س----- عرف
الفرض لغة؟
ج----- بأنه
القطع والحز والتقدير
س---- عرف
الفرض في الاصطلاح؟
فإن الجمهور لا يفرقون
بينه وبين الواجب ولذلك يعرفون ما عرفوا به الواجب عرفوا به الفرض
فما فرق بينهم فكل واجب
فرض وكل فرض واجب
.
وأما الحنفية فإنهم فرقوا بين الواجب والفرض
فقد عرفوا الواجب
بأنه كما سبق ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازماً بدليل ظني وعندما جاءوا إلى
الفرض عرفوه
بأنه ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازما ً بدليل ٍ قطعي ومثلوا للفرض
بأن من أمثلته الصلوات الخمس والأمر بالطهارة والزكاة والصيام والحج وهذه الأمور
كلها ثبت طلبها من الشارع طلبا جازما بطريق قطعي لا شبهة فيه من نصوص الكتاب
والسنة ولذلك يكون حكمها الفرض
ومثلوا لما ثبت بدليل ظني مثل قراءة الفاتحة في
الصلاة فإنها ثبتت بدليل ظني وهو ثبوتها بخبر الآحاد بقوله صلى الله عليه وسلم
"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب "وقالوا أنها هذا
ثبت بخبر آحاد
وخبر الآحاد يفيد الظن فيكون حكم قراءة الفاتحة بالصلاة أنها واجبه وليست فرضا والمراد بالحنفية عندما عبروا ما ثبت بدليل قطعي بتعريفهم للفرض ما يشمل القطعي الثبوت وقطعي الدلالة وقطعي الثبوت مثل أن يكون الدليل ثابتا ً بالقرآن أو بحديث متواتر أو مشهور عند بعض الحنفية ويشمل أيضا قطعي الدلالة
أيضا بأن يكون النص الوارد قطعيا ً في دلالته
على المراد فإذا كان الدليل ظنياً في ثبوته ودلالته أو في أحدهما فلا يثبت فيه
الفرض إنما يثبت به الواجب فقوله تعالى مثلاً {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} هذا
وإن كان نصاً قطعياً من حيث الثبوت إلا أنه ظنياً من حيث الدلالة فإن كلمة قرء
مشتركه باللغة العربية بين الحيض والطهر
ولذلك اختلف العلماء في إرادة أحدهما على قولين
1- قال الحنفية فلا يمكن أن تثبت بمثله الفرضية لوجود الشبهة في دلالته على المراد منه ولذلك أخرجوا من قيد
ما ثبت بدليل قطعي ما ثبت دليل ظني فيه شبهة ما يسمونه عندهم بالواجب هذا التفريق
في التسمية بين ما ثبت بدليل قطعي
وما ثبت بدليل ظني فسموا ما ثبت بدليل قطعي فرض وما ثبت بدليل ظني واجب من حيث أنه مأمور ومطلوب
فعله.
هذا
التفريق اختص به الحنفية دون الجمهور تابع الحنفية على
ذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في إحدى الروايات عنه حكاه ابن عقيل عن
الحنابلة وهذا هو مذهب أيضا القاضي الباقلاني أما جمهور الأصوليين فإنهم يسوون في التسمية
بين ما ثبت بدليل قطعي وما ثبت بدليل ظني ويجعلون كلمة فرض مرادفة لكلمة الواجب تماما
وإن كانوا يتفقون مع الحنفية في الأحكام المترتبة على هذا التفريق.
2- وعلماء الأصول سلكوا في بحث هذا الخلاف بين الحنفية وبين الجمهور مسلكين فاعتبر
أكثرهم أن هذا الخلاف خلاف لفظي في التسمية وأنه اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح إلا أن بعض
العلماء قد اعتبر أن الخلاف معنوي وله آثاره الفقهية فمثلا ذكر بعضهم أن الخلاف يترتب
عليه بعض الآثار الفقهية ومنها قالوا أن منكر الفرض يكفر لأنه أنكر ما ثبت بدليل
قطعي وأن منكر الواجب لا يكفر لأنه أنكر ما ثبت بدليل ظني
قالوا أيضا إن تارك القراءة في الصلاة
مطلقا تبطل صلاته لأنه ترك فرضا وهو ثبت
بدليل قطعي
وهو قوله تعالى {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}
فأما تارك قراءة الفاتحة في الصلاة فلا تبطل صلاته لأنه ترك أمراً واجباً قد ثبت بدليل ظني
هذا عند الحنفية أما الجمهور فإنهم لا يفرقون
بين الفرض والواجب وإن كانوا يتفقون مع الحنفية بالذات في مسألة تكفير منكر القطعي
دون منكر الظني لكنهم يقولون القطع يسمى واجبا وفرضا والظن
يسمى واجبا
وفرضا لا فرق بينهما ويتفقون مع الحنفية في الحكم وإن اختلفوا معهم في المصطلح, وهذا دعا بعض العلماء إلى أن يقولوا أن الخلاف معنوي
في هذه الحالة.
س----- على ماذا
بنوا الحنفية قولهم؟
ج------ الحنفية بنوا رأيهم في مسألة التفريق بين الفرض والواجب على أمر لغوي فقالوا أن اللغة العربية تساعد على
التفريق بين الفرض والواجب فإن الفرض اسم لمقدر شرعا لا يحتمل الزيادة ولا النقصان كما أنه باللغة بمعنى التقدير ومن ذلك قوله تعالى {فنصف ما فرضتم} أي ما قدرتم
وأما الواجب فهو مأخوذ من الوجوب وهو السقوط كما
في قوله تعالى {فإذا
وجبت جنوبها} أي سقطت على الأرض قالوا : فما كان
ساقطا ً على المرء عملا ً
بلزومه إياه من غير أن يكون دليلا ً موجبا ً للعلم قطعاً سمي واجباً أو هو ساقط في
حق الاعتقاد القاطع وثابت في حق لزوم الأداء عملا فكأنهم نظروا إلى أنه من حيث التسمية اللغوية
الواجب أقل قدرا ً من الفرض ولذلك بنوا على هذا التفريق اللغوي تفريقا ً اصطلاحيا ً الجمهور ردوا على الحنفية على هذا الاستئناس اللغوي
وقالوا إن التقدير كما
يكون في القطعي يكون في الظن وإن كلمة وجب كما تأتي بمعنى سقط تأتي بمعنى ثبت
أيضا فيبقى الترادف بين الاسمين الفرض والواجب وقالوا أيضا
الاختلاف في
طريق الثبوت لا يقتضي الاختلاف في التسمية ومادام الطرفان متفقين على أن هناك خلافا
ً وتباين في الأحكام بين الحكم الثابت بدليل قطعي والحكم الثابت بدليل ظني إذ يكفر منكر الأول منهما دون منكر الثاني فالحقيقة
أنه يحسن التفريق بين الفرض والواجب
في الاصطلاح لتصبح دلالة كل اسم على نوعه أدق وأوضح دون حاجة إلى القرائن
ومعنى هذا أنه مادمنا نقول أن هناك فرقا ً بين الفرض والواجب من
جهة الحكم من حيث أن الفرض مختص بما كان قطعيا والواجب مختص بما كان ظنيا ويترتب
على ذلك أن منكر الفرض يكفر ومنكر الواجب لا يكفر فمعنى هذا أنه يحسن التفريق
بينهما في الاصطلاح وهذا أمر حقيقة ً يقتضيه
الأسلوب العلمي الدقيق الذي يذهب الغموض والالتباس ولذلك نجد أن الشافعية وغيرهم
من بعض علماء المذاهب الأخرى قد لجأوا إلى
التفريق بين
الركن والواجب في أحكام الحج كما لجأ إلى ذلك غيرهم من الجمهور أيضا عندما اختلفت الآثار الفقهية لكل منهما فجعلوا الركن ما يبطل
الحج بتركه والواجب ما يمكن أن ينجبر بدم أو
غيره وقالوا إن أركان الحج ستة وواجباته خمسة ,وهكذا نجد
في
الفقه على
مختلف المذاهب تفريقا ً بين الأركان والواجبات مع أن الركن في هذه الأمور يرادف الفرض بل إن الفرض يشمل الركن والشرط معا ً في الاصطلاح
الفقهي لذلك نجد أن كثيرا ً من المحققين قد استغرب
إنكار الشافعية لاصطلاح الحنفية في التفريق بين الفرض والواجب مع أنهم لجأوا إلى
التفريق بينهما في جملة من أحكام الفقه هذا فيما يتعلق بالنظر إلى حقيقة مذهب
الجمهور والحنفية في مسألة الفرق بين الفرض والواجب
وتلخص من ذلك أن الحنفية
يفرقون بينهما وأن الجمهور لا يفرقون بينهما في الاصطلاح الأصولي وإن
استعانوا بهذا الفرق ولجأوا إليه عند تطبيقهم في أحكام الفقه كما بينا أنهم قد
يفرقون في مسائل الحج بين الأركان وبين الواجبات وكأنهم في ذلك ينظرون إلى ذلك ما
ثبت بدليل قطعي وما ثبت بدليل ظني فملاحظة القطعية والظنية أمر ثابت عند الجمهور
ولذلك ساغ أن نقول إن الأولى الالتزام بالمصطلح الدقيق في هذا وترجيح مذهب الحنفية في
الفرق بين الفرض والواجب.
إرسال تعليق