مصادر تلوث الغلاف الجوي
يمكن تعريف تلوث الغلاف الغازي بأنه وجود مواد غازية أو صلبة أو سائلة أو جزيئية، بكميات وتراكيز أكثر من الحالة الطبيعية، ولفترات طويلة، مما يؤدي إلى إحداث خلل في النظام البيئي، وأضرار بصحة الإنسان وغيره من الكائنات الحية، وتلوث الهواء يقاس بعدة أشكال منها، الميكروغرام أو الميلي غرام في المتر المكعب، أو الوزن (أي غرام أو كلغ أو طن) على وحدة المساحة (م2 أو كلم2 أو هكتار)، أو جزء في المليون ppm، أو جزء في البليون (المليار) ppb، أو جزء في التريليون ppt.
مصادر تلوث الغلاف الغازي:
تصنف هذه المصادر في نوعين رئيسيين هما المصادر الطبيعية، والمصادر البشرية، وإن هذه المصادر تشمل قائمة كبيرة من الملوثات ذات المنشأ الطبيعي في الجو أو الأرض، أو ذات المنشأ البشري أثناء عمليات الاستخراج أو التصنيع أو النقل أو الأنشطة المختلفة،
وأهم هذه المصادر:
المصادر الطبيعية:
 وتشمل جميع مصادر التلوث الناتجة عن ظروف طبيعية لا دخل للإنسان بها، ومن هذه المصادر نذكر:
أ - البراكين:
البراكين ظاهرة معروفة منذ القدم، وهي من الظاهرات الطبيعية المروعة، وقد رافقت تكون الأرض وتشكل سطحها، وكان لها دور مهم ومؤثر في انتشار الحياة وتوزعها عليها، وتقسم إلى عدة أنواع فمنها براكين عنيفة, وأخرى هادئة، أو خامدة، وحاليا فإن معظم البراكين في العالم هي خامدة (أكثر من 4000)، وبعضها نشط (800 تقريبا) يثور بين الحين والآخر، وتتراوح شدتها بين العنيف والهادئ، ومعظم البراكين توجد في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وأهم مناطق توزع البراكين في العالم هي:
- براكين حزام النار الذي يحيط بسواحل المحيط الهادي.
- براكين في المحيط الهادي نفسه (منها جزر هاواي).
- براكين الحزام المتوسطي الأوروأسيوي الممتد من المحيط الأطلسي إلى جنوب أوروبا إلى المحيط الهادي، (منها براكين فيزوف - إتنا - أرارات).
- براكين نطاق الصدع العربي الأفريقي الممتد في شرق أفريقيا وغرب شبه الجزيرة العربية (منها بركان كلمنجارو).
والتوزع الجغرافي للبراكين في العالم، يتفق إلى حد كبير مع التوزع الجغرافي للزلازل، مع فارق مهم بينهما وهو أن الزلازل تحدث بشكل مفاجئ ولم يتم التمكن من التنبؤ بوقوعها بشكل تام حتى الآن، بينما البراكين لا تحدث بشكل مفاجئ، ويوجد الكثير من الأدلة على احتمال حدوث الانفجار البركاني منها، الهزات الأرضية، والارتفاع المفاجئ لدرجة حرارة الأبخرة المنطلقة من فوهة البركان، وتغير منسوب المياه الجوفية وغير ذلك.
والبراكين تطلق أثناء ثورانها إضافة إلى اللافا البركانية التي تختلف في مظهرها وخصائصها، كميات كبيرة من الأبخرة والغازات والمواد الصلبة والرماد البركاني إلى الهواء، وأهم المواد المنطلقة، بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والنتروجين، والكبريت، والكلور وغيره، والجدول (4) يبين أهم الغازات المنطلقة من البراكين ونسبتها المئوية.
تسلسل
نوع الغاز
النسبة %
الرمز
1
بخار الماء
70 %
H2O
2
ثاني أكسيد الكربون
14 %
CO2
3
ثاني أكسيد الكبريت
6.5 %
SO2
4
النتروجين
6   %
Nx
أهم الغازات المنطلقة من البراكين
والمقذوفات والمواد البركانية تؤدي إلى تلوث الغلاف الجوي، وتقليل نسبة الشفافية الجوية، وعرقلة وصول الأشعة الشمسية إلى سطح الأرض، وحدوث تغيرات مناخية، وزيادة نسبة الغازات السامة، ونقص الأكسجين مما ينعكس سلبا على حياة الكائنات الحية، وقد يؤدي إلى موتها، خاصة في مناطق ثوران البراكين، وحدوث خسائر اقتصادية وإيكولوجية لا حصر لها، بل إن ثوران بركان واحد هو بركان كراكاتو في أندونيسيا عام 1883 م أدى إلى حدوث ما يشبه الشتاء النووي، ودارت مقذوفاته دورة كاملة حول الكرة الأرضية.
ب - الحرائق الطبيعية:
وهذه الحرائق تحدث بشكل طبيعي من جراء انطلاق أي شرارة لأي سبب لاسيما في الفصل الحار والجاف، وقد يؤدي ذلك إلى اشتعال حرائق كبيرة في الغابات والمراعي، وتشكل هذه الحرائق خطراً كبيرا على الأنظمة البيئية الطبيعية، وتؤدي  إلى إطلاق كميات كبيرة من الملوثات، خاصة غاز أول أكسيد الكربون، وحدوث تأثيرات سلبية في التربة والماء والمناخ والتنوع البيولوجي وغير ذلك.
ج - البكتريا والجراثيم:
الجغرافية والبيئة– م15
 
إن وجود البكتريا والجراثيم والأحياء الدقيقة في الهواء قد يكون عرضياً ونسبياً باختلاف الظروف المناسبة لذلك، وهي توجد على هيئة خلايا حرة أو طليقة أو مختلطة مع الغبار أو غيره، وعموماً فإن البكتريا والجراثيم والفطريات توجد بشكل دائم في البيئة، في الهواء والتربة والماء، وخاصة في الأماكن المغلقة، أو الملوثة. والبكتريا كائنات صغيرة كثيرة الأنواع منها ما يعيش حرا ومنها ما يعيش طفيلياً، وهي من الكائنات وحيدة الخلية، ومن الصعب تصنيفها، ووجود البكتريا والجراثيم يؤدي إلى الإصابة بأمراض بيئية مختلفة منها، الكوليرا والجمرة الخبيثة والطاعون والدرن وغيره([1]).


(1) عبد الفتاح صديق عبد اللاه، عبد الحميد حسن : أسس الجغرافية الطبية، دار المعرفة للتنمية البشرية، 1428 هـ 2007 م، ص 197 .

Post a Comment

Previous Post Next Post