مبادئ التربية الإسلامية
مصادر التربية الإسلامية الأصلية هي القرآن الكريم والسنة النبوية، أما الفرعية فهي والمتمثلة في
هدي الصحابة، وسيرة وجهود بعض العلماء
المسلمين من السلف الصالح -رضوان الله عليهم
أجمعين- في
مجال التربية الإسلامية.
يتضح لنا أن التربية الإسلامية تستند
إلى عدة أركان أو مبادئ، فما هي أهم مبادئ التربية
الإسلامية، من خلال العرض لتلك المصادر الأصلية منها
والفرعية؟
أسس التربية الإسلامية : تستند التربية
الإسلامية إلى مجموعة من الأسس والركائز الرئيسة
تشكل في مجملها المفهوم الشامل للتربية
الإسلامية، ويمكننا أن نعرض هذه الأسس
فيما يلي :
1. التربية الإسلامية تربية تكاملية
شاملة : ويقصد بالتكامل أو الشمول هنا أنها لا تقتصر
على جانب واحد من جوانب شخصية الإنسان ؛
فالتربية
الإسلامية
ترفض النظرة الثنائية إلى الطبيعة الإنسانية التي تقوم على التمييز بين العقل والجسم، وسمو العقل على الجسم، وإنما هي تنظر إلى الإنسان
نظرة متكاملة تشمل كل جوانب الشخصية فهي تربية
للجسم وتربية للنفس والعقل معًا.
ولاشك أن كل جانب من هذه الجوانب يؤثر
في الآخر ويتأثر به، وقديمًا قالوا: العقل
السليم في الجسم السليم، كما أن في الجسم مضغة إذا صحت صح
الجسم، وإذا
فسدت فسد الجسم ألا وهي القلب، ونهانا ديننا على الانغماس في الشهوات، ولأهمية الجسم في التربية الإسلامية أمرنا الإسلام بالعناية
بصحتنا وأجسامنا، ((إنَّ لِبدنِكَ عليكَ حقًّا)) فهناك حق البدن على صاحبه،
وتخاطب
التربية الإسلامية حواس الإنسان وقواه، وتحتكم إليها
:
{إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ
أُوْلَئِكَ
كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} (الإسراء: من الآية: 36)، وجعل طهارة
الجسم شرط للعبادة، كما أمرنا أن نجمل مظهرنا بتنظيف الثياب، وأن نأخذ زينتنا عند كل مسجد.
فالتربية الإسلامية تربية للجسم، وهي
أيضًا تربية للعقل؛ فالتفكير فريضة إسلامية
والنظر والعقل أساس الفرائض في الإسلام، والتربية الإسلامية
تربية نفسية؛
لأنها تخاطب عاطفة الإنسان ووجدانه وقلبه وضميره وتحتكم إليها، وأمرننا ديننا بأن نربي نفوسنا على الفضيلة والخير وحب الناس
والتجرد من الأنانية وحب الذات، وجعل أساس
الحساب على الأعمال ما استقر في النفس بما ظهر من السلوك،
وأمرنا ديننا
بالتعفف وعزة النفس ورياضياتها وتدريبها، والتحكم فيها.
واعتبر المعرفة والعلم -وهما غذاء
العقل- أساسًا للتفاضل بين الناس:
{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر: من الآية: 9)، {يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: من الآية: 11)،
كما جعل العقل أساس التكليف والاختيار
ودعانا إلى
نبذ ما يتنافى مع العقل من خرافات وأباطيل وأوهام، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تحس على إعمال العقل والفكر والتفكير والتدبير،
ووزن الأمور بموازين العقل والمنطق.
إن التربية الإسلامية تربية تحررية؛
لأنها تحرر العقل من التعصب الأعمى، والتزمت أو
الانغلاق وضيق الأفق، والإيمان بالأوهام والأساطير، كما
أنها تحرر
النفس من الخوف والعبودية والضعف؛ فالمسلم القوي خير من المسلم الضعيف، وتحررها أيضًا من الخبث والدنس واللؤم وكل ما يشينها، وهي أيضًا
تحرر الجسم من كل ما يدنسه ويعيبه، وتقيمه
على الطهارة والنظافة، والعناية والاهتمام به:
((إنَّ لِبدنِكَ
عليكَ حقًّا))، كما تحرره من الخضوع للذات
والشهوات،
ولقد أقر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء أخيه في الإسلام:
((إنَّ
لِبدنِكَ عليكَ حقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ
حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي
حَقٍّ حَقَّهُ)).
ويقول العقاد في هذا المعنى في كتابه
(الإنسان في القرآن): إن الإسلام ينظر إلى الإنسان
على أنه كل لا يتجزأ للجانب الجسمي، أو البيولوجي حاجاته
ومتطلباته،
وللجانب الروحي والعقلاني حاجاته ومتطلباته؛ ومن هنا لا يجوز له الإسراف في مرضاة هذا، ولا في مرضاة ذاك.
إرسال تعليق