الفلسفة ما بعد أرسطو
المدارس الفلسفية بعد أرسطو ، أي بعد زوال
دولة المدينة اليونانية وفي ما بعد ظهور ما سمي العالم الهلنستي. ومن هذه المدارس الرواقية
والابيقورية والشكاك والأكاديمية الجديدة والأفلاطونية المحدثة
ظهرت المدرسة السفسطائية في القرن الخامس قبل الميلاد بعدما أن
انتقل المجتمع الأثيني من طابع زراعي إقطاعي مرتبط بالقبيلة إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير
الصناعات وتنمية الحرف والاعتماد على الكفاءة الفردية والمبادرة الحرة. وأصبح المجتمع
في ظل صعود هذه الطبقة الاجتماعية الجديدة (رجال التجارة وأرباب الصناعات) مجتمعا ديمقراطيا
يستند إلى حرية التعبير والاحتكام إلى المجالس الانتخابية والتصويت بالأغلبية. ولم
يعد هناك ما يسمى بالحكم الوراثي أو التفويض الإلهي، بل كل مواطن حر له الحق في الوصول
إلى أعلى مراتب السلطة. لذلك سارع أبناء الأغنياء لتعلم فن الخطابة والجدل السياسي
لإفحام خصومهم السياسيين. وهنا ظهر السفسطائيون ليزودوا هؤلاء بأسلحة الجدل والخطابة
واستعمال بلاغة الكلمة في المرافعات والمناظرات الحجاجية والخطابية. وقد تحولت الفلسفة
إلى وسيلة لكسب الأرباح المادية ولاسيما أن أغلب المتعلمين من طبقة الأغنياء.
ومن أهم الفلاسفة السفسطائيين نذكر جورجياس
وكاليكيس وبروتاغوراس.
وقد سبب هذا التيار الفلسفي القائم على الشك والتلاعب اللفظي
وتضييع الحقيقة وعدم الاعتراف بها في ظهور الفيلسوف سقراط الذي كان يرى أن الحقيقة
يتم الوصول إليها ليس بالظن والشك والفكر السفسطائي المغالطي، بل بالعقل والحوار الجدلي
التوليدي واستخدام اللوغوس والمنطق.
المدرسة الرواقية
تعتمد المدرسة الرواقية التي ظهرت بعد فلسفة
أرسطو على إرساء فن الفضيلة ومحاولة اصطناعها في الحياة العملية، ولم تعد الفلسفة تبحث
عن الحقيقة في ذاتها ، بل أصبحت معيارا خارجيا تتجه إلى ربط الفلسفة بالمقوم الأخلاقي.
ارتبطت المدرسة الرواقية بالفيلسوف زينون
(336-264ق.م) الفينيقي الأصل الذي اقترنت الفلسفة عنده بالفضيلة واستعمال العقل من
أجل الوصول إلى السعادة الحقيقية. وتعد الفلسفة عند الرواقيين مدخلا أساسيا للدخول
إلى المنطق والأخلاق والطبيعة. وركز الكثيرون دراساتهم الفلسفية على خاصية الأخلاق
كما فعل سنيكا الذي قال:” إن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة
التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان”. وقد تبلور هذا الاتجاه الفلسفي
الأخلاقي بعد موت أرسطو وتغير الظروف الاجتماعية والسياسية حيث انصرف التفكير في الوجود
إلى البحث في السلوك الأخلاقي للإنسان.
المدرسة الرواقية
إن الرواقيون ينظرون أن الغرض
من الحياة هو تحقيق السعادة لكل فرد، ويعرفون السعادة بأنها كبت الانفعالات العاطفية،
واخضاع الرغبات غير الاخلاقية لحكم العقل،
Post a Comment