تقسيم الحديث:
فقد قسم العلماء الحديث إلى أقسام عديدة باعتبارات مختلفة منها:
[أ]- تقسيم الحديث باعتبار طرقه إلى: متواتر، وإلى آحاد، وإلى مشهور.
[ب]- وتقسيم الحديث من حيث القبول والرد إلى: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره، وضعيف.
[ج]- وتقسيم الحديث من حيث الانقطاع في السند إلى: معلق، ومرسل، ومنقطع، ومعضل.
[د]- وقسموا الحديث باعتبار ما ينتهي إليه السند إلى:


مرفوع، وموقوف، ومقطوع.
[هـ]- وقسموا الضعف، في الحديث إلى أنواع عديدة منها:
* ما كان بسبب فقد الاتصال في السند، كالمنقطع، والمرسل.
* ما كان بسبب فقد العدالة كرواية الفاسق، والمجهول، والمستور.
* ما كان بسبب فقد الضبط، كالمختلط، والمغفل، وسيء الحفظ، وكثير الخطأ.
* ما كان بسبب الشذوذ، كالحديث الذي يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه.
* ما كان بسبب وجود علة قادحة في السند كوصل مرسل أو رفع موقوف، أو كان علة في المتن كالإدراج (إدخال متن حديث في حديث آخر).
[ز]- كما وضعوا علامات يعرف بها الوضع في الحديث وقسموها إلى:
1 - علامات في المتن مثل: ركاكة اللفظ، أو فساد المعنى، أو مخالفة الحديث لصريح القرآن أو السنة ولا يقبل التأويل، أو مخالفته لحقائق التاريخ، أو موافقته لمذهب الراوي ولم يرده الأثبات، أو اشتماله على إفراط في الثواب والعقاب.
2 - وعلامات في السند مثل: أن يكون راويه كذابا معروفا


بالكذب، أو أن يعترف واضعه بالوضع، أو يرويه الراوي عن شيخ لم يثبت لقياه له أو ولد بعد وفاته، وقد يستفاد الوضع من حال الراوي وبواعثه النفسية .. الخ، وهذا كله يدل على اهتمام العلماء بدراسة المتن، وأن عنايتهم بالمتن لم تكن بأقل من عنايتهم بالسند، وهو ما يعرف بعلم الحديث دراية ورواية، وقد اشتملت القواعد التي وضعها العلماء في تقسيم الأدحاديث وتبيان درجاتها وتقويم الروايات الأمرين معا: المتن والسند.
وقد أثمرت تلك الجهود السابقة أعظم الثمار، وظهر ذلك في الآتي:
1 - تدوين السنة: على طريقة المسانيد، ثم الصحاح، ثم المتن، ثم الجوامع ثم المعاجم، وقد تم بهذا التدوين حفظ السنة المباركة من الضياع.
2 - ظهور علم مصطلح الحديث: وهو يعني جملة القواعد التي وضعها العلماء لمقاومة حركة الوضع، وتمييز الصحيح من غيره، وهو يشتمل على تقسيم الخبر، وما يدخل الأخبار من علل واضطراب وشذوذ، وما ترد به الأخبار، وما يتوقف فيها حتى تعضد بأخرى، وكذا شروط الراوي والمروي، وبيان كيفية السماع والتحمل والضبط، وبيان آداب المحدث وطالب الحديث وغير ذلك من الأمور. 3 - علوم الحديث: وتتضمن مباحث هذا العلم: معرفة حال المحدث من صدق أو كذب أو غفلة، ومعرفة المسانيد، ومعرفة المراسيل، ومعرفة المسلسل من الأسانيد، والمعنعن المتصل، والمدرج،


ومعرفة الصحابة على مراتبهم، وكذا التابعين أيضا على مراتبهم، ومعرفة فقه الحديث، ومعرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة المشهور والغريب، ومعرفة علل الحديث، ومعرفة السنن المتعارضة، ومعرفة مذاهب المحدثين، ومعرفة التصحيفات في المتون وفي الأسانيد وغير ذلك من المباحث ..
4 - علم الجرح والتعديل: وهو علم ميزان الرجال، يبحث فيه عن أحوال الرواة من أمانة وعدل وضبط أو عكس ذلك من كذب أو غفلة أو نسيان، وكان علماء الجرح والتعديل يختبرون من يعاصرهم من الرواة، ويسألون عن السابقين، وغير ذلك.
وقد تفاوتت موازين النقد عند العلماء، فكان منهم المتشدد كابن معين، ويحيى بن سعيد القطان، وابن حبان، وأبو حاتم الرازي، وكان منهم المتساهل كالترمذي والحاكم، وكان منهم المعتدل كالبخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم.
ولخطورة هذا العلم، وهو علم رجال الحديث ومعرفة الرواة - حتى جعله علماء الحديث نصف علم الحديث - لأن الحديث سند ومتن، والسند عبارة عن الرواة، فقد وضع العلماء للنقد قوانين وحدودا يلتزم بها كل ناقد، بحيث لا يقبل كل نقد بإطلاق، بل لابد وأن يصل الناقد إلى درجة العدالة والضبط تؤهله لذلك، وأن يكون عنده إلمام كامل بأحوال من ينقده من الرجال، وأن يكون الحكم متجردا، فلا يقبل قول المتنافسين، كل في حق منافسه، ولا قول من بينهما عداوة أو صراع، ولا بد وأن يكون الحكم بالجرح مصحوبا


بسببه، فلا يقبل جرح إلا مفسرا، لأنه قد يكون السبب الذي عده المجرح قادحا غير قادح في نفس الأمر، أو في رأي غيره من العلماء .. وقد انتهى العلامة ابن حجر -يرحمه الله- استنباطا من الأحكام الواردة عن أئمة الجرح والتعديل، واستنادا إلى آراء غيره من العلماء إلى وضع مراتب ستة للتعديل والتجريح، حيث إن مراتب الرواة تتفاوت في التحقيق والتثبت.

Post a Comment

أحدث أقدم