يشعر أطفال الشوارع بالاغتراب
عن النظام السياسي والاجتماعى العام
فهم يعيشون على هامش هذا النظام الذى يتجاهلهم
وليعبر عنهم. الأمر الذى عزز من قناعاتهم
بوعى زائف مضمونه أن فقرهم قدر ونصيب وليس أنه ظلم اجتماعى ونتاج سياسات اقتصادية
متحيزة تزيد من حجم الاستقطاب داخل المجتمع يترتب عليها تزايد عدد الفقراء
والمحرومين من أبسط حقوقهم الآدمية. وهنا
يمكن القول إن أطفال الشوارع يتجهون إلى بناء مجتمعهم الخاص داخل المجتمع
العام يستفيدون من هذا الاخير نسبياً فى
عطائه المادى والمعنوى إلا أنهم خارج تركيبته البنيوية ومحدداته في المكانة
والسلطة.
بشكل عام يمكن القول أن
أسباب تواجد أطفال الشوارع ترتبط بمحددات اجتماعية واقتصادية بل وسياسية وقانونية فى آن واحد ولا يمكن
اعتماد رؤية مختزلة لهذه الأسباب كأن نحصرها فى الفقر أو فى غياب دور الأسرة على
الرغم من صحتها فنحن هنا أمام ظاهرة معقدة تتعدد وتتنوع أسبابها وعواملها، كما
تتعدد وتتنوع مظاهرها وآثارها. وللعلم فإن مختلف الدراسات التى كتبت عن أطفال
الشوارع عربيا في العشر السنوات الأخيرة تتجه إلى اعتماد منظورات جزئية تختزل
الظاهرة فى بعض أسبابها، وهى بذلك تخفى ألاسباب السياسية حيث يتم التركيز على الأسباب
الاقتصادية والاجتماعية، وهنا يتم تحميل الأسر والأفراد مسئولية هذه الظاهرة. ونحن
فى هذه الدراسة نعتقد بأن الفهم الدقيق لظاهرة أطفال الشوارع يستلزم بالضرورة
اعتماد منظور بنائي يعكس مجمل الأبعاد والمتغيرات التى ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر
بظاهرة أطفال الشوارع، وهنا يتم التركيز على السياسات الاقتصادية التى تؤثر فى
معيشة الناس وطبيعة النظام السياسي الاقتصادى وموقع الطفل فى برامج وخطط الحكومة
ثم نهتم بالعوامل الاجتماعية
(الدينية، الأسرية، الثقافية)، ونخلص إلى استنتاج
يضعنا أمام ترتيب واقعى لمجمل الأسباب التى ترتبط بها ظاهرة أطفال الشوارع.
فالبنى الاقتصادية والسياسية مسئولة إلى حد كبير عن أطفال
الشوارع من خلال حالة الفقر والعوز الذى تخلقه تلك البنى وفق السياسات والبرامج
التى تعتمدها ضداو لحاجاتهم ومصالحهم.
Post a Comment