علم العقيدة قد يطلق عليه بعضهم علم الكلام ووجه الاستمداد منه أن علم أصول الفقه يُبحث فيها الأدلة الشرعية والأدلة والاحتجاج بها متوقف على معرفة الباري سبحانه وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم المبلِغ عنه فيما قال فلا تُكتسب هذه الأدلة حجيتها إلا بعد الإيمان بالله تعالى وتصديق رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك يتقرر من خلال مباحث علم العقيدة , استمد الأصوليون من هذا العلم جمله من المباحث التي نقلوها إلى علم أصول الفقه وبحثوا مسائلها من خلال ما يخدمُ بغيتهم في هذا العلم, مع التنبيه إلى أن علم العقيدة قد اختلط به في عصر السابقين شيء من علم أهل الكلام الذين دخلوا في علم الاعتقاد بقصد الإفساد أو بقصد المباحثة بقصد حسن أو سيء , ولذلك حين ننظر إلى المؤلفات في علم أصول الفقه نجد أن هناك جملة من المسائل التي بحثها علماء أصول الفقه ونقلوا بحثها من مباحث علم العقيدة أو نقول من مباحث المتكلمين أي أهل الكلام ونقلوا من ذلك ما يخدم بغيتهم في تحقيق مسائل هذا العلم ولذلك نجد أن الأصوليين بحثوا مثلا ً مسألة الحاكم وهل هو الشرع أو العقل وأصلها مبحوث في علم العقيدة أو علم الكلام بحثوا ما يتعلق من هذه المسألة من حيث الحسن والقبح وهل هما عقليان أم شرعيان وبحثوا كذلك ما يتعلق بحكم الأشياء قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهي من المسائل التي تُبحث في علم العقيدة وبحثوا أيضا مسألة المجتهد يخطئ ويصيب وهي من المباحث التي لها علاقة بالمباحث الكلامية وبحثوا مسألة خلو الزمان عن المجتهد وهي من المسائل التي لها صلة بمسائل الاعتقاد,,هذا فيما يتعلق بعلم الكلام أو علم العقيدة .
 وصلته بعلم أصول الفقه ووجه استمداده منه وبعض المسائل التي استمدها الأصوليون وبحثوها في هذا العلم, لكن ذكر
ابن برهان وهو من علماء أصول الفقه الشافعية ذكر أن استمداد علم أصول الفقه من علم الكلام يعود إلى أن فن الأصول أي أصول الفقه يفتقر إلى التمييز بين الحجة والبرهان والدليل وهذا يقرر في علم الكلام لكن الذي يبدو من هذا مما ذكره ابن برهان أن المقصود هنا ما يُبحث في علم المنطق وما يقرره المناطقة في علمهم لا علم الكلام على وجه الإطلاق

العلم الثالث الذي استمد منه علم أصول الفقه مسائله
 هو علوم اللغة العربية ووجه استمداد علم أصول الفقه من علوم اللغة العربية هو أن مما يبحث من علوم أصول الفقه الأدلة وهذه الأدلة لها دلالات وقد جاءت بلغة عربيه ولفهمها بصورة ٍِ صحيحة ٍعلى وجه ٍعربي صحيح فإنه لابد من الإطلاع على قدر ٍ مناسب ٍ من علوم اللغة العربية تعين على فهم هذه الأدلة ِ ووجوه ِ دلالاتها ولذلك سعى الأصوليون إلى بحث جملة ٍمن المسائل التي تبحث في علم أصول الفقه وهي لها علاقة ٌ بمسائل اللغة ِ العربية أو أن مسائل اللغة العربية لها تأثيرٌ في تلك المسائل الأصولية علل بعض العلماء للاستمداد هنا بوجه ٍ يقرب من هذا فذكر أن كتاب الله ِ عربي وسنة رسوله ِ صلى الله عليه وسلم عربيه فيحتاج إلى معرفة قدر صالح ٍ من اللغة ِ العربية يمكن معها معرفة ُ معاني  ما ذكر من هذه الأدلة مع التنبيه إلى انه لا يشترط أن يتعمق المرء في اللغة بحيث يكون
كعلمائها المشهورين كالخليل ابن أحمد أو الأصمعي أو سيبويه ونحو أولئك إنما يشترط أن يعرف قدراً صالحاً من اللغة ِ العربية يفيد في معرفة ِ دلالات تلك الأدلة من المسائل التي بحثها الأصوليون مما له علاقة ٌ بعلم أصول الفقه وهو له مساس بعلم اللغة ِ العربية مسألة الأمر والنهي وبحثوا أيضا صيغ العموم والخصوص وبحثوا المطلق والمقيد والمجمل والمبين والحقيقة والمجاز والاستثناء والإشتراك والمنطوق والمفهوم والاقتضاء والإشارة ُ والتنبيه ومعاني الحروف وغيرها وهذه مسائل تبحث أصالة ًفي علوم اللغة العربية على اختلاف فئاتها وقد نبه بعض المحققين إلى أن بحث الأصوليين في هذه المسائل كان أكثر عمقا ً وأوفى تحقيقا مما بحثه علماء اللغة العربية وبين سبب ذلك بأن علماء أصول الفقه عندما بحثوا هذه المسائل التفتوا إلى دقائق الدلالات اللفظية وإلى معان ٍ لم يلتفت إليها علماء اللغة العربية لأن علماء اللغة العربية في الجملة ما كان يعنيهم أن يفيد الأمر وجوبا ً أو ندبا ً أو إباحة أو أن يفيد النهي تحريما ً أو كراهة وكان ذلك من عناية ِ علماء أصول الفقه وهذا قدر زائد ٌ على محل عناية ِ أهل اللغة .
أما العلم الرابع التي لها استمداد ٌفي علم أصول الفقه علم الأحكام الشرعية أو ما يعرف اصطلاحا
 ًبعلم الفقه وقد يتسائل سائل كيف يكون علم أصول الفقه مستمدا ً من علم الفقه وعلم الفقه ثمرة ٌ لعلم أصول الفقه والثمرة ُ متآخرة فكيف يستمد المتقدم من المتآخر ونحن نقول لا يعني هذا الاستمداد أن تكون القاعدة ُ الأصولية مستمدة ً من حكم فقهي وإنما يعنى بالاستمداد هنا أن يستعان بأحكام الفقه لإيضاح قواعد أصول الفقه والمقصود بأحكام الفقه هنا الأحكام الواضحة الجلية فيستعان بها في بيان قواعد أصول الفقه بحيث تعرض قاعدة ٌ أصوليه ثم يعرض ما يوضحها من أحكام الفقه وهذا هو المقصود يعني من باب التمثيل فقط ولذلك قال بعضهم في بيان وجه الاستمداد هنا أو وجه استمداد أصول الفقه من علم الفقه أن المقصود من علم أصول الفقه هو إثبات الأحكام أو نفيها بالأدلة ولهذا لابد من العلم بحقائق الأحكام ليتصور هذا الأمر وليتمكن من إيضاح المسائل بضرب الأمثلةِ والشواهد عليها هذا وجه استمداد علم أصول الفقه من علم الفقه.
ذكر بعضهم أمرا ً خامسا في استمداد هذا العلم وهو
علم المنطق وضرب لذلك بعض الأمثلة وذكر أنه استمد من علم المنطق مثلا بعض المقدمات والكلام في الدلالات وقضايا الحدود والتعريفات وأساليب الاستدلال مع التنبيه إلى أن المؤلفات الأصولية قد تفاوتت مابين موسع ومضيق في تناولها أو في استمدادها أو تأثرها في هذه العلوم ففي حين نجد أن بعض المؤلفات قد تأثر في استمداده مثلا بمسائل الكلام أو علم العقيدة مثلا نجد أن الآخر قد تأثر باستمداده من علم المنطق وغلبت عليه الصبغة المنطقية وهكذا وفي الجملة فإن هذا التأثر ينبغي ألا يطغى على المقصد الأصلي من عرض القاعدة الأصولية بحيث يبدو بحث القاعدة كأنه من علم اللغة أو علم العقيدة مثلا ً أو علم المنطق مثلا ً وهذا أمر غير محبب في هذا العلم هذا ما يتعلق باستمداد علم أصول الفقه.

Post a Comment

Previous Post Next Post