وصف القرآن للحياة الدنيا : الدنيا
متاع مؤقت يستمتع به الإنسان ؛ فليس له أن يجعلها هدفًا
وغاية له ؛ فيغتر بها وينسى الهدف الذي خلق من أجله ،
والامتحان الذي أعده الله له وأن
الآخرة هي دار البقاء وأن الدنيا هي دار الفناء
:
{أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
بِالآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ
يُنصَرُونَ} (البقرة: 86).
{إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ
لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا
غَافِلُونَ *
أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ} (يونس: 7، 8).
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ
أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ
* أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (هود: 15، 16).
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ
مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ
مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ
عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل
عمران: 14).
{أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيل}
(التوبة: 38).
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ
الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ
الدُّنْيَ} (القصص: 77).
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ
الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ
نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُون} (الأعراف: 32).
ومن هذه الآيات نأخذ أهم صفات الحياة
الدنيا وعلاقة الإنسان بها ؛ فهي :
1-
متاع مؤقت ومكان
عبور ووسيلة إلى الآخرة ، ولا يجوز اتخاذها
غاية .
2- الدنيا مملوءة بالزينة والزخرف
والشهوات والملذات، وهذا من تمام الابتلاء والاختبار
3- يجوز للمسلم ، بل يحق له أن يستمتع
بالحياة الدنيا وزينتها في حدود الشرع ، ولكن بشرط ألا
تلهيه عن طاعة الله ، وأن يسخرها في طاعة الله ،
وهكذا يستمتع بما أباح الشرع بهدف تحقيق الشرع .
4- الدنيا عالم له قوانينه الاجتماعية
والبشرية، التي سنها الله بين الشعوب والأمم فمن سعى في
الدنيا استوفى نتيجة سعيه في الدنيا، ومن سخر الدنيا
لإرضاء الله؛
ربح في الدنيا والآخرة.
5- الحياة الدنيا قصيرة الأمد ، كما
قال تعالى : " يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ
وَنَحْشُرُ
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ
إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً
إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمً " سورة طه : 102 – 104.
6- الحياة الدنيا دار تعب وكدح وجد
" يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيه " سورة الانشقاق : 6
7- المؤمنون ينصرهم الله في الدنيا
والآخرة " إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ
آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ
يَقُومُ الأَشْهَادُ " سورة غافر : 61 .
8- الحياة الدنيا دار لعب ولهو وتفاخر
وتكاثر ، " اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ " سورة الحديد : 20
الآثار العملية والتربوية : وهكذا نجد
أن هذه الصفات التي وصف الله بها الحياة بمجموعها ، تدعو
المسلم إلى أمور ، وتربيه على عادات أهمها :
1- ألا
يغتر بالحياة الدنيا ، بل عليه أن يحاسب نفسه ، ويعمل فيها
على أنها دار امتحان مؤقت ، فيبقى جادًّا يقظًا صبورًا على
الشظف ، يتجاوز
الأهداف الدنيوية القريبة ؛ فيقوم بمشاريع تشبه
المعجزات .
2- ألا
يحرم نفسه مع ذلك من خيراتها ، بل يتمتع بهذه الخيرات ، ويستهدف من وراء كل متعة
إرضاء الله .
3- أن
يصبر على بلواء الحياة وبأسائها ؛ لأنه عرف مسبقًا أنها دار كدح وابتلاء ، بل يصبر ويستعد للجهاد .
4- أن
يجند الفرد والمجتمع كل عدته لمنازلة أعداء الفضيلة والخير ، وأن يعلم أن الله
ينصر المؤمنين إن هم اتبعوا كتابه ورسوله ، وأخذوا بأسباب القوة والعزة والمنعة
كما أمرهم الله .
إرسال تعليق