الجزاء العظيم من الله
التشوق للأجر العظيم
الطريق الذي سلكه الأنبياء والرسل يوصل إلى مرضاة الله وجنته فأولئك الذين هدى الله وبهداهم يقتدي كل السائرين إلى مرضاة الله رب العالمين . وقد كان مما هداهم إليه أن هداهم إلى مهمة عظيمة وهي دعوة الخلق لتوحيد المنهج والغاية ، أي الإيمان بالله وحده لا شريك له والكفر بالطواغيت بأنواعها . قال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } [ النحل : 36 ] وإنه لشرف جد عظيم أن يشترك فرد من الأمة مع أنبياء الله ورسله في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . قال تعالى : { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال : إنني من المسلمين } [ فصلت : 33 ] . فليس هناك أحد أفضل ممن أصلح نفسه واهتم بغيره لنشر الهدى والخير والصلاح ، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : من دل على خير فله مثل أجر فاعله . [ مسلم : 3/1506 ] وقال صلى الله عليه وسلم : المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم . [ ابن ماجة : 2/1338 ] وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دل إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا . [ مسلم : 4/2061 ] .
    وهناك الكثير من الأحاديث التي ترتب الجزاء العظيم من الله وذلك لمن يحسن إلى غيره أو يسدي إليه معروفا . كما أن فيها بيانا لأبواب الخير وطرق خدمة الآخرين . ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم – شهرا . ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل . [ رواه ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج ، والطبراني في الكبير نقلا عن الألباني في صحيح الجامع برقم 147 ، وسلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 906 ] .
    وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه . من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة . [ البخاري : 2/190 ] .
    وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه . [ نقلا عن الألباني في صحيح الجامع برقم 6453 ] .
     إن الاهتمام بالآخرين فرصة عظيمة لكل من أخذ بزمام تربية وتعليم ونصب نفسه مرشدا وموجها أن يحوز على هذا الأجر العظيم الذي من الله به على من يخدم غيره ويهتم به ويصبر على ما يلاقيه من جراء ذلك ابتغاء وجه الله . فأما إذا أخلص النية واستحضرها وابتغى بذلك وجه الله فإنه سينال أجور جميع من اقتدى به في الخير ويضاف ذلك إلى رصيد حسناته ، وأما إن لم يستحضر النية فسيفوته ذلك الأجر ، وأما إن كان تعليمه ضلالا وفسادا فستعود مغبة ذلك على نفسه وستمتلئ صحائفه بالذنوب والآثام .
    روت أم سلمة – رضي الله عنها – عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم زيادة في العمر وكل معروف صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة [ رواه الطبراني في الأوسط نقلا عن الألباني في صحيح الجامع برقم 3690 ] .

Post a Comment

أحدث أقدم