تطبيق محاسبة النفس
عرف سلفنا الصالح أهمية هذه المنزلة فحققوها
في أنفسهم
وحثوا غيرهم عليها مما حدا بهم أن يؤلفوا الرسائل والتصنيفات المستقلة لإيراد
النماذج القولية والعملية عنها ، وقد ورد عن سلفنا الصالح مواقف شتى في تطبيق
أسلوب المحاسبة ، فهذا عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول مبينا أهمية هذا
الأسلوب : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أهون في
الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر ، يومئذ تعرضون لا
تخفى منكم خافية (1)
وإذا أتينا إلى التطبيق العملي نجد هذا الخليفة العادل يقيم
الحجة في محاسبة النفس على كل الرعاة والدعاة والمربين وغيرهم ، عن أنس بن مالك ـ
رضي الله عنه ـ قال : سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يوما وخرجت معه حتى دخل
حائطا فسمعته يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط : عمر أمير المؤمنين بخ بخ
والله بني الخطاب لتتقين الله أو ليعذبنك(2)
ويعتبر ميمون بن مهران المحاسبة ميزانا للتقوى فيقول : لا
يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه (3)
وعن أهمية تخصيص وقت المحاسبة وأثرها في حياة الفرد يقول وهب بن منبه : مكتوب في حكمة آل داود : حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويحمد ، فإن هذه الساعة عونا على تلك الساعات وإجماما للقلوب (4)
وعن أهمية تخصيص وقت المحاسبة وأثرها في حياة الفرد يقول وهب بن منبه : مكتوب في حكمة آل داود : حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه ، وساعة يخلو فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويحمد ، فإن هذه الساعة عونا على تلك الساعات وإجماما للقلوب (4)
ومن حاسب نفسه في الدنيا هان الحساب عليه في الآخرة كما
يقول الحسن : أيسر الناس حسابا يوم القيامة الذين يحاسبون أنفسهم في الدنيا فوقفوا
عند همومهم وأعمالهم ، فإن كان الذي هموا به لهم مضوا ، وإن كان الذي هموا به
عليهم أمسكوا .. وإنما يثقل الأمر يوم القيامة على الذين جازفوا الأمور في الدنيا
أخذوها من غير محاسبة فوجدوا الله عز وجل قد أحصى عليهم مثاقيل الذر(1)
ويصف الإمام الغزالي أرباب القلوب المنيبة وذوي الضمائر
الحية الذين اتخذوا هذا الأسلوب نهجا في حياتهم : فعرف أرباب البصائر من جملة
العباد أن الله تعالى لهم بالمرصاد ، وأنهم سيناقشون في الحساب ويطالبون بمثاقيل
الذر من الخطرات واللحظات وتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة
وصدق المراقبة ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات ومحاسبتها في الخطرات واللحظات ،
فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه وحضر عند السؤال جوابه وحسن
منقلبه ومآبه ، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته
وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته(2)
(1) الزهد :
أحمد بن حنبل ، القاهرة ، دار الريان للتراث ، 1408 هـ
، ص 149
(2) الزهد :
مرجع سابق : ص 149
(3) محاسبة
النفس : عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، تحقيق / مجدي السيد إبراهيم ، القاهرة ،
مكتبة القرآن ، 1407هـ ، ص 33
(4) المرجع
السابق : ص 35
(1) المرجع
السابق : ص 94
(2) إحياء
علوم الدين : الغزالي ، بيروت ، دار المعرفة ، 5 أجزاء ، 4/393 ـ394
إرسال تعليق