التربية عند الغزالي

تناول الغزَّالي موضوع التربية بفكر واضح يبدو فيه تأثره بأرسطو وأفلاطون، ففي كلامه عن الفضيلة يقول: أنها الاعتدال والتوسط بين أركان النفس الأربعة وقواها، وهي قوة الغضب واعتدالها الشجاعة، قوة الشهوة واعتدالها العفة، قوة الحكمة والإفراط فيها مضر، قوة العدل والإفراط فيها أيضًا مضر.
وفي كلامه عن القلب يخلط بينه وبين النفس والعقل يقول عنه : إنه لطيفة ربانية روحانية لها تعلق بالقلب، وهذه اللطيفة هي حقيقة الإنسان لأنها الجزء المدرك فيه.
وفي كلامه عن العقل يقول عنه: إنه القلب نفسه أو تلك اللطيفة الربانية. ويقول عنه أيضًا: أنه صفة للقلب؛ لأنه جزء من النفس الناطقة، التي تنقسم إلى عقل عملي يرتبط بالدوافع والانفعالات والقوى المحركة للجسم، وعقل نظري هو آلة الإدراك.

وتأثر من ناحية أخرى بابن مسكويه في كتابه (تهذيب الأخلاق) الذي تأثر فيه بدوره بالفلاسفة الإغريق، ولكن الغزَّالي حاول المزاوجة والتوفيق بين من نقل عنه وبين الإسلام، ويشير في قوله عن الحكمة قول الله -عز وجل-: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (البقرة: من الآية: 269).

الغاية من التربية :

يعتبر الغزَّالي أن الغاية من التربية هي التقرب إلى الله -عز وجل- والدليل على ذلك طلب العلوم ومحاسن الأخلاق، وفي ذلك يقول: على المعلم أن ينبه المتعلم على أن الغرض من طلب العلوم هو التقرب إلى الله دون الرياسة والمباهاة.

غاية الأخلاق عنده حب الله وحب لقائه والبعد عن الدنيا، وهو يقول: مهما كان الأب يصون ولده من نار الدنيا فليصنه عن نار الآخرة أولى، وصيانته أن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق، ولم يرفض الغزَّالي الهدف التربوي والتثقيفي من التعلم ففي كلامه عن قيمة دراسة العلوم يذكر من بين ما يذكر مدى منفعتهما للإنسان في حياته الدنيا، ويمثل لنا بعلوم الطب والحساب والصناعات، ومدى منفعتها للإنسان في تثقيفه واستمتاعه، وتدخلها في حياته الاجتماعية، ومثلها بالشعر والتاريخ والسياسة، فقد جعل العلم طريقًا للإيمان.
ففي كلامه عن الإيمان يقسمه إلى ثلاثة مراتب :
1- إيمان العوام الذين يصدقون ما يسمعون مثل من قيل لهم : فلان بالدار فصدقوا .
2- إيمان العلماء ، وهو مبني على الاستنباط، ومثاله : أنهم سمعوا فلانًا بالدار فصدقوا .
3- يقين العارفين الذين يشهدون الحق دون حجاب ، ومثاله : هم الذين دخلوا الدار ورأوا بأعينهم ، وهم الأنبياء والرسل ومن في مرتبتهم .

Post a Comment

Previous Post Next Post