أن مذهب جمهور الحنفية القائل بأن سبب الوجوب بالواجب الموسع هو الجزء الذي يليه الأداء وهو القول الخامس الذي سبق ذكره هذا القول في حقيقته متفق مع قول جمهور العلماء القائل بأن السبب هو جميع الوقت وهو القول الأول وإنما ابتعد الحنفية عن اعتبار سبب الوجوب جميع الوقت لما بيَّنه السرخسي في مناقشته وهو أن تقرر السببية موقوف على اتصال الأداء وفي هذا يقول السعد في كتابه (التلويح) هو الحاصل أن كل جزء سبب على طريق الترتيب والانتقال ولكن تقرر السببية موقوف على اتصال الأداء كما أن قول الجمهور بأن جميع الوقت سبب في الوجوب مبني ٌ على أن كل جزء ٍ من الوقت صالح ٌ للأداء فيه وهذا ما يقرره الحنفية أيضا ويقول السرخسي فإن الشرع خير المكلف في الأداء فعرفنا أن هذا المعنى تخيير له في نقل السببية من جزء إلى جزء وما بقي الوقت واسعا يبقى الخيار له فلا يكون مفرطا فيتضح من هذا خطأ من نسب إلى الحنفية إنكار الواجب الموسع لقول بعضهم إن سبب الوجوب في آخر الوقت كما ذكر ذلك الزنجاني فالحاصل أن الكل متفقون على وجود الواجب الموسع فإن الحنفية لا ينكرون الواجب الموسع بالمعنى الاصطلاحي المراد وإنما ينكرون أن وقت الأداء يفضل على الواجب ويقولون إن وقت الأداء لا يفضل على الواجب، وقولهم هذا متفرع عن مذهبهم بين الوجوب ووجوب الأداء وبناءً عليه لم يعينوا جزءً، من أجزاء الوقت لتحقق وجوب الأداء إلا الجزء الأخير الذي يسع الواجب فقط .
فكما يسميه الشافعية وجوب أداء موسع هو الذي يسميه الحنفية نفس الوجوب بمعنى شغل الذمة والذي سماه الحنفية وجوب أداء هو وجوب تفريغها مما شغلها بالفعل ولهذا صرح السعد في كتابه ( التلويح ) بأن هذا خلاف ٌ في التعبير فقط .

Post a Comment

أحدث أقدم