اتخاذ القدوة
مهما يكن لدى المرء من طاقات وقدرات ومواهب ومهما يكن لديه من وسائل وأساليب يستثمرها لتربية ذاته وتزكيتها فإنه لا يستغني بأي حال من الأحوال عن وجود قدوة من بني جنسه تكون له نبراسا وهاديا في سيره إلى ربه ، وتؤثر القدوة تأثيرا كبيرا في تكوين شخصية الفرد وصقلها حيث أن الإنسان ميال بطبعه إلى التقليد والمحاكاة ، ولهذا المكيل أسس نفسية يرتكز عليها هي :
1. الرغبة في التقليد والمحاكاة للمماثلين والمشاكلين
2. الاستعداد النفسي الذي يتغير حسب الظروف والأحوال والأشخاص
3. الهدف أو الدافع الغريزي الذي قد يكون معروفا لدى المقلد أو لا يكون(3)
4. الشعور بالنقص وقلة الخبرة والحاجة إلى التعلم
وفي التربية الإسلامية يتحول هذا التقليد أو يوجه إلى ما يسمى بالإتباع ، والإتباع هو عملية فكرية يمزج فيها بين الوعي والانتماء والمحاكاة والاعتزاز في ظل البصيرة والحجة ، ولذلك كان الخطاب الإلهي بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم } [ آل عمران : 31 ] وقال : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153]
فلما أراد الله إقامة الحجة على الناس لم ينزل إليه الكتب فحسب بل أرسل إليهم الرسل ، ومن رحمة الله عز وجل أن كان الرسل والأنبياء من بني البشر حتى يكون ذلك أدعى للإتباع وأحرى بالإقتداء ، ولو كان الرسول ملكا من الملائكة لاحتج الناس بضعفهم وعجزهم وعدم طاقتهم على مجاراة الملك فيما يصدر منه من أفعال وتصرفات ، قال تعالى : { وقالوا لولا أنزل  عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ، ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون } [ الأنعام : 8 ، 9 ] وهكذا حتى يحصل كمال الإقتداء والاتساء كانت قدوات البشر من بني جنسهم


(3) الرسول العربي المربي : عبد الحميد محمد الهاشمي ، دمشق ، دار الثقافة للجميع ، 1401هـ ، ص 433

Post a Comment

أحدث أقدم