سمو التعليم النظري : ردد ابن خلدون ما
ذهب إليه أفلاطون من سمو تدريب العقل على
الجسم ،
فاعتبر ابن خلدون التعليم النظري أرقى من تعلم الفنون العملية ؛ لأن التعليم النظري يقوم على العقل ، وهو رأي وإن كان ساد الفكرة التربوية
ردحًا من الزمن إلا أنه بمعايير الفكر التربوي
المعاصر لا يمكن قبوله .
التعليم في الصغر أشدّ رسوخ : يردد ابن
خلدون ما قاله الغزَّالي وغيره من المربين المسلمين
: أن التعليم
في الصغر أشد رسوخًا ، وأنه أصل لما بعده .
الشدة مضرة بالمتعلمين : يكرر ابن
خلدون ما أكده سابقوه من الرفقة بالمتعلم ؛ حيث يقول في (المقدمة) : ومن أحسن
مذاهب التعليم ما تقدم به الرشيد لمعلم ولده
محمد الأمين فقال : يا أحمد ، إن أمير المؤمنين قد دفع
إليك مهجة
نفسه وثمرة قلبه ؛ فصير يدك عليه مبسوطة ، وطاعته لك واجبة؛ فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين ، أقرئه
القرآن وعرفه الأخبار ، وَرَوِّهِ الأشعار وعلمه السنن ،
وبصرة بمواقع
الكلام وبدءه ، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته ، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه ، ورَفْعِ مجالسِ القواد إذا حضروا مجلسه ،
ولا تَمُرَّنَّ بك ساعة إلا وأنت مغتنمٌ فائدة
تفيده إياها ، من غير أن تحزنه فتميت ذهنه ، ولا تمعن في
مسامحته
فيستحلي الفراغ ويألفه، وقومه ما استطعت بالقرب والملاينة ، فإن أباهما فعليك بالشدة والغلظة ".
التدرج في التعليم : نادى ابن
خلدون بما نادى به سابقوه بمراعاة التدرج في تعليم
الصبيان
ومراعاة قدراتهم ، إلا أنه يتميز عن سابقيه فيما ذهب إليه بالقول بمبدأ التكرارات الثلاثة في عملية التعليم ، وتشير هذه التكرارات إلى
ثلاث مراحل متدرجة في التعليم يكون التعليم في
المرحلة الأولى إجمالاً ، والثانية تفصيلاً ، وفي الثلاثة
تعميقًا
بدراسة ما استشكل في العلم ووسائل الخلاف فيه .
ويقول ابن خلدون في ذلك : إن تلقين
العلوم للمتعلمين إنما يكون مفيدًا إذا كان على
التدريج شيئًا فشيئًا وقليلًا فقليلًا ، يلقي عليه أولًا مسائل من كل باب من الفن ، هي أصول ذلك الباب ، ويقرب له في شرحها على
سبيل الإجمال ، ويراعي في ذلك قوة عقله ،
واستعداده لقبول ما يرد عليه ، حتى ينتهي إلى آخر الفن ؛ وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم
إلا أنها
جزئية وضعيفة وغايتها أنها هيئته لفهم الفن وتحصيل مسائله .
ويعيب ابن خلدون على المعلمين الذين
يجهلون الطريقة الصحيحة للتعليم، وأنهم يقدمون
للمتعلم في أول عهده بالتعليم المسائل الصعبة
أو المشكلة مما
يعوق تعليمه .
عدم إطالة الفواصل الزمنية بين الدروس
: ونادى ابن خلدون بعدم إطالة الفواصل الزمنية بين دروس العلم الواحد؛ حتى لا ينسى المتعلم ما سبق أن درسه .
الاختصارات في العلوم مخلة بالتعليم : من
الإشارات التربوية الهامة لدى ابن خلدون قوله : بأن
الاختصارات
المؤلفة في العلوم تعتبر في نظره مخلة بالتعليم ، وهي نظرة سليمة من ابن خلدون لما ترتب علي هذه الاختصارات من إخلال بالعلم .
التعليم يكون بالمحاورة لا الحفظ : ويؤكد
ابن خلدون أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم
بالفهم والوعي
والمناقشة ، ويشير إلى أن ملكة العلم ،
إنما تحصل
بالمحاورة في مواضيع العلم ، وهو يعيب طريقة الحفظ عن
ظهر قلب ،
ويعتبرها مسئولة عن تكوين أفراد ضيقي الأفق عقيمي التفكير ، لا يفقهون شيئًا ذي بال في العلم .
والواقع : أن المربين المسلمين قد اهتموا بأسلوب المناظرة والحوار في التدريس ، واعتبروه أسلوبًا
مفضلًا مجديًا في التعليم . يقول الزرنوجي :
إن قضاء ساعة واحدة في المناقشة والمناظرة أجدى على
المتعلم من
قضاء شهر بأكمله في الحفظ والتكرار .
الشروط التي تجعل المناظرة والحوار فعَّالا :
1. أن يكون هدف المناظرة الوصول إلى الحقيقة لا
التضليل .
2. ويشترط في المتناظرين الإلمام
بموضوع المناظرة والتحلي بالهدوء وسعة الصدر، وعدم
التكلف وغيرة
الصدر .
إرسال تعليق